القارة السمراء مرمى كرة النار من جديد

القارة السمراء مرمى كرة النار من جديد

بعد الاضطرابات التي حدثت في أفريقيا الوسطى منذ حوالي أسبوعين، وتقدم قوات “المتمردين” ضد نظام الحكم وجدت فرنسا لنفسها فرصة تعزيز وجودها السياسي والعسكري في العمق الأفريقي، والذي تراجع بشكل طبيعي منذ تراجع الدور الأمريكي في العالم، وأدى إلى فقدان الغرب الأوروبي

 تدّعي فرنسا على لسان رئيس وزرائها أنها لا تنوي التدخل عسكرياً قفد بعثت قوات “لتعزيز قاعدتها العسكرية الموجودة في مطار بانغي العاصمة” بحجة حماية رعاياها البالغ عددهم 1200 مواطن، وذلك بعد عام تقريباً على غزوها لمالي جارة «إفريقيا الوسطى» .

توسع عسكري فرنسي

لقد بدأ تجدد النزاع في أفريقيا الوسطى بعد نقض الهدنة المعقودة في الشهر الأول من هذا العام من «جماعة سيليكا» بقيادة ميشال جوتوديا والرئيس فرانسوا بوزيزي ومن ثم سيطرة قوات سيليكا على العاصمة بانغي وتسلم  جوتوديا الحكم وهروب بوزيزي.
 حسب وكالة فرانس برس ومنظمة العفو الدولية بلغ عدد ضحايا النزاع في 5 و6 الجاري حوالي 1000 شخص تم على إثرها نشر 1200 عسكري فرنسي و3600 عسكري من الدول الأفريقية، ثم أعلنت فرنسا أنها ستزيد أعداد عسكرييها حتى 1600، فيما سيصل عدد القوات الأفريقية إلى 6000 مقاتل، ومع انتشار هذه الأعداد من القوات ما يزال الصراع بين أنصار الزعيم الجديد وأنصار الزعيم المخلوع قائماً.

نهب الثروات وكذب الصراع “الطائفي”

هناك محاولات كبيرة من بعض القوى إلى جعل الصراع يبدو وكأنه صراع على أساس طائفي، بين المسيحيين والمسلمين، ولكن اعتاد الكثيرون هذه الأكاذيب فمن غزو ليبيا إلى غزو مالي تتضح أكثر فأكثر أهمية القارة السمراء بجنوبها وشمالها وشرقها وغربها ووسطها من الناحية الاقتصادية والتي تجعلها ساحة صراع على النفوذ.
 لقد كان واضحاً تراجع النفوذ الفرنسي في العقود الأخيرة أمام كل من الصين والبرازيل والهند في دولة أفريقيا الوسطى والتي تحتوي الماس والذهب والحديد واليورانيوم كثروات أساسية، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي وحدودها المشتركة مع السودان ومالي وتشاد وأثيوبيا والتي لا تقل عنها بالأهمية الأقتصادية حيث تحتوي كل من هذه الدول البترول والذهب واليورانيوم والماس والمياه العذبة وغيرها من الثروات الطبيعية، الأمر الذي يفسر إلى حد بعيد تأجج الأزمة في هذا البلد وجاراته مثل مالي التي تدخلت فيها فرنسا عسكرياً في مطلع هذا العام والسودان التي نالت نصيبها من التقسيم والحروب.
يبدو أن القارة السمراء لا تتسع لكل المستثمرين بقديمهم وجديدهم، فإما استعمار فرنسي جديد يعيد هيمنة فرنسا الاقتصادية والتجارية والسياسية يفرضها مجلس الأمن الدولي في أطار توزيع مناطق النفوذ، مترافقاً بنزاعات زعماء القبائل وأعنف حالات التدهور الأمني والإقتصادي والإجتماعي، أو خيارات وطنية جامعة لشعوب القارة المنهوبة خارج هيمنة ووصاية كل أشكال الغزو.