قانون رقم 2- لعام 2005 دعائم البيروقراطية في القطاع العام الصناعي..

قانون رقم 2- لعام 2005 دعائم البيروقراطية في القطاع العام الصناعي..

تتقاطع رؤية أغلب طروحات إصلاح القطاع العام الصناعي، على مسمى البيروقراطية ليبدأ شتمها والتنكيل بها من كل حدب وصوب.. فكيف أصبحت البيروقراطية هي مسألة محورية في إعاقة عمل القطاع العام الصناعي، سنحاول أن نبين أحد وجوهها الكامن في القانون الذي ينظم عمل المؤسسات العامة الصناعية بعلاقتها مع المعامل والشركات التابعة لها والمشرفة عليها..

فالمؤسسة العامة للصناعات الغذائية تتبع لها سابقاً 19 شركة ووحدة إنتاجية موزعة على عشر محافظات توقف منها 5 شركات خلال الأزمة فقط، وأكثر من ذلك قبلها، والمؤسسة العامة للصناعات النسيجية يتبع لها أيضاً حوالي 25 شركة ومعمل نسيج بمراحله المتعددة، توقف منها ست شركات في حلب، وواحدة في دير الزور خلال الأزمة، واثنان قبلها.. وهكذا في كافة المجالات الصناعية كالهندسية والكيميائية  الموجودة في سورية..

صلاحيات المؤسسة

المؤسسة العامة وهي الجسم الإداري المركزي المشرف على الوحدات الإنتاجية يمتلك مجلس إدراتها القرار بكافة تفاصيل انطلاق واستمرار العملية الإنتاجية خلال العام، بدءاً من وضع: الخطة الاستثمارية/ الخطة الإنتاجية‏/ الخطة التجارية‏/ خطة اليد العاملة‏/ خطة التكاليف الريعية‏ / الموازنة التقديرية‏، ومن مسؤوليته دراسة التقارير السنوية وربع السنوية التي  يتقدم بها المعمل، وصولاً إلى رسم السياسات التفصيلية والبرامج التنفيذية والرقابة وهو الذي يضع المعايير ومعدلات الأداء، ويرسم سياسات وأهداف الإنتاج والتصدير والتسويق والاستثمار والعمالة والريعية والأسعار، وصولاً إلى استلام الفوائض المالية للمعامل.. كل هذه المهمات المرتبطة بعمل المعمل يقوم بأخذ القرار بها جسم إدراي منفصل هو المؤسسة العامة، ولا يمكن أن تتم تغييرات أو تعديلات طارئة عليها إلا بقراراته بعد الموافقة من وزارة الصناعة ورئاسة مجلس الوزراء..

صلاحيات المعمل..

أما إدارة الوحدة الإنتاجية أي المعمل أو الشركة الصناعية فهي تقوم بكافة المهمات المقررة من قبل المؤسسة، أي "تضع البرامج لتنفيذ الخطط الموضوعة من قبل المؤسسة العامة" فهي "تقترح فقط الخطة السنوية بكامل مكوناتها الاستثمارية والإنتاجية والتجارية وخطة اليد العاملة وخطة التكاليف والريعية والموازنة التقديرية." أما ما تستطيع القيام به مباشرة بلا عودة إلى المؤسسة فهو "اتخاذ ما يلزم لتوريد الفائض من مواردها الى المؤسسة العامة في المواعيد المحددة.‏"

القانون .. فرصة قطاع الأعمال

جميع الاقتباسات الموضوعة بين أقواس في المقطعين السابقين هي من قانون رقم 2- لعام 2005 الناظم لعمل المؤسسات العامة والمعامل والشركات التابعة لها، والذي تركزت كل مرونته في "السماح لهذه المؤسسات باستثمار الأملاك التابعة لها بأكثر الطرق ريعية"، والذي دفع نحو تأجير واستثمار لهذه الأملاك من جهة، وسمح لها أيضا "بالاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص" وهو الذي فتح بوابة التشاركية بين القطاع العام والخاص، أي أن مرونة هذا القانون كانت فرصة لقطاع الأعمال ومن يستطيع أن "يسمسر" باتخاذ القرار في المؤسسات الصناعية وهي المؤسسات المركزية وليس المعامل في أغلب الأحوال.. وكل ذلك كان في ضوء الاستفادة من قانون الاستثمار رقم (10) سيئ الصيت وتعديلاته ..

