الكنيست الجديد... لحكومة أكثر فاشية وعنصرية

تسود أجواء التحضيرات لانتخابات الكنيست ال19 في كيان العدو، المقرر إجراؤها في أواخر كانون الثاني / يناير 2013 ، حالة من التحركات المحكومة بانتهازية مستفحلة، لا تشذ عن صيغة التحالفات المتكررة كل أربع سنوات، هي فترة التجديد للكنيست، بمقدار ما تستدعي في كل موعد انتخابات، أشكالاً جديدة للتحالفات، تكشف عن هشاشة الارتباط بالموقف السياسي وحتى الأيديولوجي للحزب / التكتل / الفرد، من خلال الانتقال من عضوية حزب لآخر، ومن تأسيس أحزاب وتكتلات، تعمل على زيادة حصتها في عدد أعضاء الكنيست، وصولاً لمقاعد أكثر في التشكيل الوزاري  المنبثق عن الانتخابات.

المفاجأة أو- « الانفجار الكبير» كما سماه بعض الكتاب داخل كيان العدو - كان في الخطوة / المبادرة التي أقدم عليها نتنياهو، وفاجأ فيها أعضاء حزبه قبل خصومه، بإعلان التحالف مع حزب « إسرائيل بيتنا « بقيادة أفيغدور ليبرمان، من خلال مؤتمر صحفي أعلن فيه تشكيل قائمة انتخابية مشتركة تحت اسم « الليكود بيتنا «. الكاتب الصحفي جدعون ليفي في»هآرتس»، نشر مقالاً قال فيه «إن خطاب نتنياهو في المؤتمر الصحفي المشترك مع ليبرمان لإعلان الذهاب لانتخابات بقائمة واحدة، والذي استغرق (4) دقائق فقط، ذكرت فيه كلمات «قوة» و»قدرات قوية» (13)مرة، وأنه لم يكن هناك خطاب مماثل لهذا الخطاب في (إسرائيل)...كله شهوة للقوة» . رغم أن جزءاً كبيراً من ناخبيه كان بحاجة لسماع موقف واضح عن الوضع الاجتماعي المأزوم، والغلاء، وارتفاع أسعار السلع الأساسية وليست الكمالية، وميزانيات التعليم والصحة، الذي أدّى قبل عدة أشهر إلى مظاهرات واسعة وصاخبة احتجاجاً على برنامج الحكومة الاقتصادي/ الاجتماعي، وهو ما تحاول أن توظفه في برنامجها الانتخابي بعض الأحزاب ، وفي مقدمتها « العمل «.

اللافت لنظر المراقبين كان بحثهم عن دلالات القوة والقدرات القوية في تلك الجمل الضئيلة !. فمن أصل 120 عضوا ً في الكنيست الحالية، يملك الحزبان 42 مقعداً ( 27 ليكود – 15 إسرائيل بيتنا ) فهل يكفي الإعلان عن هذا الحشد العددي _ والحفاظ عليه_ أو زيادته _ إن أمكن في الانتخابات القادمة _هو مصدر القوة؟ أم أن ضعف المعارضة الحزبية المواجهة لهذا التحالف الجديد هي التي يستمد منها نتنياهو قدراته القوية؟ أسئلة سيتم التوصل للإجابة عليها بعد شهر( 5 و 6 كانون الأول / ديسمبر ) موعد تقديم الأحزاب التي تنوي التنافس في الانتخابات،قوائم مرشحيها. مع تحديد الرمز الانتخابي لكل حزب في ورقة التصويت.

لم يواجه نتنياهو معارضة شديدة في الحصول على موافقة مركز حزبه على التحالف الجديد. بعض المعارضين أشار إلى مخاوفه من خطة ليبرمان لابتلاع الليكود بفترة قادمة، خاصة وأنه كان في سنوات سابقة - قبل تشكيل حزبه - أمين سر نتنياهو، والمطل على تفاصيل علاقاته السياسية والحزبية بكل تفاصيلها . تبرز في مواجهة التحالف الثنائي الجديد الذي يسعى للحصول على عدد أكبر من المقاعد بالكنيست الجديد يؤهله للتحكم بتأليف الوزارة والتحكم ببرنامجها، تحركات صاخبة تتلاطم بها أمواج الحركة السياسية، ترتفع وتيرة حدتها مع المخاوف من انشقاقات بالليكود، كان هاجسها الافتراضي، «موشي كحلون « الوزير الليكودي، الذي شكل لنتنياهو، هاجساً، لخوفه من تشكيل كحلون» اليهودي الشرقي» لحزب جديد يسحب من قواعد الليكود شرائحه الاجتماعية الفقيرة والمهمشة، خاصة، وأنه قد اتخذ وهو على رأس وزارة الاتصالات مجموعة إجراءات ساهمت بتخفيض الرسوم على المكالمات. لكن كحلون، حسم أمره قبل أيام قليلة بعدم رغبته بتشكيل حزب /قائمة انتخابية في مواجهة الليكود. وحينها تنفس نتنياهو الصعداء بعد تخلصه من خصم «محتمل» داخل البيت الليكودي.

