الكنيست التاسع عشر...تعديل لا تغيير

الكنيست التاسع عشر...تعديل لا تغيير

عكست النتائج شبه النهائية لانتخابات كنيست العدو، الأوضاع الداخلية المتحركة، لتجمع المستعمرين» المستوطنين» في تلك «الثكنة/الكيان» فقد أظهرت تلك النتائج حصول تحالف «الليكود بيتنا» على 31 مقعداً، مقابل 12 مقعداً لـ»البيت اليهودي»، و11 لحركة «شاس».

وسبعة مقاعد لـ»يهودية التوراة الموحدة»، فيما لم يفز حزب «القوة لإسرائيل» بقيادة الفاشيين المجرمين» آريه ألداد وميخائيل بن آري» بأي مقعد. أما على صعيد أحزاب الوسط و»اليسار»، فقد فاز حزب العمل بـ15 مقعداً، مقابل 19 لـ»هناك مستقبل» برئاسة لبيد، بالإضافة إلى ستة مقاعد لحزب «الحركة»، وستة لحركة «ميرتس»، ومقعدين لـ»كديما».هذه الأوضاع غير المحكومة بالاستنتاجات الأولية، التي استندت على استطلاعات الرأي التي جمعتها العديد من المراكز داخل الكيان التي توقعت التقدم الواضح لتحالف الليكود بيتنا.

في 19تشرين الأول/اكتوبر 2012 أقدم نتنياهو بعد المشاورات التي أجراها مع الكتل الإئتلافية المختلفة، على ضوء الخلافات مع الأحزاب المشاركة في الإئتلاف الحكومي حول ميزانية العام المقبل وتجنيد المتدينين/الأصوليين، بإعلان يقول فيه « لايمكن في الفترة الراهنة المصادقة على ميزانية عامة جديدة تتصف بالمسؤولية، ولذلك يجب إجراء انتخابات مبكرة من أجل المحافظة على الإنجازات، لا سيما المضي قدماً في السياسة الأمنية والاقتصادية بوجه التحديات التي تواجهها الدولة».علماً، أن انتخابات الكنيست الـ19 كانت مقررة في تشرين الأول/ اكتوبر 2013.

أزمة نتنياهو

المفاجأة التي نزلت بشكل مباشر على  رئيس الحكومة «نتنياهو» وتحالفه الذي حاول من خلال الذهاب للانتخابات المبكرة، رسم شكل المرحلة الساسية المقبلة، بضمان تحديد حكومتها، لم تكن بسبب تراجع شعبية «الليكود بيتنا» وخسارته لأحد عشر مقعداً فقط (31 مقابل 42 في المجلس السابق).بل للموقع البارز الذي احتله حزب»هناك مستقبل». حصد «بيبي...ملك إسرائيل القوي!» مازرعه على مدى عدة أعوام من «الفشل» على صعيد الأوضاع الداخلية، اقتصادياً واجتماعياً، والإقليمية المحيطة « ملف إيران النووي والصراع مع الشعب الفلسطيني»، و»المواجهة الجوفاء» مع العالم، انطلاقاً من ثقة زائدة بالنفس، مشبعة بالغرور،خاصة، مع الرئيس أوباما، كان أبرزها، أثناء فترة الانتخابات الأمريكية، حين أعلن انحيازه الكامل للمرشح الجمهوري «ميت رومني». وقد رد الرئيس الأمريكي أوباما على موقف نتنياهو الأخير- الذي وصفه معاونو رئيس وزراء العدو بـ» التدخل السافر»- من خلال مانشره الصحفي الأمريكي «جيفري غولدبيرغ « على لسان أوباما (إسرائيل لاتعرف مصلحتها) وبأن الرئيس الأمريكي يعتبر نتنياهو (جباناً سياسياً). كل ذلك دفع بـ « شمعون بيريز» ليقول لصحيفة « نيويورك تايمز» قبل أسبوعين تقريباً «إسرائيل ستكون مثل شجرة وحيدة في الصحراء دون الدعم الأمريكي». في هذا الصدد،جاء كلام وليم هيغ وزير الخارجية البريطاني وحليف كيان العدو التاريخي ليصب في ذات الاتجاه عندما اتهم نتنياهو بـ»قتل حل الدولتين وعملية السلام» في مداخلة له في البرلمان البريطاني، اختار أن يطلقها قبل ذهاب الناخبين إلى صناديق الاقتراع بيوم واحد، مما أوحى بوجود تنسيق بين أوباما وهيغ .

أما نتائج الحرب الوحشية على شعبنا في قطاع غزة، فقد ارتدّت على حكومة نتنياهو- ليبرمان، بنزول مايقارب أربعة ملايين مستعمر للملاجىء، في مقدمتهم قادة العدو الّذين ظهروا « خائفين مرعوبين» على شاشات الفضائيات في مدن الساحل «المركز» وفي منطقة القدس المحتلة، وتعطيل عجلة الاقتصاد. وقد انعكس ذلك بتراجع واضح في شعبية «الليكود بيتنا» في المدن والبلدات المحيطة بالقطاع، التي أمطرتها صواريخ المقاومة لعدة أيام.

