لعبة التحقيق في زمن «العدالة الأمريكية»!

تفاعلت الساحة اللبنانية بتطورات جديدة ضمن مجريات التحقيق في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. فقد أصدرت لجنة التحقيق الدولية برئاسة ديتليف ميليس، توصية للحكومة اللبنانية، بإصدار خمس مذكرات توقيف لمسؤولين أمنيين ووزير ونائب سابق، للتحقيق معهم في عداد «المشتبه بهم»، كما أكد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.

بالمقابل، دون استباق لكل النتائج الممكنة، دعا العديد من اللبنانيين لمضاعفة الحيطة والحذر من مجريات لعبة التحقيق في زمن «العدالة الأمريكية» استناداً إلى الضغوط الدولية، وخاصة الأمريكية، على لبنان، والهادفة لإجباره على السير وفق مصالح واشنطن وحلفائها الصهاينة!، وهو الذي يتجلى بالضغط لسحب ورقة المقاومة الرابحة المشرّفة من الشعب اللبناني، وإنهاء الدور السوري المناوئ للمخططات الأمريكية ـ الصهيونية في المنطقة.

في هذا السياق شهدت المياه الإقليمية والأجواء اللبنانية تحركات أمريكية عسكرية نشطة، بلغت حدًا تم فيه نقل «معدات مجهولة» من سفينة أمريكية عسكرية إلى داخل لبنان في طرابلس، رافقه استبعاد قوى الأمن اللبنانية ومنعها حتى من معرفة ما يتم تهريبه عنوة إلى داخل بلدها!، وكذلك فقد هبطت طائرة أمريكية في مطار بيروت وأنزلت مجموعة من الحمولات مجهولة المحتوى بعد استبعاد قوات الأمن اللبنانية.

فإذا كان طرح بعض القوى حتى قبل أشهر مضت، هو التأكيد على وجوب احترام كل السيادة اللبنانية على كل لبنان، فماذا يقولون الآن في هذا السلوك الأمريكي الفظ المنافي لكل بنود القانون الدولي بشأن سيادة الدول؟!

وسط هذه التفاعلات، حذر رئيس الحكومة الأسبق د. سليم الحص قائلاً: «ما الذي يضمن أساساً حياد التقرير الدولي عن مجريات الضغوط الدولية في هذا الاتجاه أو ذاك؟ من منا لا يدرك أن القوى الكبرى في العالم ذات مآرب في لبنان، وعبره في منطقة الشرق الأوسط؟ لقد آن الأوان أن يعي اللبنانيون جميعا أن وحدتهم الوطنية هي أغلى ما يملكون في مواجهة تحديات خطيرة تهدد مصيرهم بأوخم العواقب.‏. أخشى ما نخشاه أن يكون ما رسم للعراق ولم يحقق أهدافه حتى الآن، بات مرسوما للبنان اليوم بهدف دفع المنطقة إلى ما يسمى: «الفوضى البناءة»، وما هذا المصير المشؤوم إلا لخدمة مشاريع فاجرة تصب في مصلحة الاستعمار والصهيونية».

فإلى جانب ضرورة مواصلة المطالبة والعمل الجدّي لكشف هوية قتلة الحريري وبقية المغدورين اللبنانيين، يتطلب الوضع الراهن اليقظة وتوخي الحذر مما يتفاعل في أروقة البيت الأبيض وأذرعه المختلفة تجاه لبنان.

 

يجب كسر محاولة استنساخ المصير الذي صنعته شريعة الغاب و«المارينز» بحق العراق، ومنع إعادة إنتاجه بحق لبنان واللبنانيين ومنهم إلى جميع شعوب هذه المنطقة!