«Calexit»: كاليفورنيا وأزمة العالم القديم

«Calexit»: كاليفورنيا وأزمة العالم القديم

كثر الضجيج في وسائل الإعلام المختلفة مؤخراً عن مطالبة ولاية كاليفورنيا بالانفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية. وقد رافق هذا الضجيج محاولات غير مخفية لشخصنة المسألة السياسية، وربطها بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لتصبح تلك المواد الإعلامية قصصاً أدبية إنشائية لا ترقى إلى مستوى التحليل.

 

تحت شعار «Calexit»، انطلقت دعوات كبيرة تدعو لانفصال ولاية كاليفورنيا عن الولايات المتحدة الأمريكية، في أعقاب فوز الملياردير، دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

للوهلة الأولى، يبدو وكأن الموضوع لم يكن ليطرح في حال فوز المرشحة «الديمقراطية»، هيلاري كلينتون. غير أن الوقائع الداخلية الأمريكية، تشير إلى أنه حتى وإن فازت كلينتون، فإن الأزمة التي تتصاعد في الولايات المتحدة كانت ستقود إلى هذه النزعة أيضاً، فالتراجع الأمريكي عالمياً ومحلياً مرتبط بظهور النزعات الانفصالية.

وصلت الأزمة الرأسمالية إلى تلك النقطة التي بدأ فيها العالم القديم (عالم ما بعد الحرب الباردة) بالتفسخ والتفكك، ومن مؤشراته الأولى الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، والحديث عن احتمال خروج إيطاليا وهولندا وبلدان أخرى. وفي هذا السياق تحديداً، يجري الحديث عن انفصال كاليفورنيا وتكساس عن الولايات المتحدة الأمريكية. 

أعلى ضرائب.. وأقل دعم

لدى الحديث عن نزعات انفصالية، لا بد من الوقوف كثيراً عند الأسباب التي تسوقها الحركات التي تطالب بذلك. ففي لقاءٍ تلفزيوني أجراه مؤخراً، قال رئيس حركة «نعم كاليفورنيا»، لويس مارينيللي: إن أكثر ما يغضب السكان في علاقات الولاية مع الحكومة الفدرالية هو سياسة واشنطن الضريبية.

وأكد مارينيللي: أن ولاية كاليفورنيا تسدد سنوياً ضرائب بحجم 16 مليار دولار، أي أكثر مما تحصل من المركز الفدرالي لتمويل الخدمات الطبية والتعليم، وتطوير البنى التحتية بكثير. ونتيجة لهذا، يتكون وضع تدفع فيه ولاية كاليفورنيا النسبة الأعلى من الضرائب، وتحصل على أسوأ المؤشرات في التعليم.

ويقول مارينيللي: «نحن نريد التصرف بعوائد كاليفورنيا الضريبية بأنفسنا، وليس إعالة الولايات الأخرى»، مشيراً إلى أن غالبية وسائل الإعلام الأمريكية تشوّه حقيقة الوضع، في محاولة لإقناع الناس بأن كاليفورنيا مثقلة بالديون، وبالتالي، فهي لا تملك مقومات الحياة في حال الانفصال. 

«دولة بمستوى الهند»

من كلام مارينيللي، وغيره، يبدو واضحاً أن الداعي الأول إلى انفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة الأمريكية، هم تلك النخبة الاقتصادية الكاليفورنية المحلية، التي ترى في النظام الفدرالي مقصاً لأرباحها، والتي، كغيرها من البرجوازيات المحلية، تنظر إلى مشروع الانفصال على أنه يوفر إمكانية حركة اقتصادية أكبر لمصلحتها. وبناءً عليه، يجري الترويج بشكلٍ مكثف لطرح الانفصال، وصولاً إلى القول أنه في حال نجح الانفصال، فإن «دولة كاليفورنيا» ستكون دولة في مستوى الهند اقتصادياً.

عريضة الاستفتاء

يسود في كاليفورنيا مفهوم يسمى «مسار المبادرة»، والذي يسمح لأي مواطن من الولاية بإجراء استفتاء حول أية مسألة في حال جمع كمية كافية من التواقيع (لا يجب أن تقل عن 400 ألف توقيع). وفي هذه الحالة، تصبح حكومة ولاية كاليفورنيا ملزمة بإجراء تصويت على مستوى عموم الولاية. ولكن، يجب عليه أيضاً تقديم الخطة العامة للتنمية المالية، من أجل إثبات الحاجة لتنفيذ هذا الإجراء. 

وفي هذا الصدد، شهدت كاليفورنيا احتجاجات عدة تطالب بالانفصال. وتلقت النيابة العامة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية عريضة تدعو إلى تنظيم استفتاء الانفصال. وذكرت صحيفة «لوس انجلوس تايمز»، الثلاثاء الماضي 22/11/2016، أن اقتراح تنظيم استفتاء انفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة، قدمه أعضاء في حركة «نعم كاليفورنيا» التي تدعو إلى الانفصال سريعاً.

ويأمل مؤيدو انفصال كاليفورنيا في تنظيم استفتاء الانفصال خلال عام 2018. وحسب أحد مؤسسي الحركة، رويس أفانس، فإن التغيرات التي تحصل على الساحة الأمريكية، قد دفعتهم لتقديم العريضة بشأن تنظيم استفتاء الانفصال إلى السلطة المحلية.

الحجج التاريخية والسياسية للانفصال

يقول مؤيدون للانفصال: أن الأسس التاريخية التي يمكن أن تشكل قاعدة للانفصال عن الولايات المتحدة أيضاً أكثر من كافية، حيث أن ولاية كاليفورنيا نشأت قبل ظهور الولايات المتحدة بزمن طويل، وساد على أراضيها نظام الحكم الذاتي حتى عام 1850. وبعد ذلك، ضمها جون سلوت، قائد الأسطول البحري- العسكري الأمريكي إلى الولايات المتحدة، بعد عملية إنزال بحري في خليج سان فرانسيسكو، دون أن يأخذ برأي سكانها. 

ويرى مارينيللي، أن نسبة كبيرة من سكان الولاية يريدون استعادة حريتهم السليبة تلك، وأنهى رئيس حركة «نعم كاليفورنيا» حديثه بالقول: إنه «في حال الفوز بالاستقلال، فسوف تكون سياستنا الخارجية سلمية. إن الناس في ولاية كاليفورنيا مسالمون، وحملتنا تطمح للانضمام إلى العالم كدولة مستقلة، وستكون سياستنا ودية مع روسيا، ولن نساند سياسة البلطجة الدولية التي تنتهجها الولايات المتحدة في الساحة الدولية».

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
786