روسيا- تركيا: تعميق المصالح الإستراتيجية
عتاب منصور عتاب منصور

روسيا- تركيا: تعميق المصالح الإستراتيجية

ملفات عدّة كانت حاضرة على طاولة الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب أردوغان، خلال القمة الأخيرة التي جمعتهما في تركيا خلال الأسبوع الماضي: من موضوع التسلح، إلى الوضع في إدلب، مروراً بالمستجدات في العراق وليبيا. أما المسألة التي سُلِّط عليها الضوء كثيراً، فتمثلت في افتتاح مشروع السّيل التركي الذي طال انتظاره.

مع اشتداد التوترات الإقليمية، أشاد الرئيسان بإطلاق خط أنابيب السّيل التركي الذي يصل إلى حدود 1000 كم، معتبرين إياه «مثالاً على التعاون الدولي»، بحيث يعدُّ المشروع- الذي يشمل خطين للتوريد، وتبلغ طاقته الاستيعابية 31 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي (تحصل تركيا على 15,75 منه، وتصدر 15,25 منه إلى أوروبا)- مهماً جداً بالنسبة لتركيا والدول الأوروبية على حد سواء، إذ إنها ستكون المرة الأولى التي يصل فيها الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر تركيا التي عززت من خلال هذا المشروع مكانتها كبلدٍ مساهمٍ في أمن الطاقة في أوروبا. فالمشروع يجعل من تركيا محطة رئيسة لخطوط الغاز في العالم، ولاعباً مهماً في هذا القطاع، الأمر الذي يعطيها مساحة أكبر على الساحة السياسية ويعمل على تقليل تكاليف النقل والمخاطر الجيوسياسية المحيطة، ويوفر 53% من احتياجات تركيا من الغاز.
وعقب إطلاق المشروع الذي حضره– إلى جانب الرئيسين بوتين وأردوغان- كل من رئيس الوزراء البلغاري، بويكو بوريسوف، والرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، والمحادثات الثنائية التي ذكر أنها ركزت على السّيل التركي، وسورية وليبيا وتصاعد التوتر في الإقليم، أشاد بوتين في خطابٍ له بالشراكة الإستراتيجية بين البلدين، مشدداً على أن تعاونهما الثنائي لن يتأثر بالتباينات السياسية والتصعيدات التي تشهدها المنطقة، بينما أكد أردوغان أن البلدين قد «تجاوزا التحديات التي تطال تعاوننا في مجال الطاقة وباقي المجالات، وهنالك زيادة منتظمة في التبادل التجاري بين تركيا وروسيا، والسّيل التركي الذي بذلنا جهوداً كبيرة مع أصدقائنا الروس من أجله، يعدُّ مشروعاً تاريخياً فيما يخص العلاقات الثنائية وخارطة الطاقة في العالم».
وبعيداً عن السّيل التركي، اتخذت روسيا خطوات إضافية في مشروع ضخم آخر للطاقة في تركيا، وهو محطة «أكويو» للطاقة النووية في مقاطعة مرسين، حيث أعلن الرئيس الروسي أنه من المقرر للمحطة الجديدة، التي من شأنها أن تدفع قدرات الطاقة التركية خطوات كبيرة إلى الأمام، أن تبدأ عملها في وقتٍ لاحقٍ من هذا العام. وعند إبرام العقد في عام 2015، كان من المتوقع أن تبدأ المحطة عملها في عام 2025، ولكن التسارع الذي شهدته العلاقات الروسية التركية ساهم في تقليص مدة تنفيذ المشروع.
وناقش الرئيسان في جدول أعمال الزيارة مسألة التقارب العسكري بينهما، وما نتج عنه من عقوبات غربية ضد أنقرة، ولا سيما في مسألة شراء الأخيرة أسلحة إس400، واحتمال استبعاد تركيا من عمليات تصنيع المقاتلات إف 35 الأمريكية. وهنا تنبغي الإشارة إلى أن تقارير عدّة ذكرت أن موضوع البدائل الروسية- فيما يخص القدرات الجوية التركية- كان حاضراً أيضاً على جدول الأعمال، بما في ذلك الاستعدادات التركية لإتمام صفقة شراء مقاتلات سوخوي الروسية.
هذا وتشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورات لافتة، وبحسب البنك المركزي التركي، فإن العلاقة التجارية الثنائية بين روسيا وتركيا تطورت في العقود الثلاثة الأخيرة بشكل كبير، حيث ارتفع حجم الواردات التركية من روسيا من 3,87 مليارات دولار عام 2000 ليصل إلى 18,6 مليار دولار عام 2018، كما ارتفع حجم الصادرات التركية لروسيا من 639 مليون دولار عام 2000، ليبلغ 3,4 مليارات دولار عام 2018.

معلومات إضافية

العدد رقم:
948
آخر تعديل على الإثنين, 13 كانون2/يناير 2020 13:52