بايدن وحزمة المساعدات الجديدة: يومٌ عظيمٌ لتدمير السلم العالمي

بايدن وحزمة المساعدات الجديدة: يومٌ عظيمٌ لتدمير السلم العالمي

بعد نقاشات كثيرة خلال الأشهر الماضية تبيّن أن القرار الأمريكي ثابت حوّل تسليح النزاعات القائمة، فمرّر الكونغرس الأمريكي حزمة مساعدات عسكرية ومالية جديدة موجّهة إلى أوكرانيا بشكل رئيسي، بالإضافة إلى الكيان وتايوان، وكل ذلك تحت عنوان «السلام العالمي».

الحزمة الأمريكية الجديدة لأوكرانيا

بعد أشهرٍ طويلة من توقّف مؤقت للمساعدات الأمريكية لدعم أوكرانيا، بسبب «خلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين» في مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين، حملت الأيام الأخيرة مستجدات مهمة في هذا السياق وقدّمت دفعة معنوية لكييف التي بدأت تشتكي علناً من نقص الإمدادات، إذ وافق مجلس النواب الأمريكي يوم السبت 20 نيسان على حزمة جديدة صادق عليها الكونغرس الأمريكي ووقع عليها الرئيس جو بايدن.
تبلغ قيمة الحزمة الجديدة 95 مليار دولار، 61 ملياراً منها مخصصة لأوكرانيا، و26 ملياراً للكيان الصهيوني، وما تبقى عبارة عن مساعدات لتايوان، ومساعدات «إنسانية» للمدنيين في مناطق الصراع.
وفي تفاصيل المساعدات الأوكرانية، تم تخصيص 23.2 ملياراً منها لتجديد الأسلحة المقدمة لكييف من البنتاغون، و13.8 ملياراً لمشتريات القوات الأوكرانية العسكرية من الأسواق العالمية، وما تبقى لدعم «العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة»، وعمليات التدقيق الحسابي.
كما ينص قانون حزمة المساعدات على إلزام السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة بإرسال صواريخ باليستية من طراز ATACMS لكييف، بما يشكل خطوة استفزازية وتصعيدية لكونها إعلاناً رسمياً حول تزويد الجيش الأوكراني بقدرات عسكرية جديدة قادرة على استهداف روسيا.
وتعليقاً على ذلك اعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه يوم عظيم للسلام العالمي، وقال خلال توقيع القانون أن هذا الأمر «سيجعل أمريكا والعالم أكثر أماناً ويواصل قيادة أمريكا في العالم».
وقد بدأ الأمريكيون بالفعل بالعمل ضمن حزمة المساعدات هذه، حيث أعلن البنتاغون عن حزمة من مليار دولار تشمل صواريخ RIM-7 المضادة للطائرات وصواريخ AIM-9M ومدرعات من طراز «برادلي» وذخائر لمنظومات الدفاع الجوي من طراز «ستينغر» وقذائف لمنظومات HIMARS وذخائر مدفعية.
تلا ذلك إعلان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن البنتاغون سيزود أوكرانيا بأسلحة جديدة بقيمة 6 مليارات دولار تشمل ذخيرة بأنظمة الدفاع الجوي، ومعدات مضادة للطائرات بدون طيار، وصواريخ جو-أرض.

التصعيد قرار أمريكي

يوضّح هذا الحدث أخيراً أن القرار والتوجه الأمريكي فيما يتعلق بأوكرانيا لا يزال هو نفسه: التصعيد، وإطالة أمد الصراع إلى أقصى مدىً ممكن. لكن ما الذي تعنيه هذه الحزمة الآن عملياً؟
تؤكد المؤشرات كافة، وباعترافات العديد من قيادات الدول الغربية، أن الانتصار في أوكرانيا شبه مستحيل، وما يجري الدفع نحوه هو تأجيل إعلان الهزيمة بالحد الأدنى، أو كسب هامش أعلى للمناورات السياسية اللاحقة.
تتطلب حزمة المساعدات العسكرية أشهراً قبل أن تجري ملاحظة تأثيرها على الميدان وجبهات القتال، إلا أنها وفقاً للخبراء لن تشكل فرقاً حقيقياً يذكر فيما يتعلق باستعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، لكنّها ستعزز من قدرة الدفاع للقوات الأوكرانية، ورغم ذلك، يجري الحديث عن هجوم عسكري مضاد جديد قد تبدأه أوكرانيا، إلا أن الوقائع على الأرض بعيدة عن مثل هذا الاحتمال، سواء بعد فشل الهجوم المضاد السابق رغم المساعدات الأكبر في حينه، أو نتيجة النقص البشري الجدّي في القوات الأوكرانية والتي بات يستعاض عنها ببعض المرتزقة الأجانب.
كما أن أحد الأهداف الهامة بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية، هو استمرار الصراع الأوكراني ورفع قدرة القوات الأوكرانية حتى الانتخابات الأمريكية المقبلة على أقل تقدير، وذلك لرفع الرصيد الانتخابي للديمقراطيين بمواجهة تيار دونالد ترامب.

جمهوريون وديمقراطيون؟

لا بد من التأكيد على أن تمرير حزمة المساعدات هذه، والموافقة عليها من قبل الجمهوريين في مجلس النواب الآن بما فيهم رئيس المجلس مايك جونسون والذي بات يصفه البعض بالـ «خائن»، تدل مرة أخرى على وهمية الحد الفاصل بين الديمقراطيين والجمهوريين بوصفهم حزبين متعارضين، ليكونا في نهاية المطاف وجهين للنخبة الحاكمة الأمريكية نفسها، وهذه الأخيرة تتفق على خيار التصعيد في أوكرانيا إذ نالت حزمة المساعدات أصوات الأغلبية 316 صوتاً من كلا الحزبين في مقابل 94 صوتاً.
فالنخب الأمريكية ترى أن الاشتباك الحاصل في أوكرانيا اليوم هو فرصة للاشتباك مع روسيا بشكل غير مباشر، فرغم ما تعنيه هذه المواجهة على الشعب الأوكراني إلا أنّها تخدم مصالح النخب الأمريكية التي تغذّي الحرب بشكلٍ مستمر.
ضمن هذا السياق، يرى البعض أن توقف المساعدات الأمريكية لأوكرانيا خلال المرحلة السابقة، لم يكن نتيجةً لخلاف ما بين الديمقراطيين والجمهوريين، بقدر ما هو قرار من النخبة الأمريكية ككل، بهدف الضغط على الأوروبيين لتحمل أعباء أكبر في الصراع عبر التهديدات والضغوط الأمنية عليهم، إلا أن ذلك لم ينجح طيلة الأشهر السابقة، فلم يتمكن الاتحاد الأوروبي حتى الآن من تمرير حزمة المساعدات التي يسعى إليها بسبب الفيتو الهنغاري بالدرجة الأولى، وأمام تراجع التمويل، وتراجع قدرات القوات الأوكرانية، اضطر الأمريكيون مجدداً لتمرير الأموال من جيوبهم مباشرةً، فضلاً عن ضغط الانتخابات المقبلة.
والآن، يجري الحديث عن أن هذه الحزمة قد تكون آخر حزمة يجري تمريرها، سواء بقيت الإدارة الأمريكية الحالية نفسها أم تغيّرت، وذلك أن الأزمة الاقتصادية والمالية والسياسية في الولايات المتحدة، موضوعية، وتفعل فعلها في أي إدارة أمريكية كانت.

رد الفعل الروسي؟

يعد توريد صواريخ ATACMS- إضافة إلى الإعلان عن تسليم البريطانيين قنابل مجنحة موجهة لليزر، وتخصيص كندا أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية، وإرسال إسبانيا بطاريات دفاع جوي من طراز باتريوت- تهديدات أعلى وأهم من المساعدات المالية نفسها، وذلك أن بعض هذه الأسلحة، وتحديداً صواريخ ATACMS بعيدة المدى بإمكانها الوصول إلى داخل الأراضي الروسية، وصولاً إلى قول البنتاغون الأمريكي صراحةً، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، أنه بات بإمكان أوكرانيا الآن استخدام هذه الصواريخ بعيدة المدى لضرب شبه جزيرة القرم الروسية، حيث جاء في الصحيفة نقلاً عن مسؤولين في البنتاغون: «ستتمكن القوات الأوكرانية من استخدام منظومة الصواريخ بعيدة المدى التي تم تسليمها أخيراً من أجل مهاجمة القوات الروسية في شبه جزيرة القرم».
لن يمضي هذا التصعيد «السياسي» دون ردّ روسي يوازيه بطبيعة الحال، أما فيما يتعلق بالجانب العسكري باتت تمتلك القوات الأوكرانية أساساً العديد من صواريخ ATACMS، فوفقاً للصحيفة نفسها تسلمت كييف سراً أكثر من 100 صاروخ من هذا الطراز خلال شهر آذار الماضي ضمن حزمة مساعدات بقيمة 300 مليون دولار.
وفي النهاية، يتحفنا بايدن أثناء توقيعه على المساعدات العسكرية الجديدة المستخدمة لصالح النازيين الجدد في أوكرانيا والكيان الصهيوني أنه يومٌ للسلام والأمن العالمي!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1172
آخر تعديل على الإثنين, 06 أيار 2024 17:14