روسيا: مرحلة أخيرة من الخصخصة..

بضغطٍ من منظمة التجارة العالمية، فرض الرئيس الروسي بوتين إجراءاتٍ جديدة عبر البرلمان. سوف تحرم المحاربين القدماء والعاجزين من الاستفادة المجّانية من الهاتف والسكك الحديدية والأدوية، ليتحولوا إلى لعبةً في يد السوق الحرّة.

هدم آخر مكاسب الاتحاد السوفياتي:

مجانية الطب والتعليم، وشبه مجانية النقل والسكن، وانعدام البطالة: تلك كانت مزايا النظام السوفييتي حتى أيام قليلة، لم تتجرا الحكومة الروسية على تخليص هذه الحقوق من المحاربين القدماء والمتقاعدين والمعاقين، الذين كانوا يواصلون الاتصال بالهاتف والمعالجة والتنقل مجاناً.

لتنتقل روسيا إلى مرحلةٍ جديدة من الخصخصة، فكان قرار الدوما بتوجيه من بوتين بحرمانهم من تلك المزايا. يبدو أن هذه المرحلة الانتقالية ليست إلاّ غيضاً من فيض، لمرحلة معتمة من تاريخ روسيا الحديث. ومن المفارقات أن يقول الليبرالي دزيرينوفسكي مبتهجاً: في لقاء أجري معه : «في الخامس من آب، ستنتهي الشيوعية في روسيا إلى الأبد». وعوضاً حقوق المواطنين الروس المسلوبة، سيحصل الأشخاص المعنيون على تعويضٍ شهري يبلغ 1550 روبل ((45 يورو شهرياً كحدٍّ أقصى بالنسبة لمعاقي الحرب، إلاّ أنه لن يتجاوز 350 روبلا ((10 يورو بالنسبة للمعاقين من الدرجة الأولى. وسيضاف لذلك تعويض يبلغ 450 روبلا تفترض الحكومة الروسية أنه سيكون كافياً ليدفعوا به ثمن الأدوية واشتراكهم في القطار وإقامتهم في المصح. وهو من المستحيلات.

 ففي الوقت الذي ترتفع الأسعار في كافة نواحي الحياة بشكل جنوني، بدأت حقوق المواطن الروسي الإقتصادية بالتدني. الحّكام المحلّيون هم المسؤولون عن عددٍ كبير من تلك التعويضات، وهم يشتكون في نحو عشر مناطق من سيبيريا من عدم تلقّيهم المال من موسكو.

المعارضة من خارج الدوما:

يقع مركز ثقل المعارضة خارج البرلمان. ففي 29 تموز، تظاهر آلاف الأشخاص في وسط موسكو، من بينهم رجال الإطفاء والمنقذون الذين كانوا يعملون في محطة تشرنوبيل، أصيب منهم في الحادث، وأصبح عليهم من الآن فصاعداً دفع ثمن أدويتهم. وفي يوم التصويت، أحاطت الأعلام الحمراء بمقرّ البرلمان. في الثاني من آب، أوقف المتظاهرون حركة السير واحتلوا الشارع حتى المكان الذي ينتصب فيه تمثال كارل ماركس، ونصبوا خيمتين، وبدأ عشرون منهم إضراباً عن الطعام. وقد أوقف أحدهم، في حين طردت الشرطة الآخرين، الذين استأنفوا مع ذلك إضرابهم في اليوم التالي. علاوةً على ذلك، أحضرت بعض الوفود عرائض تضامنية، وكذلك زيتاً للوقاية من الشمس، إذ أضيفت إلى الجوع حرارةٌ شديدة.

شملت المظاهرات جميع أنحاء البلاد. ففي تومين، على بعد 200 كيلومتر، طالب مئاتٌ من المتظاهرين باستقالة البرلمانيين الذين أيّدوا ذلك القانون. ومقابل مكتب الحاكم، وقفت شاحنة مزيّنة بالرايات، وزّعوا منها بياناتٍ تنادي بإعادة السلطة السوفييتية.

منظمة التجارة العالمية

يعتبر القانون الجديد الذي سنّه نظام بوتين جزءاً من مجموعةٍ أكبر من إجراءات الخصخصة وإدخال مبادئ السوق. فسوف يشهد الخريف القادم تغيرات كبيرة، تبدأ مع المساعدات المقدّمة للإيجارات، وفي الأول من كانون الثاني 2006، سيتوجّب على السكّان دفع التسعيرة الكاملة للطاقة والغاز والكهرباء وغيرها من التغيرات .

 يرغب الرأسماليون الروس الذين يصدّرون إلى الخارج أن تصبح روسيا عضواً في منظّمة التجارة العالمية، التي ستقدّم لهم في تلك الحال منفذاً على الأسواق الأجنبية. لكن سيتوجّب على روسيا الاستجابة لمتطلبات منظمة التجارة العالمية: تسعير الطاقة والغاز والكهرباء بالأسعار الحقيقية وخصخصة سوق الطاقة. ولن تتمكّن البلاد من الاستمرار في تخصيص المساعدات للزراعة والصناعة، كما سيتوجب على السوق الداخلية الانفتاح أمام الشركات الغربية متعدّدة الجنسيات. وستختفي الكثير من الوظائف في الزراعة وقطّاع صناعة السيّارات. وقد قدّمت روسيا موافقتها للاتحاد الأوروبي على مضاعفة أسعار الغاز لديها.

 

 إضافةً إلى ذلك، تأمل موسكو في أن تتلقّى من واشنطن الضوء الأخضر فيما يخصّ انضمامها لمنظمة التجارة العالمية قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في تشرين الثاني المقبل. لن يعود الروسيّ المتوسّط قادراً على دفع فواتير الغاز والكهرباء. إنّ بعض المناطق أصبحت منذ الآن تواجه ارتفاعاً في الأسعار، واندلعت فيها الاضطرابات...

معلومات إضافية

العدد رقم:
228