القمة الخامسة لدول البريكس

القمة الخامسة لدول البريكس

«نجتمع اليوم في الوقت الذي يتم فيه إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي ونحن ملتزمون باستكشاف نماذج جديدة ونهج جديد نحو نمو عالمي شامل وتنمية أكثر إنصافاً .. وتحقيق هدفنا المشترك بالمساهمة بشكل إيجابي في السلام العالمي و التنمية والاستقرار والتعاون...» هذا ما جاء في البيان الختامي للقمة الخامسة لدول البريكس التي عُقدت في مدينة دوربان في جنوب إفريقيا تحت عنوان أساسي وهو «البريكس وأفريقيا: شراكة من أجل التكامل، التنمية والتصنيع».

طرحت القمة موقف الدول الأعضاء في العديد من القضايا الإشكالية والمفصلية المطروحة اليوم في الساحة الدولية، وتم الإعلان عن عدة أهداف ومشاريع قد تشكل أساساً لنقلات نوعية هامة على صعيد النظام الدولي القائم، نذكر أبرزها:

الموقف من الأزمة السورية:

أيدت دول البريكس الحل السياسي للأزمة السورية مؤكدة رفضها للمزيد من عسكرة الصراع، ورأت أنه يمكن تحقيق انتقال سياسي من خلال حوار وطني واسع النطاق يلبي التطلعات المشروعة لجميع شرائح المجتمع السوري واحترام استقلال سورية وسلامة أراضيها وسيادتها، واعتبار أن البيان المشترك لمجموعة العمل في جينيف يوفر أساساً لتسوية الأزمة السورية، كذلك أعربت عن قلقها من تدهور الحالة الأمنية والإنسانية نتيجة لاستمرار العنف، ودعت جميع الأطراف للسماح وتسهيل إمكانية الوصول الفوري والآمن للمنظمات الإنسانية لجميع المحتاجين للمساعدة، ليأتي موقفها متمايزاً  عن موقف الدول الغربية الكبرى التي تعمل من خلال مواقفها المختلفة على إطالة عمر الأزمة وتعزيز عسكرتها.

 بنك للتنمية في طريقه للانطلاق:

انطلاقاً من أن البلدان النامية تواجه تحديات تطوير البنية التحتية بسبب التمويل طويل الأجل غير الكافي، والاستثمار الأجنبي المباشر وخاصة في أسهم رأس المال، أعلنت دول البريكس عن نيتها إنشاء بنك جديد للتنمية برأسمال قدره 5 مليارات دولار سينطلق قريباً بانتظار وضع اللمسات الأخيرة، وذلك لتعبئة الموارد من أجل البنية التحتية ومشاريع التنمية المستدامة  في البريكس وغيرها من الاقتصاديات الصاعدة والدول النامية، وتأتي هذه الخطوة لتشكل خياراً تمويلياً جديداً أمام الدول النامية، مختلفاً عن خيار البنك الدولي كخيار وحيد وشروطه، وفي هذا السياق دعت دول البريكس إلى إصلاح المؤسسات المالية الدولية لجعلها تعكس الوزن المتنامي للبريكس وغيرها من البلدان النامية لتصبح أكثر تمثيلاً، فالنظام الاقتصادي العالمي آخذ في التغير ولكن ذلك لا ينعكس بصورة كاملة في نموذج حكم المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين.

نحو تجارة عالمية قادرة على خلق قيم مضافة:

أعلنت القمة عن إنشاء مجلس أعمال البريكس، وهو إجراء يدعم الاندماج الاقتصادي بين الدول الأعضاء ويسهل الاستثمار والتجارة بين الأسواق الصاعدة، وترى دول البريكس أنه من الضروري تحسين نوعية التجارة من خلال التركيز على الأعمال التجارية في القطاعات التي تخلق المزيد من القيمة المضافة وهي القطاعات الرئيسية الثلاثة: الصناعة والزراعة والخدمات، والاستفادة من الفرص الاستثمارية والتجارية المتاحة في تلك القطاعات على سبيل المثال الزراعة، التصنيع الزراعي، الطاقة و التنمية المستدامة، تعزيز البنية التحتية والتعدين والتكنولوجيا والاتصالات.

وفي تطور آخر أيد قادة بلدان البريكس فكرة إنشاء شبكة أمان مالي في صورة مبالغ احتياطية قيمتها 100 مليار دولار بهدف إحباط ضغوط السيولة قصيرة الأجل لدول البريكس، وتوفير الدعم المتبادل وتعزيز الاستقرار المالي العالمي.

 

الأخذ بيد إفريقيا إلى الأمام:

 تخطط دول البريكس لبذل جهود إضافية لتخفيف أعباء الديون على الدول الإفريقية، وقد وقعت الحكومة الروسية عدة اتفاقيات في هذا الشأن وفق خطة «الدين مقابل التنمية» مع كل من تنزانيا وزيمبابوي وموزامبيق بقيمة إجمالية تبلغ 263.6 مليون دولار. وذكر بيان القمة أن البريكس ستدافع بصورة مشتركة عن مصالح أفريقيا وغيرها من الدول ذات الاقتصاد الانتقالي، وستدعو لرفع دورها وتأثيرها في النظام العالمي. وعلى هامش القمة وقعت الدول عدداً من الاتفاقيات الثنائية من بينها اتفاق بين الصين والبرازيل يقضي بأن تتم نسبة محددة من التجارة المشتركة بين البلدين بالعملات المحلية بعيداً عن الدولار الأمريكي.