غزة بعد الانسحاب.. العدوان مستمر

التصعيدات الإسرائيلية الخطيرة في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، والتي أخذت وكالعادة، طابعاً دموياً تبدّى قتلاً وتدميراَ واغتيالات واستهدافاً للمدنيين وضرباً للمنشآت الاقتصادية والعلمية، جاءت كلها لتؤكد أن انسحاب جيش الاحتلال النازي من القطاع، وتفكيك المستوطنات، لم يكن سوى عملية هروب من نيران المقاومة وضرباتها المتلاحقة، وإعادة انتشار يأخذ شكل الطوق، لتشديد الحصار ليس على قطاع غزة فحسب وإنما على الضفة الغربية أيضاً، وعزل كل من المنطقتين الواحدة عن الأخرى، بهدف الاستفراد بكل منهما على حدة، ومتابعة إنجاز الجدار العازل، وحشر الفلسطينيين في سجنين كبيرين منفصلين.

كل هذا يجري برعاية أمريكية ومباركة بعض الأنظمة العربية التي تلعب دور الوسيط والعراب، مدفوعة بخوف كبير على مصيرها كعناصر حاكمة مرفوضة من شعوبها ومعزولة عنها.

 وفي وقت يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف قطاع غزة، جواً، واصل وزير الأمن الإسرائيلي، شاؤول موفاز، تهديد الفلسطينيين بدك غزة «لفرض واقع جديد»، مضيفا أن جيش الاحتلال لن يوقف عدوانه على القطاع.

وكان موفاز قد أدلى بتصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية قال فيها إن إسرائيل ستواصل سياسة الاغتيالات وقصف ما يسميه مواقع «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وبناها التحتية رغم إعلان حماس وتنظيمات المقاومة عن وقف عملياتها ضد الاحتلال انطلاقا من قطاع غزة.

وأمعن موفاز في تهديداته للفلسطينيين قائلاً، أثناء قيامه بجولة في المواقع العسكرية المنتشرة على طول الحدود مع قطاع غزة، إن المعدات العسكرية المنتشرة هناك ليست للزينة، بل إنها متطورة وجيدة وسترد على كل صاروخ يتم إطلاقه فورا.

وكرر تهديده للفلسطينيين قائلاً «ستكون هنا شروط لعب جديدة، واقع جديد، سنضربهم وسنضربهم وسنضربهم»!!

 

لقد لعب الإعلام الدولي المهيمن عليه من الدوائر الصهيونية دوراً كبيراً في إظهار الانسحاب الإسرائيلي من غزة على أنه (مأساة) للمستوطنين الإسرائيليين (الأبرياء) و(تضحية) من الحكومة الإسرائيلية، وها هو الإعلام ذاته الآن، بما في ذلك بعض أجهزة الإعلام العربية، يبذل ما بوسعه لإظهار ما ترتكبه قوات الاحتلال الصهيونية من مجازر بحق الشعب الفلسطيني على أنه دفاع مشروع عن النفس والوجود!! وتذهب أجهزة الإعلام هذه إلى اتهام المقاومة الفلسطينية بأنها هي السبب في التصعيدات الأخيرة خالطة عن سبق الإصرار بين الضحايا والجناة.