تغيرات طفيفة

بإدارة نتنياهو وحزبه ظهورهم إلى حراك الشارع، وإغلاق آذانهم بوجه صرخات الاحتجاج الواسعة والمتكررة، خاصة في مدن وبلدات المركز صيف عام 2011 التي عرّت السياسات الاجتماعية للحكومة في مجالات السكن والبطالة والسكن والتعليم والصحة، في ظل وضع اقتصادي متدهور وعجز كارثي بالميزانية (40مليار شيكل) أضيف عامل بارز لخسارة كتلة واسعة من مؤيدي الليكود بيتنا. حينها، لم يلتفت التحالف الحكومي، بصفته التعبير السياسي -الاقتصادي- الاجتماعي عن الطغمة المالية الحاكمة، إلى تلك الأزمات، بمقدار تركيزه على زيادة البناء في المستعمرات المنتشرة على أرض الضفة المحتلة، وفي قرعه طبول الحرب مع إيران، مما ساهم بوضع الكيان والمنطقة في بيئة متوترة تحمل نذر حرب متوقعة.

في ظل هذه الأوضاع، فاجأت شرائح اجتماعية واسعة - جزء واسع منها كان يشكل النصير والداعم لحزب الليكود – الساحة السياسية بانحيازها لحزب جديد هو «هناك مستقبل» الذي احتل 19 مقعداً في الكنيست الجديد الذي يقوده يائير لبيد، الإعلامي المعروف، الذي طرح برنامجاً يلامس التوترات الداخلية، بطرحه لقضايا تهم مباشرة قطاعات واسعة في المدن، من منظور ليبرالي يميني، ينادي بالمساواة في العبء، مما يعني إدخال المتدينين «الحريديم» في الخدمة العسكرية، وانتهاج سياسة ضريبية متوازنة، والحديث بلغة ناعمة عن ضرورة «إحياء عملية السلام» مع الفلسطينيين، مع إصراره على موقف حاسم منهم كما جاء في برنامجه السياسي(أعتقد  أنه إذا عرضت «إسرائيل» موقفاً غير قابل للمساومة بشأن القدس، مثلما فعلت في قضية حق العودة، فإن ذلك سيؤدي إلى تنازل الفلسطينيين عن القدس)، مضيفاً « إن إصرار «إسرائيل» سيؤدي إلى تنازل الفلسطينيين عن مطلب أن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية).

ثوابت صهيونية

 المشهد الانتخابي في كيان العدو، أشار إلى  وجود توجهات واضحة نحو برامج الوسط و»اليسار» الصهيونيين. حزب «العمل»، و حركة «ميرتس» التي بقيت تصر على كونها تمثل «اليسار»استحوذت على نسبة مقاعد إضافية. مما أظهر الفارق البسيط بين كتلة اليمين واليمين المتطرف والمتدين «الحريديم» من جهة، وبين كتلة الوسط وما يسمى «اليسار الإسرائيلي» والأحزاب العربية من الجهة الثانية. الذي يؤكد على وجود تفاوتات في طبيعة البنى المجتمعية/السياسية، التي تتفق في غالبيتها على:- عدم السماح بقيام «دولة فلسطينية ذات سيادة».- القدس عاصمة الكيان الأبدية ولن تكون موضوعاً للتفاوض ( قرار الكنيست في 9 / 10 / 1990). - عدم العودة لحدود الرابع من حزيران 1967.- إبقاء كتل المستعمرات الكبيرة في الضفة. -عدم السماح بعودة اللاجئين للأراضي التي هُجروا منها عام 1948، مع إمكانية مناقشة عودة البعض لأراضي السلطة- يهودية الدولة.الجدير ملاحظته أيضاً في ذلك المشهد، تنامي قوة «المتدينين القوميين» وبروز دورهم السياسي من خلال الحضور البارز للمستوطنين»تقرأ:المستعمرين الجدد» في الكتل/المستعمرات الجديدة، وهو مايجد أحد تعبيراته في شعبية «البيت اليهودي» بزعامة نفتالي بينيت.

عرب 48  

 الصوت العربي الذي تقاتلت على كسبه الأحزاب العربية، وجامعة الدول العربية التي دخلت على خط التحشييد من أجل المشاركة، بشكل لافت للنظر، طارحاً أكثر من علامة استفهام، والأحزاب اليهودية الصهيونية بشكل أقل من جهة. والمقاطعة، والعزوف عن المشاركة من جهة أخرى، مما وفر للقوى العربية أحد عشر مقعداً موزعة على  القائمة العربية الموحدة 4 مقاعد « الحركة العربية للتغيير، الحزب الديمقراطي العربي و الحركة الإسلامية «الجنوب». 4 مقاعد للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة و 3 مقاعد للتجمع الوطني الديمقراطي. هذه النتيجة التي لاتتناسب مع حجم الوجود العربي. وإذا كان لحركة أبناء البلد والحركة الإسلامية «الشمال» موقف أيديولوجي برفض المشاركة. فإن قطاعات واسعة من الجماهير العربية لاتجد في الدور الذي يقوم به النواب العرب على مدى التجربة السابقة، أية مكاسب حقيقية لمصلحتها،في ظل استمرار القوانين العنصرية/الإقصائية، التي تتغول في فاشيتها عاماً بعد آخر. وسياسة التهميش الاقتصادية/الاجتماعية/الخدمية التي تزيد من إفقار البلدات والمناطق العربية.

رَسْم خطة العمل لكنيست قادم، لاتحدده تغييرات الأعضاء، بمقدار ماتقرره برامج القوى التي تحدد الموقف من القضايا االكبرى الأساسية. لهذا مانشاهده الآن لم يتجاوز صيغة التعديلات فقط.