الرئيس و«التوافق» : متلازمة التحاصص اللبناني

الرئيس و«التوافق» : متلازمة التحاصص اللبناني

عدة استحقاقات سياسية ووطنية جرى التنافس عليها، تحت قبة البرلمان اللبناني. بدأت بتشكيل الحكومة وصياغة البيان الوزاري، بالإضافة إلى رسم الخطة الأمنية، والآن الانتخابات الرئاسية اللبنانية، التي انتهت أولى جلسات التصويت عليها يوم الأربعاء 23-4. 

حدَّد الرئيس بري موعد الجلسة القادمة يوم الأربعاء 30/4. على أن يتم حضور ثلثي الأعضاء (86 عضواً)، وسيكون النجاح للمرشح بنصاب 65 صوتاً. وجرت الجلسة السابقة بحضور 124 نائباً. قدمت كتلة «14 آذار» خلالها مرشحها سمير جعجع، زعيم حزب «القوات اللبنانية»، وحصل جعجع على 48صوتاً، في حين قدِّمت 52 ورقة بيضاء وسبع أوراق ملغاة. 

في المقابل، قدَّم وليد جنبلاط مرشحه، هنري الحلو، عن كتلة «جبهة النضال الوطني» الذي حصل على 16 صوتاً، بعيداً عن الكتلتين 8 آذار و14آذار. بالإضافة لصوت واحد للنائب أمين جميل. في حين لم يعلن ميشال عون، رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، ترشحه حتى يحصل على توافق جميع الأطراف على حد قوله.

لقد كان واضحاً أن الجولة الأولى من التصويت لم تكن أكثر من مقياس لاستعراض القوى السياسية الداخلية، حيث بدا جلياً عجز الكتل الرئيسية الثلاث الوصول إلى هدفها في تمرير أحد المرشحين رئيساً بالقوة، في برلمانٍ صيغت التوازنات في داخله أصلاً، لتمنع استئثار أحد الطرفين في السلطة، خارج إطار «التوافقية»، التي كرسها التحاصص الطائفي اللبناني. في المقابل، يستمر جنبلاط في اللعب على أوتار الوسطية، المرجحة لكفة الحسابات ضمن التوازن الحالي. وهذا ما دفعه لطرح الحلو مرشحاً «وسطياً توافقياً يمكن أن يشكل بديلاً للشخصيات النافرة من الطرفين». فيما يستمر عون مرشحاً قوياً لقوى 8 آذار، التي قد تذهب إلى عرقلة اكتمال نصاب الجلسة البرلمانية التالية، بحثاً عن وقتٍ قد يفضي إلى التوافق حول أحد المرشحين، خصوصاً أن 52 ورقة بيضاء حملت ضمنياً إمكانية فوز أحد مرشحي 8 آذار، فقط إذا تمكن الفريق من التأكد أنها ستذهب للمرشح ذاته، في ظل البلبلة التي قد تنشأ نتيجة التنافس بين عون وسليمان فرنجية.

غابت البرامج السياسية لكل من الكتل السياسية التي قدمت مرشحيها في الدورة الأولى، رغم تردي الأوضاع الاقتصادية- الاجتماعية إلى درجة عالية. وكعادتها، في لبنان «التوافقي»، لاتزال الطبقة السياسية المتصارعة تبحث عن التوافق، في ظل التطورات الدولية والإقليمية  الراهنة التي تجري في سيا ق التقارب الإيراني-السعودي بالإضافة إلى تطورات الأزمة السورية رغم كل الادعاءات حول النأي بلبنان بعيداً عنها بانتظار الجولات القادمة.