كاترينا: فقراء أمريكا يجتاحهم الرعب والخزي والغضب

ما هو الشعور السائد في الولايات المتحدة بعد مرور إعصار كاترينا؟

هنالك ردّ فعلٍ مثلّثٍ من الرعب والخزي والغضب. الرعب في مواجهة مدينةٍ ذات ثقافةٍ تعدّدية، تقليديّة، هي نيوأورليانز، التي غرق 80% منها. ومع عددٍ لا يمكن إحصاؤه بعد من الخسائر البشريّة. والرعب كذلك في مواجهة الهلع الذي استولى على جزءٍ من السكان الفقراء الذين لا تتوافر لديهم إمكانية الهرب من نيوأورليانز أو من المدن المعزولة في ولايات لويزيانا وميسيسيبي وألاباما. والخزي لأنّ رئيس بلدية نيوأورليانز لم يوجّه الإنذار إلاّ قبل الكارثة بستٍ وثلاثين ساعة فقط، دونما وسيلةٍ لإجلاء كامل السكان. والخزي كذلك لأنّ قِدم الحواجز المائية وعدم قدرتها على الصمود في مواجهة إعصار تبلغ قوته خمس درجات كانا معروفين. والحال أنّ الحكومة الفدرالية لم تطلق سراح الموازنات الضرورية. والغضب أخيراً لأنّ خطاب «المواساة» الاجتماعي الذي قدمه بوش، يكشف عن العجز في مواجهة هذه المصيبة.

على نحوٍ أكثر تحديداً، ما هي العواقب السياسية لتلك الكارثة؟

أولى العواقب هي إعادة النظر في كفاءة بوش وفي قدرته على القيادة. وقد طرحت وسائل الإعلام الكبرى مثل

CNN و NBC السؤال التالي: «أين هو القائد؟». لكن الأمر يتجاوز ذلك ليصبح مسألة خيارٍ سياسيٍ يتضمّن تخلّي الدولة عن التزاماتها ونظامٍ دستوريً يعتبر كلاهما مسؤولين: لقد حصل خللٌ في التنسيق بين بلدية نيوأورليانز وحاكم الولاية والحكومة الفدرالية. ولذا، حلّت الفوضى، قبل النشر المتأخر للحرس الوطني. وأدّت إلى اشتباكاتٍ بين ذلك الأخير وبين الجماهير الغاضبة.

وراء هذه القراءة المباشرة، هنالك صلةٌ بين لا جدوى الحرب على العراق وكلفتها من جهة، وبين العجز عن إدارة أوضاع الأزمات الداخلية من جهةٍ أخرى. الصدمة بالغة الخطر على إدارة بوش، وسوف تصعب استعادة شرعيّة خيارات المحافظين.

وأبعد من ذلك أيضاً، يأتي السياسيون في مجملهم، من ديموقراطيين وجمهوريين، الذين يجري استجوابهم واعتبارهم عاجزين عن أن يكونوا ممثلين للمجتمع الفقير. يبدو كأنّ أمريكا تكتشف أنّ لقوّتها حدوداً، وأنّ نموذجها في الرفاه بعيدٌ عن أن يكون نموذجاً حقيقيّاً ذا مصداقيّةٍ وموضع حسد.

إنّ إعصار كاترينا يلقي الضوء على حالةٍ من تفكك الهويّة المدنية، وانقطاع جميع الصلات وهي الحالات التي كانت تعبّر عنها منذ سنواتٍ أفلام مثل (جمال أمريكي، فهرنهايت 11/9، الخ.)، وريبورتاجات مثل (كابلان، توحش إمبراطوري، الخ.). لقد ضاعت «براءة» الولايات المتحدة، ويقيم بعض المحلّلين الأمريكيّين الشماليّين حصيلةً شديدة السلبيّة، تبدأ من الكذب حول أسلحة الدمار الشامل لتبرير الحرب في العراق، مروراً بالتعذيب في أبو غريب، لتغرق في كارثة اليوم.

ويبدو أنّ السياسة الأمنية التي بشر بها القانون الوطني راهنت بكلّ شيءٍ على الردّ على هجومٍ إرهابيّ، ناسيةً الكوارث «الطبيعية». ومع إعصار كاترينا، تفقد الولايات المتحدة كلّ ثقةٍ بضمان أيّ أمنٍ تكون الحكومة مسؤولةً عنه. لقد فقد مفهوم الوقاية قيمته.

■ كاترين دوراندين

 

/ معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية/ واشنطن