أردوغان رئيساً... وتركيا في خطر
فؤاد حمزة فؤاد حمزة

أردوغان رئيساً... وتركيا في خطر

بعد نجاح حزب «العدالة والتنمية» التركي في الحصول على كرسي الرئاسة التركية، تنفتح العديد من النقاشات حول المخاطر التي تواجهها تركيا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، في غمرة التحديات التي تعصف بالمنطقة ككل.

تغييرات تركيا والمنطقة

بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، تشير المعطيات في الداخل التركي إلى سعي رجب طيب أردوغان لتوسيع صلاحيات السلطة التنفيذية في البلاد، ولا سيما بعد سيطرة «العدالة والتنمية» على كامل هذه السلطة، في ظل إعلان أردوغان تعيين أحمد داوود أوغلو رئيساً للوزراء.
تثير سياسة أردوغان هذه موجة من الاعتراضات في الداخل التركي، حيث سيكون لاستئثار «العدالة والتنمية» بالسلطة انعكاس غير مرجو في البلاد. وسيؤدي تمكين  الحزب الذي كان سباقاً في توريط تركيا بدوامات الصراع في المنطقة، من كافة مفاصل الدولة التركية إلى فتح الباب أمام معركة سياسية متصاعدة في تركيا، في ظل التهديدات السياسية والاقتصادية التي تتربص للدولة.
تنبني أولى تلك التهديدات على التسهيلات التي تقدمها الحكومة التركية لتنظيم «داعش»، وهي المتورطة بعمليات تمويل عدد واسع من مقاتلي التنظيم التكفيري الحامل للمشروع الأمريكي في المنطقة، وهو مشروع تفتيت تلك الأخيرة والذي لا يستثني، بطبيعة الأحوال، الدولة التركية. من هنا تتبين خطورة سياسة الحزب على الدولة والشعب التركي، ولا سيما في ظل استمرار الولايات المتحدة الأمريكية بسياسة التفجيرات في المنطقة، وانخراط تركيا في أزمات اقتصادية مستعصية على الحل.

الديون مشنقة حول رقبة تركيا

رد العديد من الاختصاصيين والباحثين السياسيين سلوك الحكومة التركية السابقة على صعيد العلاقات الدولية والإقليمية إلى الضغوطات التي يواجهها الاقتصاد التركي من ديون مرتفعة وخسارات تلقتها تركيا على صعيد التجارة الخارجية.
وتشير الاحصاءات الاقتصادية، في هذا الصدد، إلى أنه سيكون على الحكومة التركية سداد مبلغ 280 مليار دولار أمريكي من إجمالي حجم الديون البالغ 480 مليار دولار تراكمت في عهد رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان. حيث ستضطر تركيا إلى سداد هذا الدين في فترة أقصاها نهاية العام الحالي.
وتكمن المشكلة في أن الحكومة غير قادرة اليوم على سداد هذا المبلغ، حيث يبلغ أقصى ما تستطيع سداده في المدى المنظور 153 مليار دولار، وهو ما يجعل البلاد أمام مأزق كبير على الصعيد الداخلي والدولي، فضلاً عن وصول العجز التجاري فيها إلى حدود الـ 55 مليار دولار أمريكي.
ويذكر أن حجم الديون على تركيا كان قد تجاوز الضعف خلال فترة حكم أردوغان. حيث بلغت نسبة الديون قبل وصول أردوغان إلى السلطة 230 مليار دولار، فيما تضاعفت النسبة لتصل إلى 480 مليار. هذا ما فتح الباب أمام معارضي حكومة «العدالة والتنمية» لتحميلها مسؤولية التردي الذي وصل إليه حال الاقتصاد التركي. وما يزيد من ذلك، هو استمرار الحكومة التركية بالانخراط في صراعات المنطقة، ما يضاعف، بحسب معارضي الحكومة، من حدة الأعباء الاقتصادية على الدولة والمجتمع.

الاستدانة سبيلاً لسداد الديون

في سعيها إلى الخروج المؤقت من أزمة الديون الخارجية، تحاول الحكومة التركية استدانة المبلغ المترتب عليها دفعه من دولٍ أخرى، وهو ما سيرتب على الاقتصاد أزمات جديدة ومتواترة، حيث أن اللجوء إلى «الحلول» الإسعافية من شأنه أن يزيد الطين بلة، ويفتح آفاق جديدة لإجبار الحكومة التركية على تقديم المزيد من الفوائد على الديون، والمزيد من التنازلات على صعيد العلاقات الخارجية، بما يؤدي إلى ارتدادها نحو الداخل عبر تفاقم الأزمة السياسية والاحتقان الشعبي إزاء النهج المتبع حكومياً في مستجدات المنطقة.
وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن الاقتصاد التركي قد تلقى ضربات قوية، نتيجة للتغيرات والانعطافات التي أبدتها الحكومة التركية على صعيد العلاقة مع دول المنطقة. إذ يشير رئيس مركز «توركسام» البحثي، جلال الدين يافوز، إلى أن الاقتصاد التركي قد فقد أهم أسواقه في الشرق الأوسط، ففي العراق فقدت تركيا 70% من حجم التبادل التجاري. عدا عن التأثيرات التي طالته نتيجة توتر العلاقات مع كلٍ من مصر وسورية.