إلى الهاوية.. وبئس المصير!
لينا محمد لينا محمد

إلى الهاوية.. وبئس المصير!

ست ساعات من التحليق في طائرة مدنية دون وجهة معينة بعد رفض الحكومة الفرنسية استقبال الطائرة ومن عليها بحجة عدم رغبتها في إثارة استياء الجالية التونسية في فرنسا.. طائرة بن علي لم تجد حليفاً ولا حاضناً لا في الشرق ولا في الغرب.. حتى أعطت الولايات المتحدة أمراً لخادم حرميها، الكونغرس والبنتاغون، ليقول أهلاً لرئيس الأمس، مشرد اليوم!!

هكذا كان الجزء الأول من الفصل الأخير لتشرد الدكتاتور.. وغالباُ ما ستكون الأجزاء التالية أكثر إذلالاً...

الشعب التونسي قال كلمته أخيراً، وأسمعها للمجتمع الدولي: «من يحتضن الطاغية، ستصله لعناتنا.. وسنُلحِقُه به».. وكانت الكلمة، وكان الفعل.. ثورة الشارع التونسي أحدثت تغييرات هائلة وغير مسبوقة في عالم عربي لا ثورات فيه منذ عقود وعقود.. نعم الثورة أسقطت حكم الطاغية الذي امتد زهاء ربع قرن من الفساد والتسلط وحكم الفرد والحزب الواحد وتنفذ الأقارب..

كل شيء أمسى خراباً.. عشش الفساد في مفاصل الدولة وهياكلها، ونهب قوت الناس، وأعد كل ما يلزم لتحدث الانتفاضة.. وهذا ما كان.. إذ اندلعت المواجهات بعد أن أضرم الشاب محمد بوعزيزي النار في جسده بعد قطع سبل عيشه، ثم تحولت إلى ثورة شعبية أهلية في كل المدن التونسية.. ثورة تونسية بحتة قامت بها الفئات المحرومة دون مساندة دبابة أمريكية واحدة..

وفجأة.. وبعد أن أصبحت الثورة أمراً واقعاً.. إعصاراً لا يمكن الوقوف في وجهه.. فرنسا تسحب يدها وتتخلى عن ربيبها، والبيت الأبيض يعلن «للشعب التونسي الحق في اختيار زعمائه».. ودول الخليج تتريث حتى ينكشف الموقف..

الجميع الآن يسمع كلمة تونس الشعب.. لأنه فرضها.. ورفض ذلّه.. وأعلنها انتفاضة للمقهورين.. وأسكت كل طغاة العالم وأجبرهم على رفع الراية البيضاء.. ولم نسمع صوتاً واحداً يعلن تعاطفه مع بن علي.. حتى أولئك الذين كانوا حتى الأمس القريب يجلسون حوله وقبالته في مؤتمرات القمم.. الذين كل ما بوسعهم اليوم انتظار دورهم.. وهو لا ريب آت..