ترجمة حسين علي   بوسطن- قاسيون  ترجمة حسين علي  بوسطن- قاسيون 

الولايات المتحدة معدل البطالة في أعلى مستوى منذ 1983 

اختفت 6.9 مليون وظيفة من الاقتصاد الأمريكي منذ بداية الركود في كانون أول 2007، وبلغ معدل البطالة 9.7 % في آب وهو أعلى مستوى يصل إليه في 26 عاماً، ويتوقع معظم الاقتصاديين أن يصل إلى 10 % في الشهور القادمة. وقد ضاعف ذلك القلق حقيقة مفادها أن سوق العمل ضعيف وقد يكبّل إنفاق المستهلكين ويعيق معافاة الاقتصاد.

وأضاف آخر تقرير لوزارة العمل حول معدل البطالة شكوكاً قوية إلى الاعتقاد المتنامي بأن الاقتصاد قد نجا من قبضة الركود. بالرغم من اختفاء 216000 وظيفة في آب، ويُعدّ هذا استمراراً لأسوأ أرقام خسارة العمل هذه السنة. كما أن التقرير عمّق الإجماع القائل بأن المعافاة ستكون ضعيفة رغم توسع الاقتصاد وسيدفع معظم الشركات للإحجام عن فتح باب العمل.

ويقول آلان روسكين، الخبير الاقتصادي في بنك رويال اسكوتلاند في مدينة ستافورد في ولاية كنكتيكوت «في سياق الكلام عن معافاة اقتصادية حقيقية كاملة، فإن تقرير وزارة العمل مخيب للآمال (..) مازلنا نحفر بأظافرنا طريق العودة».

بعد تحرير 787 مليار دولار كإنفاق حكومي من أجل تحفيز نمو الاقتصاد، وبعد إنقاذ مؤسسات مالية وصناعة السيارات، تجاوز معدل البطالة أسوأ توقعات الإدارة الأمريكية. قال جاريد بيرنستين، كبير المستشارين الاقتصاديين لنائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، بأنه لولا الإنفاق التحفيزي كانت الصورة ستبدو أشد قتامة. وأضاف أنه يوجد هناك مساعدات إضافية في الطريق بينما توزع الحكومة الثلثين الباقيين من حزمة التحفيزات المالية. «كان لتدخلنا أثر كبير في كبح جماح معدل البطالة»، قال السيد بيرنستين «إننا نسير في الاتجاه الصحيح، لكن مازلنا بعيدين جداً عن النجاة من بلاء الأزمة. ببساطة، يوجد أعداد كبيرة من الأمريكيين يبحثون عن عمل».

إذا استمر معدل البطالة بالارتفاع، كما هو متوقع، فقد يشكل ذلك ضغطاً من أجل حزمة إنفاق تحفيزية أخرى. لكن إذا أخذنا بالحسبان القلق الشديد حول حجم العجز الكبير في الميزانية الفيدرالية– من المتوقع الآن أن يتجاوز عجز الميزانية الفيدرالية 9 تريليون دولار خلال عقد واحد– فأي إنفاق تحفيزي جديد قد يكون محفوفاً بمخاطر سياسية كبيرة.

وتظهر آخر صورة لوضع العمل تحسناً عما كانت عليه في أوائل هذه السنة عندما كانت تختفي حوالي 700000 وظيفة في الشهر. ومع ذلك، يؤكد التقرير استمرار الصورة الجرداء القاسية للاقتصاد الأمريكي.

قال دين بيكر، مدير مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة في واشنطن «إن هذا تقرير مروع. إن معدل انخفاض البطالة يتباطأ، لكنه لن يتوقف. إننا على الأرجح على الطريق باتجاه معدل للبطالة سيصل إلى 10 %».

ينظر معظم الاقتصاديين للتحسن الحديث على أنه كان نتيجة للابتعاد عن كارثة الخريف الماضي– عندما انهارت شركة الاستثمار العملاقة ليمان براذرز ناشرة الذعر على امتداد النظام المالي– وليس له علاقة باتجاه نمو اقتصادي قوي.

