محمود عبد الحي محمود عبد الحي

قمة العشرين.. مزيد من الاهتراء

واجه المسؤولون المجتمعون في قمة  مجموعة العشرين (15-16) شباط 2013، صعوبات في إيجاد صياغات متفق عليها بشأن التلاعب في سوق الصرف، وكان من المتوقع أيضاً أن يثار فيها مرة أخرى الخلاف بشأن العمل على تحفيز النمو في مقابل فرض إجراءات تقشفية.

في هذا السياق جاء انتقاد رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي للخلافات الدائرة بشأن العملات قبيل اجتماع القادة الماليين في مجموعة العشرين، وقال دراجي  في محاولة منه للملمة الخلافات الكبرى «إن الخلاف في الفترة الأخيرة بشأن العملات غير لائق وغير مجد ويهزم به المتصارعون أنفسهم». وأضاف حول وضع اليورو المتدهور «إن سعر صرف اليورو يتمشى مع المتوسطات في الأجل الطويل»، مشيراً إلى أنه لم تظهر بعد دواع تذكر للقلق من أن يؤدي ارتفاعه في الفترة الأخيرة إلى خنق آفاق الانتعاش الاقتصادي. !

وفي شأن موازٍ، شهدت أسواق الصرف اضطرابات في أسبوع انعقاد القمة بعد أن أصدرت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى -الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا- بياناً مشتركاً يفيد أن السياسات الاقتصادية المحلية يجب ألا تُستخدم في استهداف عملات.

وركز الاجتماع المنعقد في موسكو للمسؤولين الماليين من دول مجموعة العشرين - التي تمثل نحو 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ونحو ثلثي سكان العالم - على سياسات اليابان المحفزة للنمو والتي قامت بتخفيض سعر الين. وقالت طوكيو «إن ذلك يعكس الاتفاق على أن سياساتها النقدية والمالية الجريئة ملائمة»، رغم الانتقادات حول مشاكل إجراء التخفيضات في سعر الين التي تؤثر مباشرة على المواطن عبر التضخم وارتفاع الأسعار. ولم ينل إجراء اليابان إجماعاً خاصة من الولايات المتحدة التي لجأت للتوسع بدرجة كبيرة في ضخ السيولة النقدية.

شمولية الأزمة

الموقف الروسي كان واضحاً بمايخص تحميل المسؤولية للمراكز الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة المديرة الفعلية للشأن الاقتصادي الدولي، وحث الروس تلك الدول على الوفاء بوعودها، حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه «يتعين تنفيذ الالتزامات السابقة التي تعهدت بها مجموعة العشرين بشأن إعادة توزيع حقوق التصويت في صندوق النقد الدولي»، في مسعى منه لتغيير الوزن الدولي في الإدارة العالمية للاقتصاد لمصلحة بعض القوى الصاعدة. وأكد بوتين على شمولية الآثار الناجمة عن الأزمة في المراكز الكبرى وقال: «الأيام التي كانت فيها الأزمات الاقتصادية لها آثار منعزلة قد ولت .. المشكلات في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو تؤثر على اقتصادات جميع الدول.»

 تنصل أمريكي

 بعد تعهدات مجموعة دول العشرين لتخفيض الدين العام المتراكم والذي أكد عليه العديد من المسؤولين الغربيين، حيث قال مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية بالاتحاد الأوروبي أولي رين :»إن مجموعة العشرين ستتعهد بخفض الدين العام، إلا أنه لا اتفاق على أهداف ملموسة قبل قمة أيلول المقبل»، رغم بلوغ الدين العام مستويات قياسية في كل الاقتصادات المتقدمة (الدين العام في أوروبا بلغ نحو 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي اليابان التي تريد تحفيز اقتصادها الراكد تجاوز الدين العام 200 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي). وبدا التنصل الأمريكي جلياً من فكرة تخفيض الدين حيث قالت الولايات المتحدة إنها في طريقها للوفاء بوعدها الذي قطعته في تورونتو 2010 حول تخفيض دينها العام، لكنها عادت لتقول إن وتيرة تعزيز الأوضاع المالية في المستقبل يجب ألا تؤثر على معدل الطلب.

البيان الختامي وقلق الاقتصادات الناشئة

لم يشمل البيان الختامي على أية انتقادات لسياسة اليابان بمايخص تخفيض قيمة عملتها وهو مايفتح الباب على حرب العملات الذي حذر منه العديد من الخبراء الاقتصاديين، كما تماشى البيان مع سياسات الولايات المتحدة النقدية لدعم التعافي الاقتصادي عبر التيسير الكمي وضخ المزيد من السيولة النقدية، الأمر الذي يثير حفيظة الاقتصادات الصاعدة (ويشمل التيسير الكمي شراء سندات طويلة الأجل بما قيمته 85 مليار دولار شهرياً في حالة مجلس الاحتياطي ) كون جزءاً كبيراً من تلك السيولة تسرب إلى الأسواق الناشئة مما يهدد بزعزعة استقرارها عبر التضخم في قيمة الأصول الذي قد يصيب اقتصادات تلك الدول.