أفغانستان وليبيا... ماذا غير الناتو؟
سمير صافي سمير صافي

أفغانستان وليبيا... ماذا غير الناتو؟

في كل الحروب التي شنتها الإمبريالية بهدف التوسع والتقليل من حدة أزماتها، كانت حجة «التغيير الديمقراطي» حاضرة، معتمدة في ذلك على الثغرات الموجودة في بنية بعض أنظمة الحكم حول العالم.

قد يبدو استعراض تجربتي تدخل «الناتو» في كلٍ أفغانستان وليبيا مدخلاً جيداً لفهم التغييرات الحقيقية التي حملها هذا التدخل، بعيداً عن البروباغندا التي تقودها وسائل الإعلام المدعومة والممولة غربياً.

مساندة الرجعية في أفغانستان

منذ تدخل قوات حلف «الناتو» في أفغانستان، تحولت حركة «طالبان» المتشددة، من مجرد مجموعة من المقاتلين المرفوضين على الصعيد الشعبي، إلى «مقاومين» بنظر عدد واسع من الشباب الأفغاني الرافض للتدخل الإمبريالي في بلده. حيث ساعد الغزو على تعويم تلك المجموعات، وإبرازها كبديل وحيد مناهض للتدخل الأمريكي.
وفي الجانب الديمقراطي، فتح التدخل المجال واسعاً أمام صعود تلك الحركات سياسياً، وهو ما عكسته الانتخابات الأفغانية الأخيرة، والتي شهدت «تنافساً» بين ثلاثة مرشحين يجمعهم توافق مواقفهم حول ضرورة الإبقاء على الاتفاقات الأمنية مع الناتو.
من جهة أخرى، وفر التدخل الإمبريالي المناخ الملائم لمضاعفة إنتاج الحشيش، لما له دور بالغ في تأمين مصادر التمويل للمسلحين. حيث باتت  أفغانستان تحتل المركز الأول عالمياً لتصديره، إذ أن 90% من الأفيون والحشيش الموجود في العالم، هو مستورد من أفغانستان، بحسب الأمم المتحدة.

ليبيا.. عقود إلى الوراء

كان للتدخل العسكري المباشر للناتو في ليبيا، انعكاسات كارثية على البلد، فعدا عن الأعداد الكبيرة للقتلى والجرحى، جراء العمليات العسكرية التي شنها الحلف، شهد إنتاج النفط ضربة قاصمة منذ بدأ التدخل، حيث توقف الإنتاج بشكل تام في حقول النفط «السدر» و«آمنة» و«سرتيكا» و«راس لانوف». كما سجلت السجون فراراً لما يزيد عن 14 ألف سجين، حسب محمد الشيخ، وزير الداخلية الليبي.
كما زاد التدخل من تأثير فوضى السلاح على حياة الليبيين، بدءاً من ازدياد انتشار السلاح بيد القبائل والعشائر والتنظيمات الاجتماعية السابقة على عصر الدولة، وصولاً إلى قدرتها على شل البلاد وتعطيل قطاعات واسعة فيها، ولاسيما قطاعي النفط والموانئ. وأدى التدخل إلى تراجعٍ حاد على الصعيد الاقتصادي- الاجتماعي، ما ساهم في تمهيد الطريق لتفشي السلاح بشكلٍ أكبر داخل ليبيا.
«الديمقراطية» على طريقة الناتو تعني أن يسقط أحد المرشحين في انتخابات البرلمان الليبي، فتقتحم مجموعة مسلحة مقر البرلمان الليبي، وتطلق النار وتصيب عدداً من النواب، وتتمكن من إيقاف عملية اختيار رئيس جديد للوزراء. هذا ما حدث في ليبيا خلال الأسبوع الماضي!