الكهرباء: الأكثر أهمية.. الأكثر (تحفظاً)

الكهرباء: الأكثر أهمية.. الأكثر (تحفظاً)

يترافق الشتاء دائماً قبل الأزمة وخلالها بانقطاع التيار الكهربائي بما يشكل ضغطاً إضافياً يجعل وسيلة التدفئة البديلة عن المازوت أقل توفراً.. المسببات جاهزة وعديدة والصورة لا تتضح بشكل تام..

فبين الظروف الأمنية واستهدافات محطات التوليد كما تقول الحجة الدائمة لتصريحات المسؤولين، وبين صعوبة تامين الوقود، وصولاً إلى الأعطال الفنية بالشبكة.. تبقى المشاكل الحقيقية لقطاع الكهرباء في سورية غير واضحة تماماً.. وتحديداً عندما تكون وزارة الكهرباء واحدة من أقل الوزارات "إفصاحاً" وأكثرها تكتماً، وهو أمر طبيعي في القطاع الذي تتركز فيه مخصصات دعم واعتمادات موازنة كبيرة، والذي يستهلك نسبة هامة من المحروقات في سورية، والذي تعتبر عملية توريد مستلزماته واحدة من أكبر العقود الموقعة مع جهات خارجية..
قاسيون تجري استعراضاً لآخر أرقام خسائر قطاع الكهرباء وتكاليف الوقود المستخدمة في عمليات التوليد..

أزمة انقطاع التيار تتسع.. و(موسم) العقود يبدأ

أبرز مشاكل قطاع الكهرباء في سورية من وجهة نظر الحكومة هي نسبة الهدر، الذي تركز بشكل دائم في الحملات الإعلانية على "وعظ" المستهلكين بترشيد استهلاكهم حيث قدرت تقارير اقتصادية نسبة الهدر في قطاع الكهرباء في سورية بـ 35 % في دمشق و40 % في بعض المحافظات الأخرى، لتكون بذلك من أعلى النسب المسجلة في العالم.. إلا أن عملية الترشيد أصبحت قسرية في ظروف الأزمة الحالية حتى أصبحت الكهرباء من أكبر مشاكل السوريين، وخاصة مع حلول فصل الشتاء الذي يرافقه عادة انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي، ما زالت أسبابه غير مقنعة تماماً للمواطن، غالباً ما تستمر لتشمل معها فصل الربيع والصيف أيضاً...!!

الضغط والتعدي.. سبب الأزمة

وبحسب وزارة الكهرباء السورية فإن استعمال التيار الكهربائي لأغراض التدفئة وتسخين وازدياد الاستهلاك، يؤدي للضغط على القواطع والشبكات ما ينتهي بأعطال، تستمر لأيام في بعض الأوقات، فضلاً عن التعدي على الشبكة الكهربائية وذلك تهرباً من دفع الفواتير المترتبة على استهلاك الكهرباء الكبير، ما يصيب الشبكة بأعطال كذلك، حسب وزارة الكهرباء.
وتعتبر شبكة الكهرباء في سورية شبكة واحدة، تغذيها جميع محطات التوليد في البلاد، ويتأثر التوليد بشكل عام في حال ضرب خطوط  الغاز أو الفيول المغذية لمحطات التوليد، وبالتالي تصبح الحاجة ملحة لزيادة فترات التقنين المطبقة.
وتظهر البيانات الإحصائية الصادرة عن وزارة الكهرباء السورية بلوغ الطلب على الكهرباء العام الماضي نحو 50 مليار كيلوواط ساعي، فيما تتوقع ازدياده العام الحالي إلى 148 مليار كيلوواط ساعي.

خسائر وعقود..

تجاوزت خسائر القطاع الكهربائي خلال الأزمة الـ 80 مليار ليرة سورية (أكثر من 600 مليون دولار أميركي)، حيث تتراوح الخسائر اليومية بين 100 و150 مليون ليرة سورية، كما يقدر ما جرى تدميره من شبكة الكهرباء حتى نهاية عام 2012 بـ 150 مليون دولار أمريكي، وفق تقارير دولية تعتمد على بيانات وزارة الكهرباء السورية.
وتتراوح التقديرات لخسارة الاقتصاد السوري جراء انقطاع الكهرباء  بين 30 و40 مليار دولار أمريكي (حسب بعض التوقعات)، علماً بأن تقارير عدة تقدر أن الخسارة الكلية التي تعرضت لها سورية نتيجة التدمير تجاوزت عتبة 200 مليار دولار، من دون خسائر البنى التحتية والمرافق العامة.
وأعلنت مؤخراً وزارة الكهرباء السورية توقيع عدة اتفاقيات مع عدة دول مجاورة وصديقة أبرزها إيران، في مجال الكهرباء، شملت عدة عقود لتوريد تجهيزات ومواد لمؤسسة توزيع الطاقة الكهربائية، ووصل عدد تلك العقود مع الجانب الإيراني وحده إلى 20 عقداً وبلغت قيمتها 15 مليون يورو خلال الأشهر الستة الماضية، إضافة إلى توقيع اتفاقات تعاون لتبادل الطاقة مع معظم دول الجوار .

