ما الحقيقة في قضية الصحافيين الفرنسيين في العراق؟

بين الحقيقة والخيال:

كما يحصل كثيراً في المجال السياسي والعسكري، فإنّ الحقيقة بعيدة عن المعلومات التي تقدّم للجمهور وتتجاوز الخيال في معظم الأحيان.

هذه هي الحال بالنسبة لقضية الصحافيين الرهينتين في العراق، كريستيان شينو وجورج مالبرونو، اللذين اختطفا في العراق في 24 آب الماضي.رسمياً، يحتجِز الصحافيين إسلاميون أشرار متواطئون مع الإرهاب الدولي والولايات المتحدة حليفة فرنسا الجديدة. الآن لم يعد هناك الكثير ممن يستطيع الاستمرار في تصديق هذه القراءة.

الحكومة الفرنسية تعرف الحقيقة. والتجرؤ على تولّيها علناً يمكن اليوم أن يسرّع تحرير الرهينتين.

إنّ القيام بذلك حقاً سوف يطلق نزاعاً ثقيلاً مع العسكريين الصهيونيين والأمريكيين. والمأزق حرجٌ للغاية.

المعلومات التي تتوافر لدينا تسمح لنا اليوم بتأكيد ما يلي في هذا المقال الذي كتبه كريستيان كوتن أخصائي في علم النفس، أخصائي في العلاج النفسي،رئيس سياسة الحياة، مؤلّف: المافيا أو الديموقراطية، نبوءة من أجل الجمهورية السادسة. وهذه المعلوماتٌ مؤكّدة وجرت مقاطعتها عبر العديد من المراقبين والمعلّقين الآخرين المختلفين جداً.

إنّ الحكومة الأمريكية والعسكريين الصهيونيين يقومون بتطبيق خطّة الطريق الخاصة بهم: "معنا أو ضدّنا، مع الجيش الأمريكي أو مع الإرهابيين". والجيش الأمريكي والموساد يريدان إرغام باريس على الانخراط في العراق عسكرياً. بعض أجهزة الجيش الفرنسي وبعض أعضاء إدارة الدولة هم خاضعون لأوامرهما ويتصرّفون ضدّ سياسة الحكومة الفرنسية.

الرهينتان الفرنسيتان ودليلهما السوري يعاملون حالياً معاملةً جيدة، وهم محميّون وفي صحبةٍ جيدة، بين أيدي وحدات المقاومة العراقية. هذه الأخيرة تريد تحريرهم بعد أن أخذتهم من خاطفيهم، وتنتظر من فرنسا أن تتولّى بوضوح الوضع السياسي الحالي.

هؤلاء الرهائن، الذين لهم علاقة مع بعض الأجهزة الخارجية الفرنسية، مثلهم في ذلك مثل العديد من الصحافيين الفرنسيين في العراق، قد اختطفوا في آب الماضي على يد مرتزقة ("الجيش الإسلامي في العراق") الذي يسيطر عليه رئيس الوزراء العراقي إياد علاّوي، بهدف الضغط على فرنسا لإرغامها على الانخراط إلى جانب الجيش الأمريكي، على المثال الإيطالي.

إنّ إياد علاّوي يخضع مباشرة للسفير الأمريكي نيغروبونتي، وكذلك لبول وولفوويتز وأرئيل شارون، وذلك على سبيل التبسيط فقط.

لقد جرى تحرير أولئك الرهائن منذ فترةٍ وجيزة على يد وحداتٍ ذات كفاءة من المقاومة العراقية، التي تعمل اليوم على نحوٍ موحّد تحت قيادة مجموعة من المرشدين الدينيين. قتل محتجزو الرهائن أو اعتقلوا في الهجوم الذي سمح بتحرير الصحافيين الفرنسيين والذي قام به كوماندوس المقاومة العراقية.

المقاومة العراقية لا تريد النزاع مع فرنسا، بل على العكس

لدى الصحافيين معلومات تضايق كثيراً الجيش الأمريكي، وتضايق كذلك الحكومتين الإسرائيلية والعراقية وهما في الواقع هدفٌ لهم، فهم يريدون موتهما: إنّ اختفاءهما سوف يكون مفيداً جداً للكثير من الناس من المعسكر الأمريكي – الصهيوني.

من وجهة نظرٍ شاملة، يرغب الأمريكيون والصهيونيون ضمان أمنهم بالسيطرة على كامل منطقة الشرق الأوسط عبر القوة المسلحة، ولذلك فهم يريدون بأيّ ثمن الحصول على مساندة أوروبا، وفرنسا على رأسها.

على الأرض، وبعد فترةٍ وجيزة من تحرير المقاومة العراقية الأول للرهينتين الفرنسيتين، أبلغت الأجهزة الفرنسية بمكان وجودهما. بعد بضع ساعات، قصف الجيش الأمريكي المكان على أساس معلوماتٍ نقلها بعض أعضاء الأجهزة الفرنسية المخلصة للموساد.

بطبيعة الحال، هذا الوضع صعبٌ للغاية بالنسبة للحكومة. في الوقت نفسه، بدأت بعض المعلومات تخرج من البنتاغون، وهي تتعلّق بتورّط بعض الفرنسيين في أحداث 11 أيلول 2001.

عاجلاً أو آجلاً، سوف تضطر الحكومة الفرنسية للمضيّ أبعد من اليوم في كشف الحقيقة: لقد أُطلقت حربٌ عالمية وسوف يتوجّب على فرنسا أن تتولّى هذا الوضع الخطير للغاية، "بين نارين": الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وشعوب العالم الإسلامي من جهةٍ أخرى.

كيف ستنجح فرنسا في الحفاظ على سلامها الداخلي والعمل بفعالية من أجل عودة السلام إلى الشرق الأوسط حين نعلم أنّ الرغبة القوية للحكومة الأمريكية الحالية وللعسكريين الصهيونيين الذين يمتلكون السلطة في إسرائيل هي إحراق المنطقة بأكملها لإخضاع العالم الإسلامي عسكرياً والسيطرة على طرق النفط؟

ما الذي سيكون عليه دور وموقف فرنسا في هذه الحرب العالمية، التي أصبحت مفتوحة؟ يمكن لهذا السؤال أن يطرح نفسه على كلّ فرنسي، أكثر من أي سؤالٍ آخر.

هل ينبغي اليوم على الحكومة الفرنسية أن تتولّى مساعدة شعب العراق أم أن تخضع للإملاءات الصهيونية والأمريكية؟

هل عليها أن تساند بفعالية تحرير الرهائن، أم عليها التضحية بهم لصالح علاقاتنا الجيدة (؟) مع إسرائيل وواشنطن؟

كيف سيتمكن كلّ مواطنٍ فرنسي من العمل من أجل السلام على الكوكب وفي بلادنا الجميلة؟

يمكن أن تكون بداية الإجابة كما يلي: مساعدة جميع حكوماتنا على عبور مرحلةٍ جذرية في مستوى وعيها المتذبذب، نحو المزيد من الوضوح والشجاعة والتصميم والسلام والحب غير المشروط...، ولكي تكون قادرةً على مواجهة العنف بحب وسيادة: أن تقول لا للعسكريين الصهيونيين والأمريكيين، أن تقول لا للإرهاب الرجعي، وتقدّم السلام والحب للعالم الإسلامي.

 

وكذلك بداية الإجابة التالية: تعبئة ومساندة النساء في فرنسا وخارجها، كي تطلب منهنّ فرض السلام على أكثر الذكور عنفاً...

معلومات إضافية

العدد رقم:
230