ماذا تقول يا صاحبي "من الإنعاش إلى إن عاش"!!

● ما يزال يلح على الخاطر، ويقلق البال سؤال، تتباين حياله الآراء ووجهات النظر التي بغالبيتها العظمى- وبخاصة في إطار الظروف الراهنة، حيث تتفاقم المشكلات والأوضاع، وتشتد الأخطار المحدقة بالشعب والوطن- تقرّ بغرابته مستهجنة بقاءه دون إجابة شافية!!  

■ أخالك تعني السؤال عن أسباب استمرار معاناة المواطنين ،وغرابة الإحجام عن ملاقاة مطالبهم بعمل جادّ مخلص لإنهاء المعاناة وتحقيق المطالب والمطلوب!! وهذا  لعمري وكما هو معروف للجميع من أهم وأولى مهمات الحكومات تجاه شعوبها!

● الحقيقة أن ما أعنيه وبالتحديد هو الأسباب الكامنة وراء التناقض الصارخ بين ما يقوله رجال الحكومة –وحتى المدراء التنفيذيين–في دوائر ومؤسسات وقطاعات الدولة وما بين أفعالهم ،وحتى لا أطيل وأتعب ذهن القارئ العزيز سأتكلم في صلب الموضوع مباشرة : نسمع من هؤلاء المسؤولين صباح مساء أقوالاً "متفائلة" تطلق هنا وهناك رنّانة طنّانة سرعان ما يتبين لكل ذي سمع وبصر أنها " تجانب " الواقع المعاش تماما، هاربة من مجابهة الاستحقاقات الشاخصة والأخطار المتفاقمة التي تهدد الشعب والوطن!! 

■ إن كنت تريد الشكوى فسأقصّر عليك الطريق، ويكفيك أن تتقدم بشكواك أي "ترفعها" مكتوبة إلى من بيدهم الحل والربط، ضعها في صندوق بريد الحكومة وهي بلا أدنى شك ستجد طريقها إلى الحفظ والصون وستؤخذ حتما بعين الاهتمام والاعتبار، وفهمك كفاية. فالعلاقة القائمة بين من يعانون وليس بيدهم الحل وبين أصحاب الأمر والشأن الذين لا يعانون علاقة "أخذ وعطاء"، فهؤلاء يتذمرون متألمين وأولئك يعدون مطمئنين "كلام بكلام " يطلق من وراء الميكرفونات وعلى صفحات الجرائد وشاشة التلفاز، وحسبي أن أذكّرك ببعض الأمثلة السريعة: العرائض والوفود والمراجعات، كم عريضة "رفعت" لمقام الحكومة والمسؤولين تشرح أحوال المواطنين ومطالبهم، لا أقول عشرات أو مئات، بل أقول آلاف العرائض، وفي مقدمتها العرائض المطالبة بوضع حد لفلتان الأسعار وتلبية احتياجات أبناء الشعب من أصحاب الدخل المحدود والفقراء. فماذا كانت النتيجة ولا أقول النتائج، فهي معروفة للجميع!!

● النتيجة يا صاحبي هي أن المعاناة  تستمر وتتفاقم، ويبقى السؤال قائماً:  ما الأسباب الكامنة وراء التناقض بين ما يقال وبين ما يجري على أرض الواقع؟!

■ أعتقد أن الأسباب هي  ذاتها الأسباب الكامنة خلف المقولات والوقائع التالية:           

اليد المنتجة هي العليا، ويتراجع الإنتاج!!

الاستثمارات طائلة، وهي محض افتراضات!!

البطالة محتواة، وهي في ازدياد وانتشار!!

القطاع العام خاسر، والحقيقة أنه مخسر!!

كميات السكر والرز متوفرة، والطوابير مازالت شاخصة تحت أشعة الشمس في منظر يحز في القلب ألما وقهرا!!، فكيف يقبل مسؤول يحترم الكرامة الإنسانية أن يسمح لمثل هذه المناظر المهينة أن تستمر، والأمر لايحتاج إلا إلى بعض الجدية والالتزام بهذا الشعب الطيب، وتتوفر أضعاف أضعاف الكميات المطلوبة! وهذا يدفع إلى التساؤل: هل مايحدث هو أمر متعمد ليبقى الناس لاهثين وراء لقمة العيش مهمشين مهشمين؟؟! 

وكذلك الحال في محطات بيع المازوت في الوقت نفسه الذي يجد فيه المسؤولون" كل ما يحتاجونه" متوفرا!!

الصحة مضمونة، لكنها في الواقع "مأجورة"!!

التعليم الخاص دعم للتعليم العام، والواضح أنه موغل في الخصوصية!!

وفي إضعاف التعليم العام!!

المعاملات تتحسن والروتين يتراجع، والحاصل مزيد من هدر الوقت وامتهان كرامة المواطن!!          

● الخلاصة يا صاحبي أن الهمّ الخاص للمواطن كفرد "عُمّم " وصار همّا عاما لا أحد يسعى لعلاجه، بينما يستميت الانفتاحيون في تخصيص العام "الملكية العامة"

لتصبح بأيدي أفراد و"شركاء" يبيضون الأموال التي نهبوها من عرق ودم الشعب ومن خيرات وثروات الوطن!! وسيبقى هذا التناقض يشتد ويستفحل .. ولا علاج له إلا الحساب والمحاسبة، فهل هناك من محاسب؟؟! فماذا تقول يا صاحبي؟!