الدول الإمبريالية نادٍ مغلق يستولى على عمل الجميع
مايكل روبرتس مايكل روبرتس

الدول الإمبريالية نادٍ مغلق يستولى على عمل الجميع

في 2021، نشرت أنا وغولييلمو كارشيدي بحثاً بعنوان «اقتصاد الإمبريالية الحديث». ركز البحث على الجوانب الاقتصادية للإمبريالية. عرّفنا ذلك بأنّه «الاستيلاء الصافي المستمر وطويل الأجل من قبل البلدان الرأسمالية المتقدمة ذات التكنولوجيا العالية، على القيمة الزائدة من البلدان ذات التكنولوجيا المنخفضة التي تهيمن عليها». لقد حددنا أربع قنوات تتدفق من خلالها القيمة الزائدة إلى البلدان الإمبريالية: رسم سك العملة currency seigniorage، وتدفقات الدخل من الاستثمارات الرأسمالية، والتبادل اللامتكافئ UE من خلال التجارة، والتغيّرات في أسعار الصرف.

ترجمة: أوديت الحسين

ولم ننكر الجوانب الأخرى للهيمنة الإمبريالية على العالم، أي على وجه الخصوص: القوة العسكرية والسيطرة السياسية على المؤسسات الدولية «الأمم المتحدة، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، إلخ». لكن في هذه الورقة ركزنا على الجوانب الاقتصادية، التي جادلنا أنها كانت العامل الحاسم النهائي الذي يدفع هذه السمات الأخرى المهمة للغاية، مثل الهيمنة العسكرية والسياسية، فضلاً عن التفوق الثقافي والأيديولوجي.
وجدنا أنّه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حصلت الكتلة الإمبريالية سنوياً على 1٪ من ناتجها المحلي الإجمالي من خلال تحويل القيمة الزائدة في التجارة الدولية من بقية الاقتصادات «النامية» الرئيسية في مجموعة العشرين، بينما خسرت الأخيرة حوالي 1% من ناتجها المحلي الإجمالي في القيمة الزائدة المحولة إلى الكتلة الإمبريالية. وكانت هذه النسب في ارتفاع مستمر.
أما المجال الكبير لتحويلات الدخل فقد جاء من التدفق الدولي للأرباح والفوائد والريوع التي استولت عليها الكتلة الإمبريالية بسبب استثمارها/امتلاكها الأصول، الملموسة والمالية، في دول الأطراف. قمنا بقياس ذلك من صافي تدفقات الأرباح والفوائد والريوع إلى الكتلة الإمبريالية ــ ما يسميه صندوق النقد الدولي: صافي دخل الائتمان الأولي primary credit income ــ مقارنة بتلك الموجودة في بقية مجموعة العشرين.
في هذا المقال، قررت تحديث هذا الجانب من الهيمنة الاقتصادية من خلال مقارنة إجمالي تدفقات الدخل الائتماني الأولي لاقتصادات مجموعة السبع وبريكس. خلال سنوات القرن الحادي والعشرين، أصبح إجمالي تدفقات الدخل إلى مجموعة السبع الآن أكبر بسبع مرات من تلك التي تتلقاها مجموعة البريكس.
بلغ صافي التدفق السنوي للدخل إلى اقتصادات مجموعة السبع حوالي 0.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة السبع. والواقع أن الاقتصادات الإمبريالية الخمسة الكبرى حصلت على نسبة مذهلة بلغت 1.7% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي من هذه التدفقات الصافية. في المقابل، خسرت اقتصادات دول البريكس 1.2% من ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً في صافي التدفقات الخارجة.
إذا نظرت إلى صافي تدفقات الدخل لكل من دول مجموعة السبع ومجموعة البريكس، فإن أكبر الرابحين على مدى العقدين الماضيين كانت اليابان: بممتلكاتها الضخمة من الأصول الأجنبية، والمملكة المتحدة: المركز الريعي للدوائر المالية. وكانت دول البريكس التي خسرت أكبر قدر «كحصة من ناتجها المحلي الإجمالي» هي جنوب أفريقيا وروسيا.
الآن، إذا أضفت 1% من مكاسب/خسارة الناتج المحلي الإجمالي في الدخل من التجارة الدولية الموصوفة أعلاه، فإن الكتلة الإمبريالية تستفيد من نحو 2-3% من ناتجها المحلي الإجمالي كل عام من استغلال مجموعة البريكس، أي الاقتصادات الرئيسية في العالم. يعادل هذا في الواقع متوسط ​​نموها السنوي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في القرن الحادي والعشرين.

