الضوء الأخضر لمهاجمة إيران

يعتزم أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي تقديم مشروع قرار يمنح «إسرائيل» الضوء الأخضر لشن هجوم على إيران. ويشمل مشروع القرار (H.Res. 1553) تأمين التأييد الصريح للعمليات العسكرية ضد إيران بإقراره دعم الكونغرس لاستخدام «إسرائيل» كل «الوسائل الضرورية» ضد إيران «بما فيها استخدام القوة العسكرية». مع أن قادة الجيش الأمريكي يحذرون من انعكاسات الضربة العسكرية الكارثية على الأمن القومي الأمريكي، واحتمال زجها الشرق الأوسط بأكمله في حرب إقليمية «فاجعة».

تعتبر المقدمة التلخيصية للقرار أنه يهدف إلى: «إظهار الدعم لحق «دولة إسرائيل» بالدفاع عن سيادتها، وحماية أرواح «الإسرائيليين» وتأمين سلامتهم، وحقها باستخدام كل الوسائل الضرورية لمواجهة والقضاء على التهديد النووي الذي تمثله جمهورية إيران الإسلامية، بما في ذلك لجوؤها إلى القوة العسكرية إذا لم يتم التوصل إلى حل سلمي خلال فترة زمنية معقولة، في مواجهة التهديد الماثل، والخطر على وجود «دولة إسرائيل»».

وكان موقع «هفنغتون بوست» قد ذكر أن أحد المسؤولين الصقور في إدارة بوش السابقة جون بولتون قد بسط العمليات العسكرية مؤخراً، دافعاً باتجاه قبول إشراك «إسرائيل» في مهاجمة إيران، حيث، بالنسبة له، من واجب الآخرين «توفير أوسع دعم وتأييد» للضربة، في إطار حملة الذود عن حق «إسرائيل» المشروع بالدفاع عن النفس. وبإمكان جميع مؤيدي الضربة العسكرية ضد إيران إدراجها ضمن تكتيك شن الهجمات الاستباقية ذاته! ويقول بولتون إن تبني الكونغرس للقرار «يشكل رسالة واضحة» ليس عن دعم الكونغرس فقط، بل عن مدى التزام إدارة أوباما بالحكومة الإسرائيلية ومدى اهتمامها بشرعيتها، بدلاً من الإشارات السلبية التي يرسلها رفض شن هذا الهجوم.

أما عن متن نص القرار الذي يتكون من اثنتين وعشرين فقرة تبدأ جميعها بعبارة «بما أن»، (ويمكن ببساطة وصفها بالابتزازية، من ابتزاز أعضاء المجلس وصولاً إلى الرئيس الأمريكي)، فانطلاقاً من:

«بما أن فجر الصهيونية المعاصرة، حركة التحرر القومي للشعب اليهودي، قبل حوالي 150 عاماً، قد بزغ مع تقرير الشعب اليهودي بالعودة من بلدان الشتات إلى وطنهم، أرض إسرائيل»؛ و«بما أنه، نتيجة ارتكاب النازيين للهولوكوست في الفترة ما بين عامي 1933 و1945، حيث قتل الألمان وشركاؤهم ستة ملايين يهودي في عملية إبادة متعمدة، أقر المجتمع الدولي أنه يتعين استقلال الدولة اليهودية التي بناها الرواد الأوائل عن بريطانيا العظمى»؛

ومروراً بـ:

«بما أن الرئيس باراك أوباما أعلن صراحة أن علاقة الولايات المتحدة وإسرائيل هي ارتباط ملزم أكثر مما هي مجرد تحالف استراتيجي»؛ و«بما أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في 26 تشرين الثاني، 2005، في مؤتمر عنوانه عالم بلا صهيونية، قد صرح قائلاً: إننا سوف نرى عالماً بلا ولايات متحدة ولا صهيونية، قريباً، بإذن اللـه»؛ و«بما أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى الحرب مع إيران، بل ستواصل السعي خلف كل الخيارات المتاحة الكفيلة بمنع إيران من التوصل إلى امتلاك الأسلحة النووية»؛

يصل نص مشروع القرار في نهايته إلى مطالبة مجلس النواب الأمريكي بالإعلان عن:

1. إدانة حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتهديدها بـ«إبادة» الولايات المتحدة الأمريكية و«دولة إسرائيل»، ومواصلة دعمها للإرهاب العالمي، وتحريضها على إبادة «الشعب الإسرائيلي».

2. دعم استخدام كل الوسائل لإقناع حكومة إيران بإيقاف مساعيها للحصول على الأسلحة النووية وصناعتها.

3. التأكيد من جديد على ترابط الولايات المتحدة و«إسرائيل» والتعهد بمواصلة العمل مع الحكومة الإسرائيلية و«شعب إسرائيل» لضمان استمرار حصول دولتهم المستقلة على المساعدة الاقتصادية والعسكرية، بما فيها تجهيزات الدفاع الصاروخي المطلوبة لمواجهة التهديدات الإيرانية.

4. إظهار الدعم لحق «إسرائيل» في استخدام جميع الوسائل الضرورية لمواجهة واستئصال الخطر الذي تمثله إيران، ولحماية سيادة «إسرائيل» واستقلالها، ولصون حيوات وأمن «الشعب الإسرائيلي»، بما يشمل استخدام القوة العسكرية إذا لم يتم التوصل إلى حل سلمي آخر خلال فترة معقولة. 

حتى الآن، أدرج ثلث نواب الحزب الجمهوري تقريباً توقيعهم على مشروع القرار الذي طرحه النائب الجمهوري عن ولاية تكساس، «لوي غومرت» للنقاش العام منذ أشهر، والذي يتناغم سياقه مع تصاعد حملات الدعوة إلى مهاجمة إيران عسكرياً منذ أصدر الرئيس أوباما مرسوم تشديد العقوبات «المعطـِّلة» على إيران، ويقودها المحافظون الجدد الذين دفعوا سابقاً باتجاه شن الحرب على العراق من أمثال بيل كريستول، وريؤول مارك غيريشت، سيئي الصيت.