ثاليف ديين ثاليف ديين

أغلبية دول العالم تتحدى معاملة «إسرائيل» كبقرة مقدسة

كان من المتوقع منذ البداية أن إسرائيل ستكون مستهدفة في مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الجاري حالياً ف 3-28مايو في نيويورك. وهذا هو ما حدث بالفعل، فقد تحدت 118 من أصل 192 دولة عضو في المنظمة الأممية، المعاملة التي تمتعت بها إسرائيل حتى الآن كما لو كانت بقرة مقدسة سياسياً.

فالمعروف أن الولايات المتحدة والقوى الغربية تحاشت دائماً توجيه أي انتقادات علنية لإسرائيل، وهي الدولة الوحيدة التي تملك أسلحة ذرية في الشرق الأوسط.

لكن بداية مؤتمر حظر الانتشار النووي الحالي سجلت إرادة أغلبية ساحقة مكونة من 118 من دول العالم في تحدي الدولة العبرية للكشف عن برنامج أسلحتها الذرية والانضمام إلى معاهدة حظر انتشار السلاح النووي التي يراجعها المؤتمر الحالي.

فقد خاطب وزير خارجية إندونيسيا، مارتي ناتاليغاوا، المؤتمر باسم حركة عدم الانحياز التي تضم 118 دولة، مؤكداً أن رفض إسرائيل الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية يتسبب في تعريض الدول التي لا تملك أسلحة ذرية في الشرق الأوسط، وبصورة مستمرة، إلى الخطر النووي القادم من الدولة الوحيدة التي تحوز أسلحة الدمار الشامل هذه.

وحذر الوزير نيابة عن دول عدم الانحياز من أن إسرائيل تتسبب في مخاطر أخرى متعلقة بوضع «المنشآت والأنشطة النووية غير الخاضعة للضمانات (بل) ولمعايير سلامة مجهولة». وما هو أسوأ من ذلك، فقد أججت إسرائيل خطر اندلاع سباق تسلح مصحوب بأخطار إقليمية وعالمية كارثية، وفقا للوزير الذي تحدث باسم 118 دولة.

ثم شدد على أن هذا الوضع «غير محتمل» لأنه يحول أيضاً دون تنفيذ قرار عام 1995 الذي يدعو إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة الذرية في الشرق الأوسط.

ومن المقرر أن يدرس مؤتمر الأمم المتحدة الجاري لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية- والذي ينعقد كل خمس سنوات- جوانب النجاح والفشل في تنفيذ هذه المعاهدة الدولية التي تهدف إلى وقف انتشار هذه الأسلحة، بل وربما إلى تحقيق الغاية الأسمى بإزالتها تماماً من جميع الترسانات العسكرية في العالم.

وحتى الآن انضمت لهذه المعاهدة، التي بدأ التوقيع عليها في يوليو عام 1968، مجموع 189 دولة بما فيها القوى الذرية المعلنة والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن، أي الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين، وروسيا.

أما القوى النووية الثلاث غير المعلنة (الهند، باكستان، إسرائيل) فلم تنضم للمعاهدة. وكانت كوريا الشمالية قد التحقت بها لكنها خرقتها ثم انسحبت منها لاحقاً.

وكان مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية شدد في دورته في عام 2000 على ضرورة انضمام إسرائيل إليها وإخضاع برنامجها الذري لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن إسرائيل دأبت بانتظام على رفض هذا المطلب.

أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقد أعلن في افتتاح المؤتمر أن قضية نزع السلاح وحظر انتشار الأسلحة النووية تأتي «على رأس الأولويات»، وأشار إلى دولتين بالاسم: إيران وكوريا الشمالية.

بيد أن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة امتنع عن الإشارة إلى إسرائيل والهند وباكستان، بل اكتفي بالقول «أحث الدول التي تقع حالياً خارج إطار نظام المعاهدة على الانضمام إليها في أقرب وقت»، ولكن دون تسمية أي من هذه الدول الثلاث.

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، رئيس الدولة الوحيد المشارك في المؤتمر، قال إن الوظيفة الوحيدة للأسلحة الذرية هي إفناء البشر وتدمير البيئة، ذلك أن الإشعاعات التي تصدر عنها سوف تضر بالأجيال القادمة بل وستستمر تداعياتها السلبية على مدى قرون طويلة.

وشدد رئيس إيران المتهمة بالسعي لإنتاج أسلحة ذرية على أن «القنبلة النووية هي نار على الإنسانية أكثر منها سلاح للدفاع»، وأن «حيازة القنابل النووية ليست مصدراً للفخر، بل هو مثير للاشمئزاز والعار». وأضاف أن من المخزي أكثر فأكثر هو «التهديد باستخدام مثل هذه الأسلحة، بل واستخدامها، وهو ما لا يمكن مقارنته بأي جريمة ارتكبت على مدى التاريخ».

ثم اتهم إسرائيل بتخزين مئات الرؤوس النووية وبشن حروب عديدة كثيرة في الشرق الأوسط واستمرارها في تهديد شعوب المنطقة «بالرعب والغزو»، مشيراً إلى أن إسرائيل «تتمتع بالدعم غير المشروط من الولايات المتحدة وحلفائها بل وتتلقى المساعدات اللازمة لتطوير برنامج أسلحتها النووية».

كما انتقد أحمدي نجاد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لفشلها سواء في نزع الأسلحة النووية أو في منع انتشارها.

فأجابت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قائلة إن إيران «تفعل ما في وسعها لصرف الانتباه عن سجلها ومحاولة التنصل من المحاسبة»، وأنها «تحدت مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية ووضعت مستقبل نظام حظر الانتشار النووي في خطر».

والمعروف أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تلقى سؤالاً عن برنامج الأسلحة الذرية الإسرائيلي أثناء قمة الأمن النووي في واشنطن في أبريل الماضي. لكنه تحاشى السؤال مصرحاً لوسائل الإعلام أنه «فيما يخص إسرائيل، لن أعلق على برنامجها» للأسلحة النووية.

ثم قال «ما سأفعله هو الإشارة إلى حقيقة أننا دأبنا على حث جميع الدول على الانضمام لعضوية معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ولا يوجد أي تناقض في هذا». وأضاف «إذاً عندما نتحدث عن إسرائيل أو عن أي دولة أخرى، فإننا نعتقد أنه من المهم الانضمام للمعاهدة».

ثم سارع رئيس الولايات المتحدة للقول «هذا ليس بجديد، فقد كان الموقف الثابت للحكومة الأمريكية حتى قبل إدارتي»!!

نشرة (آي بي إس)