القرار الصحيح..
يملكه المنتجون لا البيروقراطيون

كلما ازداد ارتباط القرار بالعملية الإنتاجية، ضاقت مساحة البيروقراطية، ويرتفع جدوى القرار وفعاليته بارتباطه بالسرعة والراهنية، وهي صفات متاحة للمعامل ومجالس إدارتها وعمالها أكثر من مؤسسة منفصلة تضم كوادر إدارية وتشرف على عدة معامل.. حيث لا تستطيع مواكبة أي تبدلات تطرأ على العملية الإنتاجية، وتحديداً في ظروف متغيرة سريعاً كالظروف الحالية، واشتراط موافقتها وقرارها سيؤدي حتماً إلى هدر كبير.. نتيجة المماطلة التي تعتبر السبب الرئيسي لبطء حركة القطاع الصناعي العام.. كما أن مركزة القرار والموارد لكافة معامل شركات قطاع معين في مؤسسة واحدة يعتبر بوابة للفساد.
المطلوب أن يأخذ القطاع العام فرصته في الأزمة الحالية بعد أن أثبت أنه الاكثر قدرة على الإنتاج في أصعب الظروف، وهذا يتطلب إطلاق يد الوحدات الإنتاجية وزيادة مرونتها مع رفع المحاسبة والرقابة إلى الحد الأقصى، والفصل بين أنواع القرارات التي تتطلب مركزية والمتعلقة بالربط بين المعامل المختلفة، وبين القرارات التفصيلية..
لا يستطيع معمل قطاع عام شراء مولدة لمواجهة قطع الكهرباء، بلا موافقة ومخصصات من المؤسسة التابع لها.. ولا يستطيع معمل أن يعين عمال أو يثبت عمال مؤقتين إلا بموافقة سلسلة الجهات الأعلى، لا يستطيع الإنفاق على أي طارئ أو التصرف بالسيولة المتاحة إلا بما يدرج ضمن قرارات الخطة التي توضع من قبل المؤسسة التابعة.. بينما تتقاطع رؤية كافة المهتمين والعاملين في القطاع الصناعي حول مسألتين الأولى: مسؤولية المماطلة والبيروقراطية في الهدر والخسارة، والثانية ضرورة: إعطاء الصلاحيات للمعامل والمحاسبة لاحقاً..

القرار الصحيح.. يملكه المنتجون لا البيروقراطيون

كلما ازداد ارتباط القرار بالعملية الإنتاجية، ضاقت مساحة البيروقراطية، ويرتفع جدوى القرار وفعاليته بارتباطه بالسرعة والراهنية، وهي صفات متاحة للمعامل ومجالس إدارتها وعمالها أكثر من مؤسسة منفصلة تضم كوادر إدارية وتشرف على عدة معامل.. حيث لا تستطيع مواكبة أي تبدلات تطرأ على العملية الإنتاجية، وتحديداً في ظروف متغيرة سريعاً كالظروف الحالية، واشتراط موافقتها وقرارها سيؤدي حتماً إلى هدر كبير.. نتيجة المماطلة التي تعتبر السبب الرئيسي لبطء حركة القطاع الصناعي العام.. كما أن مركزة القرار والموارد لكافة معامل شركات قطاع معين في مؤسسة واحدة يعتبر بوابة للفساد.
المطلوب أن يأخذ القطاع العام فرصته في الأزمة الحالية بعد أن أثبت أنه الاكثر قدرة على الإنتاج في أصعب الظروف، وهذا يتطلب إطلاق يد الوحدات الإنتاجية وزيادة مرونتها مع رفع المحاسبة والرقابة إلى الحد الأقصى، والفصل بين أنواع القرارات التي تتطلب مركزية والمتعلقة بالربط بين المعامل المختلفة، وبين القرارات التفصيلية..
لا يستطيع معمل قطاع عام شراء مولدة لمواجهة قطع الكهرباء، بلا موافقة ومخصصات من المؤسسة التابع لها.. ولا يستطيع معمل أن يعين عمال أو يثبت عمال مؤقتين إلا بموافقة سلسلة الجهات الأعلى، لا يستطيع الإنفاق على أي طارئ أو التصرف بالسيولة المتاحة إلا بما يدرج ضمن قرارات الخطة التي توضع من قبل المؤسسة التابعة.. بينما تتقاطع رؤية كافة المهتمين والعاملين في القطاع الصناعي حول مسألتين الأولى: مسؤولية المماطلة والبيروقراطية في الهدر والخسارة، والثانية ضرورة: إعطاء الصلاحيات للمعامل والمحاسبة لاحقاً..

