فلنخطط لأمكنة العمل والسكن معاً.. توسيع العاصمة دمشق لم يعد يجدِي.. فلنخطط لمدن جديدة؟!
د. نزار عبد الله د. نزار عبد الله

فلنخطط لأمكنة العمل والسكن معاً.. توسيع العاصمة دمشق لم يعد يجدِي.. فلنخطط لمدن جديدة؟!

في الخمسينيات وصلت مدينة دمشق إلى حجمها الأمثل عمرانياً، وكانت غوطتها التي ينوف عمرها على ألفي عام معلما بيئيا متميزا جعلها جنة يتغنى بها الشعراء (خلفت لبنان جنات النعيم، وما نبئت أن طريق الخلد لبنان- شوقي)، ومن يحب دمشق عليه أن يسعى للحفاظ على غوطتها، أما أعداؤها، فإنهم يريدون تدمير فرادتها بإغراقها بالكتل الإسمنتية الهجينة الطابع، وتحويلها لصحراء لا يكفي ماؤها ولا هواؤها لساكنيها.

ضخامة عدد السكان ليست ميزة إيجابية لأيةعاصمة على الإطلاق، فبرلين عاصمة ألمانيا الاتحادية بلغ عدد سكانها 3،4 مليون نسمة في العام 2000، أي ما يعادل 4% من إجمالي عدد سكان ألمانيا، كما أن قطر مدينة برلين 80 كم! وهي تضم بحيرات، وغابات، ومساحات خضراء فسيحة، بينما قطر مدينة دمشق 25 كم، وكانت لها غوطة ذات شهرة عالمية منذ القدم يقصدها الزوار من أجل أزهارها وتنوع نباتها من بلاد بعيدة.

فمن الرشيد أن نعد إستراتيجية للتنمية الاقتصادية، وإستراتيجية للنقل، وإستراتيجية للإعمار، وللمدن الصناعية قبل  كل شيء، فالتوزع العمراني في سورية يكاد يكون حصرا على الأراضي الزراعية، ناهيك عن أننا أسقطنا من الحسابات مساحات شاسعة خالية من المدن والقرى تزيد على ثلثي مساحة القطر، وهذا يهدد أمننا القومي!

فالرشاد الاقتصادي يقضي أن نوزع المدن السكنية الجديدة على كامل مساحة القطر، وحصرا على الأراضي غير الصالحة للزراعة، حيث تبلغ مساحة الأراضي الصخرية والرملية قرابة 3 مليون هكتار، وتصل مساحة المراعي 8،3 مليون هكتار، في حين تبلغ مساحة الأراضي الزراعية حوالي  6 مليون هكتار، فلماذا نفرط بهذه المساحات الصالحة للزراعة؟

فعدد السكان بلغ قرابة 23 مليون نسمة مطلع 2011، وقد تجاوز بذلك العدد الذي يجب أن تتوقف عنده عن النمو، ومن المنتظر أن يتضاعف عدد السكان خلال ربع قرن أو يزيد، ولذلك ينبغي أن نخطط لإسكانهم منذ الآن، ونشيد مدنا جديدة موزعة على كامل مساحة القطر، وأن نشيد شبكة من المدن الصناعية موزعة أيضا على كامل مساحة القطر، وهذا ما ذكرته إستراتيجية الإعمار والمدن الصناعية في الوطن العربي حتى 2050 – المركز العربي للدراسات الإستراتيجية – دمشق 200)، فلنخطط في آن واحد لأمكنة العمل والسكن معا.

ويحتم علينا الحجم الأمثل للمدينة اقتصاديا بمواردها المحدودة من ماء وهواء وفضاء إلخ.. التفكير بكيفية تشييد مدننا الجديدة التي يفترض أن ننقل إليها الزيادة السكانية عوضا عن التخطيط لتوسيع  العاصمة دمشق على حساب الغوطة، والأراضي الزراعية الخصبة في كفر سوسة، والصبورة، ويعفور!..

وقد خلصت دراسة لشركة «خطيب وعلمي» اللبنانية إلى اقتراح تطوير أربع مدن متخصصة، وتطوير 6 مراكز مدينة في ضواحي دمشق، وإلى ضرورة إشادة مناطق نمو شمال وشرق مدينة دمشق، وتشجيع الامتداد العمراني من حلب إلى درعا، مقدرين زيادة عدد سكان دمشق من 3،6 مليون إلى نحو6 مليون نسمة عام 2025، ولماذا نختزل الجمهورية العربية السورية بمدينة واحدة هي دمشق؟!. فهنالك مدن تاريخية عديدة أقدم منها مثل تدمر، وايبلا، وماري، وجرابلس، والصالحية الخ، فكلها تستحق أن توسع، وأن يعاد بناؤها وتطويرها!.

أما وبالعودة إلى تخطيط النقل في مدينة دمشق، فللمستقبل، علينا أن نراعي تصميم نموذج نقلي صالح للتطبيق في مدن كبيرة أخرى بأقل التكاليف مثل حلب، وحمص، وحماه.. بحيث يجب أن تقوم مكاتب خبرة عربية بالدراسة، على أن يكون لشركات القطاع العام الدور الأول، وللقطاع الخاص المحلي الدور الثاني بالدراسة والتنفيذ، أو بالإشراف أيضاً.

آخر تعديل على الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 15:00