«قاسيون» في لقاء مع الفنان اللبناني شربل روحانا: يبقى الحل بالمقاومة.. المقاومة المستمرة..

في حضن «الملاجة»، وفي قلب ذاك الوادي المكتظ بأصوات أزاميل النحاتين وصيحات الشعراء وأنغام الموسيقى، بين أغصان الأشجار الدائمة الخضرة التي اختزنت بين أوراقها ذكريات تتراكم كل عام، يعود مهرجان السنديان هذا الصيف ليزيد الوادي ألقاً والملاجة سحراً.

وكعادته في استضافة كبار الموسيقيين العرب، وبعد استضافته للفنان العراقي نصير شمة العام الماضي، اختتم المهرجان بأمسية موسيقية للفنان اللبناني شربل روحانا الذي أطرب الحضور بمجموعة من مؤلفاته وبباقة من الأغاني التراثية التي غناها بصوته، شربل روحانا الذي رافق الفنان مارسيل خليفة سنيناً طوالاً في فرقة الميادين، عازف العود والمؤلف المخضرم، رحب بنا وكان لنا معه اللقاء التالي:

■ ما دوركم كموسيقيين أكاديميين في تفعيل الحركة الثقافية عموماُ وتفعيل الثقافة الموسيقية الشرقية بين شعوب المنطقة المهددة بهويتها في ظل العولمة والغزو الثقافي ؟

ـ أحب في البداية أن أدمج الأكاديمية مع الجانب الفني الذي يجب أن لا يكون محصوراً فقط في مضمار تدريس الموسيقى، بقدر ما يكون انعكاس الأكاديميين على الحياة الثقافية والفنية، أنا كأكاديمي أتمنى أن يكون لي دور متنوع أكثر، فني أكثر يطال شريحة أكبر من شريحة الطلاب، نحن كموسيقيين نقوم ما بوسعنا لنحافظ على أنفسنا قبل الحفاظ على الهوية، لدينا مشروع لمقاومة هذه الفوضى الفنية المنتشرة عبر الفضائيات والمدعومة من قبل الكثير من شركات الإنتاج، إذا ما فكرنا في المحيط الفني الذي نعيشه سوف نتعب، ولكن تيقى هناك محطات مضيئة، كالمهرجانات، الأشخاص الذين يتصلون بنا ليهنئونا على عمل ما، وغيرها من الأمور التي تحفزنا وتعطينا القابلية للاستمرار بالعمل.

■ قبل رؤية مشروعك الفني المستقل عام 1993 عبر ألبوم «سلامات» عرفناك في فرقة الميادين إلى جانب الفنان مارسيل خليفة وهذا السياق الفني الإنساني، نراه ضمن مشروع واحد مع مشروعك الفني المستقل، ما هي نقاط التقاطع والاختلاف مع مشروع مارسيل خليفة؟

ـ  التقاطع أخلاقي موسيقي، عدا التقاطع الفني، أنا تأثرت جداً بمارسيل خليفة، ليس كونه قريبي فحسب، بل لكونه النموذج الأول الذي رأيته أمامي في العزف والغناء والتلحين، لذلك يشرفني وجود هذا التقاطع، إلى جانب الإصرار على التفتيش في العمق عما في داخلنا لنقوله للناس، أن يكون هناك جدية في التعاطي مع كل القضايا، لنحترم أنفسنا في البداية ونحترم الناس، نحن لا يسعنا سوى تقديم الموسيقى والأغاني متمنين أن يعود ما نقدمه على الناس بالفائدة.