محروقات الكهرباء.. بالأرقام

يزداد الطلب على الطاقة الكهربائية في سورية بنسبة 10% سنوياً، ويتم توليد الطاقة بواسطة النفظ والغاز، بنسب تقدر بين 90 -93% من كمية الطاقة الكهربائية الكلية المنتجة في سورية، وهي موزعة بنسبة 62% على التوليد باستخدام الفيول، و31% للتوليد باستخدام الغاز الطبيعي، في حين يجري توليد النسبة الباقية باستخدام المحطات الكهرومائية المنشأة على السدود، وجزء يسير باستخدام الكتلة الحيوية والطاقات المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقات الهجينة.
حسب إحصائيات صادرة عن المؤسسة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية في سورية لعام 2012، فقد بلغ مجموع استهلاك الغاز 2515000 طن، واستهلاك الغاز الطبيعي 7028000 متر مكعب، ومجموع استهلاك المازوت 67000 طن.

تكاليف «الكيلو وات»

ووفق تقارير اقتصادية، تبين أن تكلفة الوقود السنوية اللازمة لتشغيل محطات توليد الطاقة تصل إلى ما يقارب 1.5 مليار دولار، كما تشير بيانات استهلاك الفيول في سورية إلى أن الاستهلاك السنوي يقدر بـ (4) ملايين طن تستورد الحكومة السورية منها حوالي 1.5 مليون طن ويستخدم 90٪ من الفيول في محطات توليد الكهرباء.
وحسب أرقام وبيانات وزارة الكهرباء فإن إجمالي تكاليف الكهرباء، وفق تعرفة 2012 اي بعد تعديل سعر مبيع الطاقة للصناعيين وتعديل سعر مبيع الفيول، وصلت إلى 511 مليار ليرة سورية، فيما وصل مجموع قيمة المبيعات والتصدير إلى (107) مليارات ليرة سورية، ليكون حجم الدعم المقدم هو 399 مليار ليرة سورية بعد احتساب هدر مالي يقدر بخمسة مليارات، وذلك باعتماد سعر صرف وسطي 78 ليرة/ دولار.
وتصل كلفة انتاج ونقل وتوزيع «الكيلو وات» الساعي للاستخدام المنزلي إلى (17.57) ليرة للكيلووات الواحد على أساس 37 ليرة لكل متر مكعب من الغاز وبالسعر الحالي للفيول.
وتقدر قيمة الهدر في الطاقة الكهربائية في سورية بملياري دولار سنويا، ومن شأن استثمار هذا الفاقد لمدة عام واحد، إنشاء محطتي طاقة من نوع الدورة المركبة، بقدرة إنتاج تناهز ألف ميغاواط كل ساعة بكل محطة، وهو ما سيعوض العجز الذي تشهده سورية في مجال توليد الطاقة، وتتراوح النسبة الإجمالية للفاقد بين 17% و25% من الإنتاج الكلي للطاقة الكهربائية، ويعزى السبب الفني لهذا الهدر -الذي يعد مشكلة كبيرة للقطاع- إلى وجود شبكات قديمة أو حديثة متدنية المواصفات.
ويعرف الفاقد الكهربائي، بأنه الفرق بين الطاقة الكهربائية المعدة للاستهلاك وبين الطاقة المباعة (المصدرة بفواتير نظامية)، ويتكون الفاقد من مركبين: الأول فني، وهو فاقد الطاقة المستهلكة فيزيائياً في عناصر الشبكة، وغير فني، والمكون من الفاقد التجاري، أو فاقد الاستجرار غير المشروع، ويختلف هذا الفاقد من محافظة لأخرى حسب طبيعة كل محافظة، ومساحتها، وطبيعة الاستهلاك، ويعتبر هذا الفاقد مرتفعاً نسبياً، وغير مقبول.