روسيا على خط المواجهة الاقتصادية
سمر عبد العليم سمر عبد العليم

روسيا على خط المواجهة الاقتصادية

لا يزال الخط البياني للصراع الروسي الأمريكي متصاعداً، وإن أهم ما يميز هذا الصراع في الآونة الأخيرة تحول الجبهة الاقتصادية إلى جبهة رئيسية من جبهات المواجهة.

تملك روسيا احتياطياً هاماً من العملات الصعبة والذهب، فلدى مصرفها المركزي احتياطي يفوق الـ400 مليار دولار بالإضافة إلى صندوق تحوط بحوالي 200 مليار دولار يراهما بوتين "كافية لإسناد الروبل في صراعه مع الغرب" كما أوضح بوتين في ميلانو في 17 تشرين الأول في ختام منتدى "آسيا-أوروبا".
الروبل قبل التحدي
لا تتوقف تحضيرات الاقتصاد الروسي عند هذا الحد الذي لن يخفض ميزانيته رغم تراجع أسعار النفط وفقاً لتصريحات رئيس الدولة، فمؤخراً رفع المصرف المركزي الروسي أسعار الفائدة من 8,4% في أيلول الماضي إلى 9,5% في 31 تشرين الأول، وذلك لمواجهة التضخم الذي قد ينشأ عن انخفاض سعر صرف الروبل أمام الدولار. ورغم ذلك  فإن توقعات خبراء المصرف المركزي الروسي تقول بأن التضخم سيبقى فوق معدل 8% حتى الربع الأول من عام 2015 وهو ما يخشى انعاكسه سلباً على النمو الاقتصادي. لا تكتفي روسيا بذلك فهي تعمل مؤخراً على إنعاش الروبل بطرق استراتيجية شتى وخطاً ثابتة، حيث تصر روسيا على جعل الروبل عملة للتبادل التجاري مع العديد من الدول كان آخرها كوريا الديمقراطية وسورية، حيث انتقلت روسيا وكوريا الديمقراطية للتعامل بالروبل في المدفوعات بينهما وذلك لأول مرة في تشرين الأول العام الجاري، وقد اتفق البلدان على "الذهاب إلى الروبل" في بداية الشهر.
بالإضافة إلى كل ذلك شرعت بعض الشركات الروسية ببيع النفط بالروبل، حيث كشفت شركة النفط الروسية "زاروبيج نفط" عن قيامها لأول مرة في تاريخها ببيع النفط الروسي بالعملة الوطنية الروبل إلى شركة بيلاروسية، وكانت شركة النفط الروسية "روس نفط" قد أعلنت في وقت سابق عن قيامها بعمليات تصدير للنفط الروسي واحتسابه بالعملة الوطنية.
التوجه شرقاً!
أمام كل هذه المعطيات يرى الرئيس بوتين أن انخفاض أسعار النفط عالمياً يشكل ضربة قوية لصناعة النفط في الولايات المتحدة مما يعني أن الحرب التي تشنها الولايات المتحدة على الاقتصاد الروسي عبر تخفيض أسعار النفط عالمياً، وبالتالي تقليص إيرادات الحكومة الروسية لن تكون أداة فعالة في ثني موسكو عن توجهاتها في الصراع الدولي ولاسيما أن هذه الأداة ستضر بمصالح واشنطن وحلفائها بشكل مباشر فهم أيضاً منتجون للنفط.
وفي استراتيجية المواجهة الاقتصادية يزداد توجه البلاد شرقاً كنقيض للعلاقات مع الغرب مايضع أمام الساسة الروس أوراقاً أوسع للمواجهة، وعلى ذلك ارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين بـ 3.4% خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بينما انخفض بـ 3.2% خلال الفترة نفسها مع الاتحاد الأوروبي.
يبدو أن القيادة الروسية في سباقها مع الزمن على الجبهة الاقتصادية ستكون أمام خيارات جذرية للقطيعة مع الغرب أو بالحد الأدنى تقليل هذا الترابط الاقتصادي بشكل كبير طالما أن رقعة المواجهة مع الأمريكي تتوسع وطالما أن الأوروبي يدور في فلك واشنطن.