■ تجربتك على مستوى التأليف والتوزيع الموسيقي هي ضمن قوالب شرقية الانتماء ولكن في الوقت نفسه مستفيداُ من علوم الموسيقى الغربية كما برز في آخر ألبوماتك مثل: «همزة وصل / مزاج علني وغيرها»، هذا المشروع الراقي المتطور كيف تراه اليوم، وكيف ترى استمراريته ونشره بين الناس؟

ـ مما لا شك فيه أنني تعاملت مع الآلات الغربية ولكني لم أقرر يوماً عن قصد أو غير قصد أن أتخلى عن الجانب الذي له علاقة بالجذور الشرقية، ولكن أنا كأكاديمي أدرّس الموسيقى للطلاب ليمروا على كافة العظماء والمؤلفين العرب والشرقيين قبل التفكير بالانتقال إلى أية مدرسة أو منهج آخر، على الطالب أن يتسلح بالتراث ليكون الدرع الواقي ضد أي خطر على الهوية.

■ سمعنا أنك بصدد إصدار ألبوم جديد تغني فيه شخصياً، ما مدى صحة ما تتناقله وسائل الإعلام حول هذا الموضوع؟

ـ  ليس بالضرورة أن أغني بشكل منفرد ولكن الألبوم سيكون ألبوماً غنائياً مع مجموعة من الشباب، الخبر الأكيد أننا نعمل على هذا المشروع، مؤخراً أصدرت أغنية منفردة تحت عنوان «لشو التغيير» تعالج الوضع اللبناني الحالي وقد يكون هناك تتمة للأغنية عبر الألبوم القادم في الـ 2006، مرت أربع سنوات ونحن نحاول إصدار عمل جديد ولكننا اليوم نتعاطى مع الموضوع بجدية أكثر مما سبق.

■ إذاً ما رأيكم في الوضع اللبناني حالياُ والموقف من سورية، وما هو دوركم كموسيقيين تقدميين في توعية الشارع اللبناني؟

وجودي اليوم في سورية هو خير دليل أنه لا يجب أن تكون هناك أية مشكلة مع الثقافة السورية والشعب السوري، أنا لا أستطيع أن أحل مكان القضاء لأقيم الأخطاء التي ارتكبت، دوري هو في أن أجد مساحات للتقاطع والتقارب مع الثقافات والدول الأخرى، هناك الكثير من الناس يهتمون بالثقافة والموسيقا والفنون وإعلاء شأن الفرد العربي، أنا أعمل في هذا الاتجاه دون أن أتطلع إلى الأمور السياسية، حتماُ لدي أفكاري وآرائي الشخصية، ولكن ليس بالضرورة أن يتحول إلى مقاطعة، برأيي إن الثقافة والموسيقا والفن أعلى وأهم من السياسة لأن السياسة مرحلية أما الثقافة فتمتد إلى أمد أطول بكثير.

■ مامدى تقاطعات تجربتك  مع التنظيمات السياسية؟

ـ أنا مع مارسيل خليفة في فرقة الميادين، أنا مع القضايا العادلة لذلك كنت مع مارسيل، أنا تعلمت أن أكون مع القضايا العادلة بحكم تربيتي في المنزل أولاً ومن البيئة والمجتمع الذي عشت فيه، لا يهم إن كنت في تنظيم أو لا ولكنني كنت في فرقة الميادين وهذا كاف بالنسبة لي.

■ هل تقبل أية دعوة توجه إليك من قبل منظمات شبابية، طلابية، أو أهلية غير حكومية؟

ـ نناقش الدعوة مع من يدعونا، ندرسها، واحتمال تلبية الدعوة وارد جداُ، تلقيت الدعوة من إدارة مهرجان السنديان، تحمست للفكرة، وإمكانية حدوث شيىء مشابه وارد أيضاُ.

■ كلمة أخيرة توجهها لقراء جريدة «قاسيون» الشيوعية؟

ـ كل منا يجب أن يعمل وفق إمكانياته، أنا كموسيقي وأنتم كسياسيين، علينا أن نحفر في المكان الصعب، هذا قدرنا، على أمل أن لا يصيبنا التعب، إلا أننا كقراء أو غير قراء، كشعوب عربية، تعرضنا للكثير من الهزائم العسكرية والداخلية، ولكن يبقى الحل بالمقاومة.. المقاومة المستمرة.

«الملاجة» 27/ آب/2005

 

■ حاوره: جورج الدروبي