مشاريع «خلبية» لمدير «الخزن والتسويق» خارج سياق حاجة السوريين

صاغ مدير الخزن والتسويق توجهاً جديداً لمؤسسته لا يلامس حاجات الشريحة الأوسع من السوريين في هذه الأيام، ولا يرتقي لمستوى الدور المفترض لعبه من جانب المؤسسة في ظل الأزمة الحالية، فالمؤسسة تريد إقحام نفسها بدور فاعل في «مشاريع بيع السيارات تقسيطا بالسعر النقدي، وبأسعار يلمس من خلالها المواطن التدخل الايجابي على حقيقته، وكذلك مشروع تقسيط الأدوات الكهربائية والمفروشات المنزلية»، والحديث بطبيعة الحال للمدير الموقر للمؤسسة أنفة الذكر، فهل هذه هي المؤسسة المعنية بمثل هذه المشاريع؟! وإذا ما سلمنا سلفاً بذلك،  فهل هذا هو التوقيت المناسب لطرح مثل هذه المشاريع أساساً؟!.. فمشاريع مدير «الخزن والتسويق» ليست أكثر من «خلبية»، لكونها وبالدرجة الأولى أتت خارج سياق أولويات السوريين وإمكاناتهم..

 

 

ليس بوارد السوريين لآن!

امتلاك السيارات السياحية ليس بوارد السوريين اليوم، فلا البحث عن اقتناء السيارات من أولوياتهم الآن، ولا قدراتهم الشرائية المتدنية تسمح لهم بامتلاكها، وهذا التراجع ما هو إلا نتاج توقف أو تراجع مداخيل شريحة غير قليلة من السوريين نتيجة الظروف الحالية، كما أن امتلاك السيارات بالتقسيط في أيام الازدهار كان يجري بمساعدة قروض المصارف الخاصة، فهل تريد المؤسسة لعب دور المصارف الخاصة والتخلي عن أساسيات عملها؟! أم أنها نجحت في تخفيض ولجم ارتفاع أسعار المواد الأساسية لذلك قررت تعميم «نجاحاتها» على قطاعات أخرى؟! ، فأداء المؤسسة لم يلامس بشكل كبير، حتى في أيام الأزمة التي نعيشها اليوم، مطالب ذوي الدخل المحدود بتخفيض الأسعار..

المدخرات المتواضعة التي بحوزة السوريين في هذه الأيام العصيبة لم تعد مسموحاً تخصيصها لشراء حاجات كمالية «كالسيارات»، بل تفرض ظروف مداخيلهم الحالية التعاطي معها بحرص أكثر من السابق، وتوظيفها في مجال الإنفاق الضروري..

 

«تغريدة» خارج السرب

أكاد ازعم أنها «تكويعة» لم يكن ليتوقعها أحد، فهاجس المؤسسة المفترض يجب أن ينصب على توفير المواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية من الخضار والفواكه واللحوم والأسماك والبيض وغيرها بأسعار مناسبة، وخاصة في الظروف الحالية التي تشهد فيها الأسواق غلاءً فاحشاً في أغلب المواد، والتي تهم شريحة لا تقل عن 90% من السوريين، لا أن ينصب الاهتمام على طرح السيارات السياحية للبيع بالتقسيط عبر المؤسسة، وهو ما يعبر عن اهتمام شريحة لا تتعدى 5% فقط في أحسن الأحوال، فهذه «التكويعة» لا تعبّر إلا عن تجاهل مقصود من قبل إدارة المؤسسة لأساسيات دورها المرتبط بتأمين المواد الاساسية والسلع الضرورية، وإلا فلتحدثنا عن اسعار المواد الاساسية في صالات المؤسسة، وعن «نجاحاتها» على هذا الصعيد، بدلاً من الحديث عن مشاريع لا تلامس مطالب السوريين حالياً، أم أن ذلك يأتي من باب تعويض عدم نجاح المؤسسة في لعب الدور الاساسي المناط بها وبصالاتها، فهل تعلم الادارة أن غالبية السوريين يشتكون من ارتفاع الاسعار في تلك الصالات، والتي دخل الاستثمار إليها من اوسع أبوابه، بعكس ما يدعي البعض من انخفاضها بنسبة 30% مقارنة بالأسواق، فالعديد من تلك الصالات بات بيد المستثمرين، وهم خارج سلطة المؤسسة بطبيعة الحال، كما أن آلية شراء بعض المواد الاساسية من خلال التجار، جعلت من إمكانية وجود السعر المنافس صعبة التحقيق والمنال، وهذا ما أفشل المؤسسة في المحصلة النهائية، وحجّم دورها الايجابي لحساب الشريحة الاوسع من المجتمع، لعجزها عن تخفيض اسعار المواد الاساسية وليس الكمالية كما يطمحون حالياً..

 

تساؤلات؟!

يطرح متابعون اسئلة هي برسم إدارات مؤسسات التدخل الايجابي عموماً، والخزن والتسويق بشكل خاص، فهل استطاعت صالات مؤسسة الخزن والتسويق انتزاع ثقة المستهلكين خلال السنوات الماضية عموماً؟! وفي أيام الأزمة الحالية بشكل خاص! وجواب السوري سيكون بالنفي في أغلب الاحيان، فهذه الثقة كان يفترض بها أن تتكون عبر قدرة المؤسسة على تأمين المواد الاساسية بأسعار مقبولة ومنافسة للأسواق، ولكن هذا لم يحصل في أحيان كثيرة، فأشد المتفائلين لا يعطي مؤسسات التدخل الايجابي أكثر من 10% من حصة السوق الاجمالية، وهذه ليست بحصة مقارنة بمئات الصالات والمجمعات المنتشرة في مختلف المحافظات منذ عقود طويلة..