العائد الزائد والكتلة الإمبريالية

نشرت قاعدة بيانات مجموعة «عدم المساواة العالمية WID» تحليلاً عميقاً لما يسمونه «العائد الزائد excess yield» الذي حصلت عليه الكتلة الإمبريالية الغنية من الأصول الموجودة في الخارج. ويخلص التقرير إلى أنّ إجمالي الأصول والالتزامات الأجنبية أصبحت أكبر بشكل خاص في البلدان الغنية، وأنّ الثروة الأجنبية بلغت حوالي ضعف حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أو خُمس الثروة العالمية. تسيطر الكتلة الإمبريالية على معظم هذه الثروة الخارجية، حيث تستولي أغنى 20% من البلدان على أكثر من 90% من إجمالي الثروة الأجنبية. تحدّث التقرير عن الثروة المخبأة في الملاذات الضريبية والدخل الرأسمالي المتراكم منها.
يتم تعريف العائد الزائد على أنه الفارق بين العوائد على الأصول الأجنبية والعوائد على الالتزامات الأجنبية». ويخلص التقرير إلى أن هذا العائد قد زاد بشكل كبير بالنسبة إلى أغنى 20% من البلدان منذ عام 2000. ويعادل صافي تحويلات الدخل من أفقر البلدان إلى أغناها الآن 1% من الناتج المحلي الإجمالي في أعلى 20% من البلدان (و2% من الناتج المحلي الإجمالي في أغنى 10٪ من البلدان)، في حين تدهورت نسبة شريحة الـ 80% من الدول الأدنى بنحو 2 إلى 3% من ناتجها المحلي الإجمالي.
ما كان لافتاً للنظر هو أنّ الكتلة الإمبريالية من البلدان كما عرفناها في عام 2021 كانت ذاتها تقريباً تلك الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة التي حددها لينين على أنها الكتلة الإمبريالية في 1915 – حوالي 13 دولة أو نحو ذلك. لم تكن هناك أي إضافات تقريباً إلى النادي، فقد كان مغلقاً أمام الأعضاء الجدد. هيمنت الكتلة الإمبريالية على الاقتصادات الرأسمالية الناشئة في القرن الماضي. تؤكد الدراسة التي أجرتها WID هذا الاستنتاج. ففي بياناتهم على مدار الخمسين عاماً الماضية، لم تتغير الكتلة الإمبريالية وزادت من استخراج دخل الثروة من البقية، بما في ذلك من الصين والهند والبرازيل وروسيا.
يقودني هذا إلى بعض الأفكار حول مسألة الاستغلال الفائق. تم تعريف الاستغلال المفرط على أنه «عندما تكون الأجور منخفضة للغاية لدرجة أنها أقل من قيمة قوة العمل، أي مقدار القيمة اللازمة للحفاظ على أداء العمال وتكاثرهم بالقدر الكافي لمواصلة العمل». العمال الذين لديهم أجور ومستويات فوائد أقل من ذلك هم معوزون paupers في الواقع. لقد قيل إن هذه هي السمة الرئيسية للاستغلال الإمبريالي للجنوب العالمي. الأجور هناك منخفضة للغاية لدرجة أنها أقل من قيمة قوة العمل. إن الاستغلال الفائق هو الذي يمكّن الشركات الإمبريالية متعددة الجنسيات من تحقيق أرباحها الفائقة عبر التجارة ودخل الاستثمار.
في بحثنا الأصلي، تساءلنا عما إذا كان «الاستغلال المفرط»، الموجود بلا شك، هو المحرك الرئيسي لتحويل القيمة الزائدة من البلدان الفقيرة إلى البلدان الغنية. ومن وجهة نظرنا، فإن آلية الاستغلال الرأسمالي ونقل القيمة الزائدة كانت تؤدي المهمة دون الحاجة حتّى إلى اللجوء إلى الاستغلال الفائق باعتباره السبب الرئيسي.
بالنظر إلى مستويات أجور الفقر في اقتصادات مجموعة السبعة والبريكس وفقاً لمصادر البنك الدولي. استناداً إلى نسبة العمال الذين يكسبون أقل من معدل أجور الفقر في بلدانهم «وفقاً لمعايير البنك الدولي»، أعتقد أن ما يقرب من 5 إلى 10% من عمال مجموعة السبع يتعرضون «للاستغلال الفائق»، بينما تصل هذه النسبة في دول البريكس إلى حوالي 25-30%. لكن هذا لا يزال يعني أن 70% من العمال في مجموعة البريكس، رغم أنهم يكسبون يومياً أقل بكثير من عمال مجموعة السبع، فإن أجورهم لا تقل عن قيمة قوة عملهم على أساس وطني. إن استغلال العمال في الجنوب العالمي أمر ضخم، لكن الاستغلال المفرط في حد ذاته ليس السبب الرئيسي في قدرة الدول الإمبريالية على الاستيلاء على القيمة الزائدة من الدول الأخرى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1172
آخر تعديل على الإثنين, 06 أيار 2024 17:59