في المشهد الانتخابي يشكل حزب العمل رأس الحربة في مواجهة « الليكود بيتنا « من خلال برنامجه الاجتماعي، لكنه يتقارب لدرجة الاندماج مع البرنامج السياسي لنتنياهو، خاصة الموقف من الفلسطينيين والاعتراف بيهودية الكيان، وبناء المستعمرات والتوسع بما هو قائم منها. أما حزب «يوجد مستقبل» الذي يقوده الإعلامي يئير لبيد، فلا يشكل خصماً سياسياً للتحالف الجديد بسبب تطابقه شبه الكامل مع سياسات نتنياهو المعروفة، باستثناء خلافه مع زعيم الليكود، حول التفرد بضربة عسكرية لإيران على خلفية برنامجها النووي. أما ما يخص «إيهود أولمرت وتسيبي ليفني»،فما زال الجميع بموقف الانتظار. لأن عودتهما للحلبة السياسية وخوض الانتخابات ستحسم بعد ظهور نتائج الانتخابات الأمريكية  كما سربت الدوائر الضيقة المحيطة بهما، وحينها سيتضح موقف حزب «كاديما» بزعامة موفاز، الذي أعلن عن استعداده للعمل تحت قيادة أولمرت.  التيار الديني في تكتلاته المعروفة « البيت اليهودي و يهدوت هاتوراة  وشاس» ، يبدو من خلال تجمعه الرئيسي في حزب « شاس» وفي ظل عودة رئيسه السابق» أرييه درعي « لمنافسة رئيسه الحالي «إيلي يشاي»، أنه سيكون جاهزاً لأية صفقات مع الفائز القادم، لأن الخلافات السياسية مع نتنياهو، غير ذات قيمة، إذا وافق على إقرار الميزانيات الخاصة لبرامجهم . في قراءة مواقف «ميرتس» والأحزاب والقوى العربية في الكنيست، لا تبرز قضايا حاسمة، إلا ّ في حال دخول القوى العربية الانتخابات بقائمة موحدة وهذا لا تتوقعه بعض أطرافها، لحساسيات وذاتيات متأصلة في تكوين بعضها . أما الخاسر الأكبر في المعركة القادمة، فسيكون مجرم الحرب « باراك « الذي فشل في كل رهاناته التنظيمية، سواء داخل الأحزاب التي انتمى إليها، أو في حزبه «الاستقلال « الذي شكله بعد انشقاقه عن حزب العمل . هذا الحزب الذي يملك في الكنيست الحالية خمسة مقاعد، لم تعطه كل استطلاعات الرأي أي وجود على الخارطة الانتخابية القادمة، مما سيدفع برئيسه للتفكير عن حزب جديد يلتحق به، شرط حجزه لمقعد في الكنيست والوزارة.

كل الدلائل تشير إلى احتفاظ التحالف الجديد «الليكود بيتنا» بالعدد الأكبر من المقاعد في الكنيست القادمة، مما يعني أننا أمام تشكيل حكومة عدوان وتوسع، قطباها « نتنياهو / ليبرمان» المهووسان بالنووي الإيراني، والمقاومة الفلسطينية واللبنانية، وببناء المستعمرات، وتوسيع القائم منها، وبيهودية الكيان، والقدس الموحدة الخاضعة للتهويد والصهينة، وتشريع قوانين عنصرية/فاشية جديدة ضد أبناء الوطن الأصليين في الأراضي المحتلة عام 1948 .

باختصار شديد، إننا بمواجهة كيان إرهابي، يقوده مجرمون، سيعملون على ارتفاع منسوب الدم في المنطقة.