وزارة الصناعة.. (قمع صحفي)

"هناك تعميم من وزارة الصناعة يمنع أي جهة صناعية من التصريح للصحافة، إلا إذا كانت مرسلة من المكتب الصحفي للوزارة.." هذه الجملة الرتيبة التي تسمعها أي صحافة غير رسمية في سورية تتجه بالحديث إلى مؤسسات الدولة الاقتصادية ومعاملها وشركاتها ومنشآتها، والأكثر التزاماً بها هم الأضعف "بيروقراطياً" أي معامل القطاع العام والتي تشكل آخر سلسلة في دوائر القرارات المتعددة في سورية المتعلقة بالقطاع الصناعي العام..
قاسيون خلال الأزمة وضعت استهدافاً هو تسليط الضوء على معامل القطاع العام الصناعي التي استمرت بالعمل، والتي أثبتت خلال الأزمة ما حاولت أن تنكره أغلب الجهات الاقتصادية والسياسية والأكاديمية  خلال عقد كامل، حيث كانت ترى أن مصير المعامل  التلقائي كان السير نحو الخسارة والهدر وقلة الإنتاجية، لتبقى معامل القطاع العام مستمرة بالإنتاج وتتحول إلى مركز إنتاجي في الظرف الحالي وملجأ وحيداً وأخيراً،  فلم يستطع "مالكوها" الهرب بأموالهم، ولم يفصل عمالها قسرياً، ولم تتوقف إلا عندما طال مناطقها الدمار الذي لا يبقي ولا يذر.. وسجلت إيرادات تقدرها الحكومة في موازنتها لعام 2013: 25 مليار ل.س،  ولعام 2014 بمقدار 42 مليار ل.س، بينما اعتماداتها 1 مليار ل.س،  حتى انها في بعض الحالات المسجلة انتقلت من الخسارة إلى الربح لتكشف أن الحلقة المفرغة كانت فقط أن تشغل هذه المعامل ويتم الاعتماد عليها وتتوقف عمليات تخسيرها..
رغبة قاسيون في تسليط الضوء على معامل القطاع العام التي تعمل خلال الأزمة، قائمة على ضرورة توثيق هذا الدور، لاستخدامه في محاججة من يرغب بإنكاره أو تهميشه لاحقاً وهم كثر.. وفي هذا السياق يأتي تعميم وزارة الصناعة للمؤسسات الصناعية العامة بألا تصرح لأي جهة صحفية إلا بموافقة المكتب الصحفي في وزارة الصناعة، والذي لا يمكن تفسيره إلا بنتائجه.. فإذا كانت المعامل تعمل وتنتج في ظروف الأزمة، وتشتد لدى الجديين من القائمين عليها والعاملين فيها الرغبة بالاستمرار بالعمل والتخلص من المعيقات البيروقراطية الكثيرة فإن عدم السماح بنشر هذه المعلومات هو رغبة بالتغطية على النتائج الإيجابية من جهة، وتفادي الاتهامات وتحميل المسؤوليات الدقيق وفتح الملفات العالقة من جهة أخرى.. وخاصة أن المشترك لدى أغلب مقيمي وضع هذه المعامل هو طرح موضوعي ينتج لدى الجميع، هو ضرورة زيادة مرونة هذه المعامل لتتحمل مسؤوليتها وتستطيع التفاعل مع الظروف الطارئة وتتخلص من قيود البيروقراطية غير المفهومة والتي تتحمل الجزء الرئيسي من الهدر والتدهور..