نحو الحرب ..الانتخابات الأغلى في التاريخ!
أحمد العباس أحمد العباس

نحو الحرب ..الانتخابات الأغلى في التاريخ!

لا تختلف السياسات الأمريكية كثيراً على ضوء نتائج الانتخابات الأمريكية، فصانع القرار الأمريكي الحقيقي، هو هو، سواء كان الفائز انتخابياً هو الحمار الديمقراطي، أو الفيل الجمهوري، الذي قد يتغير على ضوء النتائج الانتخابية في بلاد «الكاوبوي» حسب التجربة الملموسة هو التكتيكات، والأدوات لا غير.

انتهت الانتخابات النصفية الأميركية لعام 2014 التي انعقدت يوم 4 تشرين الثاني من العام الجاري، الثلاثاء الأول بعد الاثنين الأول من شهر نوفمبر من العام الانتخابي كما ينص عليه الدستور الأميركي الذي أكل الدهر عليه وشرب، انتهت بضربة مدمرة لحزب الرئيس الديمقراطي الحاكم الذي خسر أغلبيته في مجلس الشيوخ لصالح الحزب الجمهوري (45 ديمقراطي وثلاث مستقلين يصوتون إلى جانب الديمقراطيين، مقابل 52 عضو من أصل 100 عضو الذي يشكلون الشيوخ)في مجلس النواب، 243 للجمهوريين مقابل 192 من الديمقراطيين. في الولايات، خمسون ولاية استأثر الجمهوريون ب31 موقع حاكم.
وإذا كان هنالك من جديد يمكن الحديث عنه على ضوء هذه الانتخابات النصفية، فهو أن التيار العسكري الفاشي الموزع بين الديمقراطيين والجمهوريين، اضطر تحت وطأة الأزمة، أن يعلن عن نفسه أكثر فأكثر، فالعديد من التصريحات التي أدلى بها صقور الإدارة في مرحلة التحضير للانتخابات كانت تحاول تحميل مسؤولية تراجع الدّور الامريكي على أداء الرئيس «المتساهل» و«غير الحازم»، تهرباً من الفشل الذي منيت بها السياسة الأمريكية رغم استخدامها كل ما تملكه الولايات المتحدة من أدوات تفوق عسكري واستخباراتي، من جهة، وفي عمل حثيث لدفعها نحو المزيد من الفاشية، المزيد من الحروب والمزيد من الدمار العالمي، من الجهة الأخرى.
  أربعة مليارات من الدولارات أنفقت في هذه الانتخابات النصفية-  معظمها آت من ذوي الثراء الفاحش من أمثال «الأخوة كووك- ديفيد و تشارلز كووك» الذين يمتلكان مائة مليار دولار ويشتريان ويبيعان السياسيين الأميركيين في سوق النخاسة السياسي.
الاستثمار في الحروب!!
من الطبيعي أن يسعى مالكوا الثروة الأمريكيين – جماعة رأس المال المالي– إلى دفع أنصار الحرب والعسكرة إلى الواجهة بغية الاستثمار في الحروب الأمريكية المباشرة أو التي تخاض بالوكالة، بغية ضخ الدم في شرايين الاقتصاد الامريكي  المتصلبة (لا أدل على ذلك من ارتفاع مبيعات السلاح الأمريكي منذ بداية التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ويدّعي محاربة الإرهاب بنسبة 9% عما كانت قبلها، وهي نسبة تعني الكثير إذا مو قورنت بحجم المبيعات الضخم الذي تحصّله صناعة السلاح الأمريكية)، الأمر الذي يعني بما لا يقبل الجدل ارتفاع منسوب التوتر في العلاقات الدولية إلى حده الاقصى في الحروب الدائرة، وافتعال بؤر توتر جديدة.. بمعنى آخر، فإنّ الخيارات تضيق يوماً بعد يوم أمام سلطة الرأسمال المالي للخروج من الأزمة التي باتت تهدد كل البنية القائمة، مما يؤكد مرة أخرى ليس الخروج من الشكل الطبيعي لتراكم الثروة في ظل العلاقات الرأسمالية فحسب، بل يؤكد على الإفلاس الأخلاقي، لهذه البنية، فالمزيد من العسكرة والتسلح معناه الوحيد المزيد من القتل الجماعي، المزيد من التهجير والهجرة، المزيد من الجوع والأوبئة، وتدمير المزيد من الكيانات والدول القائمة، أي وضع النيومالتوسية في التطبيق الفعلي..
كشفت الانتخابات النصفية الامريكية، من جهة أخرى، عن بؤس الديمقراطية الأمريكية، حيث تشير وكالات الأنباء إلى أن عدد المشاركين ممن يحق لهم التصويت لا يتجاوز حاجز الـ 35 بالمية الأمر الذي أعاد إلى الذاكرة ما حصل إبان تنصيب بوش الإبن رئيساً عام 2000 تحت ضغط مالكي الثروة والمجمع الصناعي العسكري. إن هذه المشاركة التي وصلت إلى هذا الحضيض تعكس حقيقة موقف «دافع الضرائب الأمريكي» من مجمل السياسة المتبعة، وعدم التفريق بين الحزب الديمقراطي والجمهوري، باعتبار أن صاحب القرار وصانع النخب السياسية يبقى في موقعه وعلى حاله.
على صعيد موازٍ، استمرت الفعاليات المعارضة في الولايات المتحدة بتوسعها المضطرد، ومن ذلك النشاطات التي تقوم بها مجموعة 11/9 الحقيقة التي تعيد إلى الأذهان وبشكل متواتر أحداث الحادي عشر من سبتمبر بوصفعها صنيعة النظام الأمريكي «الديمقراطي».