أنقذوا الليرة من (الفنيين)!

أنقذوا الليرة من (الفنيين)!

يتفق جميع الاقتصاديين على أن سياسة المصرف المركزي النقدية، (سياسة فنية) أي تخلو من تعقيدات الوظائف السياسية التي على المركزي القيام بها، وضعيفة فنياً أيضاً.. ومقابل هذا يدور في الغرف المغلقة، والاجتماعات النوعية (لعتاة السياسة النقدية) في سورية، مقترح جديد للعلاج بالصدمة..

يطرح البعض اليوم ما يعتبرونه علاجاً جذرياً لمسألة سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وذلك بأن يقوم المركزي بتحديد سعر الليرة التوازني مقابل الدولار، الذي يتفق الجميع دون تبيان الأسباب، على أنه أعلى من السعر الحالي! ليقلب المركزي سياسته ويقوم بشراء الدولار من السوق وفق هذا السعر المرتفع الصادم.. ويعتبرون أنه بهذه الحالة من الممكن تحويل التضخم إلى عنصر إيجابي. ومفاد هذا أن تفقد الليرة سريعاً جزءاً كبيراً من قيمتها، ويتم التعويض بطباعة العملة لزيادة الأجور والإنفاق. ويستشهد هؤلاء بتجارب لبنان وتركيا وغيرها ممن عدلوا قيمة العملة بعد مستويات عالية من التضخم.

يعتبر هذا الطرح بمثابة علاج بالصدمة، حيث أن خسارة الليرة بشكل سريع لقيمتها، هو خسارة الدولة لقيمة المال العام الذي تملكه، وهو طباعة عملة، أي تمويل بالعجز بمستويات قياسية. وهذا قد يدخل المالية العامة في عجز غير مسبوق، مع ما قد يعقبه من احتمالات مفتوحة، قد تبدأ من التحول نحو السماح بالتداول بالدولار أي (الدولرة)، لأن إنفاق الدولة اليوم هو واحد من محددات تثبيت التعامل بالليرة، وقد تنتهي بتوقف الدولة عن الإنفاق، وإعلان الإفلاس..

إن خياراً (فنياً احترافياً) من هذا النوع، هو تسريع صادم لعملية دهورة قيمة الليرة السورية وانهياراها (بالنقاط)، التي تتم منذ بدايات الأزمة وتتسارع في عام 2016.

 

والأهم من هذا وذاك أن هذا (الخيار الفني الاحترافي) لا يغير شيئاً من الأسباب التي تؤدي إلى التراجع الموضوعي لقيمة الليرة. التي يهددها بشكل أساسي وجود قلة قليلة مهيمنة على الموارد، وتحول أرباحها من الليرة إلى الدولار، وتهربها خارج البلاد، وهي التي تمنع توسيع الإنتاج الذي يحمي الليرة، وتمنع أية سياسة اقتصادية انعطافية جذرية، وعملياً هذا الإجراء الفني، لا يختلف من حيث الجوهر في خدمته لمصلحة كبار الناهبين أعداء الليرة..