بعد سنوات من الاقتراض بضمان البيوت باهظة الثمن، وسحب الأموال من بطاقات الاعتماد وجني أرباح الأسهم المالية للإنفاق بما يتجاوز حدود دخولهم، اضطرت ملايين الأسر الأمريكية إلى ترشيد إنفاقها. وأسهم ذلك في تخفيض إنفاق المستهلكين، الذي يشكل 70 % من الاقتصاد الأمريكي، وجعل الشركات تحجم عن التوسع والتوظيف ودفعها لتخفيض حجم أعمالها.

«إن إيرادات الأسرة الأمريكية استُنفِدت»، قال السيد روسكين. من هنا، فإن الإنفاق «يجب أن يأتي من الدخل، والدخل يجب أن يأتي من العمل، عند هذا المفصل يبدو أن التوظيف سيكون بطيئاً جداً».

ارتفع معدل البطالة من نسبة 9.4 % التي كان عليه في تموز عندما خسر الاقتصاد 276000 وظيفة. وتؤكد تقارير العمل على اتساع الأزمة، التي فرضت القسوة والتقشف حتى على أولئك الذين يحتفظون بعملهم. خلال السنة الماضية ارتفع معدل الدخل الأسبوعي بمقدار 0.8 % فقط– ويعتبر هذا انخفاضاً في الدخل بعد أخذ عامل ارتفاع أسعار السلع في الحسبان. لذلك عمدت الكثير من الشركات إلى تقليص ساعات العمل وبالتالي تقلصت الأجور.

مايسمى بمعدل التوظيف الأدنى وصل إلى 16.8 % في آب. (يدخل في قياس معدل التوظيف الأدنى الناس الذين بلا عمل بالإضافة إلى أولئك الذين يعملون بشكل جزئي لأن ساعات عملهم أُنقصت أو لايستطيعون أن يجدوا وظائف بدوام كامل).

بعد انتهاء برامج التحفيزات المالية والمساعدات وطرح الشركات لبضائعها، المكدسة في مخازنها، بأسعار أقل، قد تواجه البلاد اقتصاداً ضعيفاً من حيث الجوهر.

«كل شخص يتطلع حوله متسائلاً من أي مكان ستأتي المعافاة القوية للاقتصاد؟، لكن مامن أحد يجد جواباً»، قال هيدي هولز، الاقتصادي في معهد السياسة الاقتصادية الخاص بشؤون العمل في واشنطن. «سيكون لدينا معدل بطالة مرتفع طيلة السنوات الأربع المقبلة».

جيني هوفر، 49 عاماً، لاتزال عاطلة عن العمل منذ أن فقدت عملها في شركة أدوية في تشرين الثاني 2007. استخدمت كل مافي بطاقات الائتمان التي تملكها واستدانت نقوداً من أصدقائها. اضطرت إلى فسخ عقد البيت الذي كانت تستأجره وانتقلت للعيش مع صديقها. لم تستطع إيجاد أي عمل رغم سعيها المتواصل. «ظننت ربما بعد شهر أو شهرين سأجد عملاً آخر» قالت السيدة هوفر. «لم أكن أظن أبداً بأن الأمور ستصل إلى حد هذه القسوة التي هي عليها الآن».

ألغت الشركات الصناعية 63000 وظيفة في آب. خسر قطاع البناء 65000 وظيفة. وظل القطاع الصحي بقعة الضوء النادرة الوحيدة حيث أضاف حوالي 28000 وظيفة.

«لاأعتقد بأن الشركات ستقوم بإعادة التوظيف في أي وقت قريب», قال آلن سيناي كبير الاقتصاديين في ايكونيميكس ديسيجن. دونا أنجيلو فقدت عملها في أيار واستنفدت جميع مدخراتها. إن ماتأخذه الآن كضمان بطالة لايكفي لتغطية آجار منزلها. قالت إن فرص العمل نادرة ولاأعرف كيف سأسدد الديون الكثيرة المتراكمة. «لا أملك أجار منزلي لشهر أيلول، لكن أكثر مايقلقني الآن هو فاتورة الكهرباء، اليوم أو غداً سوف يقطعون الكهرباء. إنني محبَطة ويائسة».

 

■ «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال»