ربّما! نشرٌ يليق بجهلنا

إذا ما بحثنا عن محلّ الناشر السوري من الإعراب في سياق الجملة الثقافية فسوف نجده ممنوعاً من الصرف، على الرغم من كونه لا يوفّر جهداً في جهل الصرف استراتيجية، فتقريباً لدى أهل هذا الكار هوس محموم في أن يكونوا صيارفة أكثر من أن يكونوا وراقين.

وإذا ما كانت مشكلة القراءة واحدة من أكثر مشكلاتنا تعقيداً، وكنّا شعباً لا يقرأ، وكان الكتاب في الدرك الأسفل عندنا، نتيجةً لعوامل تتوزع بين الاجتماعي والاقتصادي والرقابي، وسواها.. فهذا لا يعني بحالٍ من الأحوال إعفاء ناشرينا من مسؤولياتهم الأخلاقية والثقافية، ماداموا اختاروا هذا المجال مهنةً، لأنّهم لم يعملوا على تحقيق الحد الأدنى من المأمول منهم، ولنا أن نضعهم في موقع المساءلة، لنعرف كم من كتاب مثير للجدل صدر في السنوات الأخيرة؟ وإلى أي البلاد أوصلوا كتابنا المحلي؟ وماذا فعلوا بخصوص رفد المكتبة العربية بالترجمات الجديدة التي تضعنا في سياق الراهن في العالم؟ ولماذا ما تزال حركة النشر على صورة جهلنا؟ وهل شكلوا هوية فكرية أو جمالية تخصّ دورهم؟ ثم ما جدوى بقائهم في هذا المضمار مادام مجحفاً، وغير مجدٍ إلى الحد الذي يتشاكون منه؟

في هذه العجالة نضع الاعتبارات الأخرى جانباً، سواءً ما تعلّق منها بالحركة الاقتصادية وكساد هذه البضاعة، أو ما ارتبط بالمزاج العام الميّال إلى الاسترخاء، أو ما تعيقه قوانين الرقابة الجائرة، لندعو إلى فحص شخصية الناشر ومقدار كفاءته المهنية والضميرية، صحيح أنه يمثل الحلقة الأضعف في عملية تسيرها رياح الأقدار، لكن الصحيح أيضاً، وأيضاً، أنّ ناشراً هو خليط يجمع ثلث التاجر، بثلث المقاول، بثلث المثقف أو المبدع لا يعوّل عليه، حتى لو كانت كلّ الظروف مواتية ومناسبة، فأين نضعه في واقع شديد القسوة إلى درجة الحاجة إلى نضال؟