مناهضة الليبرالية لا تعني مناهضة الرأسمالية

وفي المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي يومي 21 و22 تشرين الأول 2006 بدا أن النقاش كان محتدماً بين قواعد الشيوعي الفرنسي وقيادته، بالمعنى الأضيق حول ترشيحات الانتخابات الرئاسية والتحالفات مع القوى المناهضة لليبرالية، وبالمعنى الاستراتيجي الأوسع حول الدور الوظيفي المنشود من الحزب الشيوعي في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية الفرنسية. المداخلة التالية تعد مثالاً ثانياً يبين طبيعة البون القائم بين رؤية قواعد الشيوعي الفرنسي وممارسة قيادته.

أذكّر بأنّ الشيوعيين، أي نحن، صوتوا أثناء المؤتمر الأخير على تقديم مرشح من الحزب الشيوعي.
نحن مجموعة من منطقة الرون وما وراءها نتمسك بهذا القرار.
كنت أود أعلامكم بهذا النداء عبر توزيعه أثناء الاستراحة على طاولاتكم، لكن رئاسة المؤتمر منعتني من ذلك ودفعت جهاز الاستقبال لإخراجي... هذا غير لائق!!
لقد وقعه حتى الآن 200 رفيق، وأنا أضعه في متناولكم. لن أقرأه عليكم، لكنني بالمقابل سوف أشاطركم مشاغلي الشخصية:
إنّ الهيئات المناهضة لليبرالية لا تحمل الأمل بوصفها كذلك، وهي لا تمثل شيئاً في الأحياء الشعبية في إطار الانتخابات. لا صوت لها أبداً.
على نقيض فكرةٍ متلقاة، فإنّ الإدارة ليست فكرةً جديدة. الإدارة هي حين لا تعود الأحزاب السياسية هي التي تمارس السياسة، بل المجتمع المدني.
إنه مفهوم يشيع في الولايات المتحدة حيث السياسة هي أولاً تواصل قبل أن تكون برنامجاً. هل هذا هو الدرب الذي نريد الميل إليه؟ لا، لكن الإدارة ستفيد الرأسماليين بصورة خاصة في نهاية الأمر. لنتخيل بأنّ الهيئات المناهضة لليبرالية تقترح مرشحاً لا ينتمي إلى حزب: كيف نضمن أن يحترم التزاماتنا؟ حين يعين حزب مرشحه، يكون هذا المرشح ملزماً ببرنامج حزبه. هذا وحده سبب كافٍ كي يكون هنالك مرشح من الحزب الشيوعي.
وهنالك مسألة صغيرة لا تنطبق ثانيةً مع القرارات المتخذة في المؤتمر. من الذي سيدفع تكلفة الحملة الانتخابية بالنسبة لهذه الهيئات المناهضة لليبرالية؟ (لم يقدم لي التقرير المالي هذا الصباح إضاءةً حول هذه المسألة!) من الذي سيدفع: المجتمع المدني؟ الحزب الشيوعي على الرغم من قرارات المؤتمر؟ إذن هل لا يزال الشيوعيون ذوي سيادة في الحزب؟
بطبيعة الحال، يقول البعض لنا إنه ينبغي ألا يبقى المرء منغلقاً على نفسه، أنّ الانفتاح واجب. أنا موافقة، أنا لست ضد التحالفات. ليست الهيئات ما أريد إعادة النظر فيه، بل إنّ استخدامها في الرهان الانتخابي هو الأمر السيئ. إذ هنالك فارق أيها الرفاق بين أن يتحدث المرء بوصفه شيوعياً وبين أن يتحدث باسم الحزب.
في اتحادات الأحياء، في النقابات، نتحدث بوصفنا شيوعيين، وهذا أمر حسن، لكن حين يتعلق الأمر بحكم فرنسا، ينبغي تقديم مقترحات باسم الحزب الشيوعي. والحال أنّه أثناء المجالس الإقليمية، قيل لنا ثانيةً إنّ كل رفيق يتحدث في هذه الهيئات المناهضة لليبرالية بوصفه شيوعياً، وليس بوسعه أصلاً التحدث باسم الحزب إذ لم يدع أحدٌ الشيوعيين يبدون رأيهم حول أيٍّ من برامج الهيئات المناهضة لليبرالية.
بعد إلغاء الخلايا، يطالبوننا الآن، وأنقل هنا حرفياً، «بإنشاء هيئات مناهضة لليبرالية في جميع الأحياء والمصانع»! لقد جرى التبادل! ولتكليل كل شيء، يخبروننا بأنّ الهيئات المناهضة لليبرالية ستحل محل المجموعة الشيوعية في المجلس التشريعي. إن لم يكن ذلك الأمر موتاً منظماً للحزب، فهو يشبهه قليلاً، أليس كذلك؟!
الحياة تزداد صعوبةً، وهجمات الرأسمالية تقوى باطراد، والحزب الشيوعي يصبح أضعف فأضعف. هذا صحيح. لكن دعونا لا نلعب على هذا الضعف.
أنا أسمع حقاً بأننا جميعاً شيوعيون، لكن ألا يقوم الحزب بدفن تغير المجتمع؟ إذ إنّ مناهضة الليبرالية لا تساوي مناهضة الرأسمالية! هل أصبحت الرأسمالية أقوى وأصبح من الأفضل جعلها تميل إلى اليسار إلى أقصى حد ممكن وجعلها إنسانيةً واجتماعية قدر الإمكان؟ لمَ لا؟...
لكنني أريد مواصلة التفكير في أنّ الرأسمالية ليست ثابتة. إنّ أمثلة بلدان أمريكا الجنوبية موجودة هنا لتذكّرنا بذلك. فلنبقَ شيوعيين!
من أجل تغير المجتمع، تحتاج فرنسا لحزب شيوعي موجود، وأؤكد على هذه الكلمة: موجود.
أجل، ينبغي أن يكون هنالك مرشح للحزب الشيوعي، لاسيما وأنّ الحياة لن تتوقف في العام 2007. لست أدري إن كان الحزب سيتمكن من النهوض مجدداً في هذه الانتخابات، لكن سيكون هنالك على الأقل حزب مناهض للرأسمالية يعبر عن نفسه بوصفه كذلك، وسوف يساعدنا هذا الأمر بالتأكيد في المستقبل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
285