السوشي والكافيار ضروريات المترفين التي تستحق هدر القطع الأجنبي!

السوشي والكافيار ضروريات المترفين التي تستحق هدر القطع الأجنبي!

في الوقت الذي تسعى فيه الغالبية المفقرة جاهدة إلى تأمين لقمة عيشها، واستمرار عجزها عن ذلك بسبب سياسات الإفقار المُتَّبعة رسمياً، وفي الوقت الذي يضطر فيه المفقرون إلى التخلي عن الكثير من ضروريات حياتهم، غصباً وقهراً، من أجل تأمين وجبة غذاء غير مشبعة لصغارهم! ترى في الطرف الآخر ترفاً وبذخاً تعيشه الأقلية الناهبة، على ضروراتها وثانويّاتها، مع مزيد من التسهيلات الرسمية لها، والتي لا تقف عند حدود زيادة معدلات ومستويات استغلالها لتعيش على حساب المفقرين فقط!

هدر القطع الأجنبي على الثانويات!

سهلت الحكومة لمنشآت الإطعام السياحية استخدامَ جزء من وارداتها بالقطع الأجنبي لتمويل مستورداتها من الأطعمة غير المتوفرة بالسوق المحلية، والمدرجة على قوائم الوجبات المتعارف عليها عالمياً لمنشآت الإطعام من الدرجة الرابعة والخامسة.
والحديث هنا عن تأمين كريمات (الفرش)، (والسوشي) السمك النيء، والكافيار، وبعض أنواع الحليب والأجبان، وغيرها من المنتجات التي تحمل أسماء تجارية أجنبية، وهي غير متوفرة في السوق المحلية، وليس لها بديل محلّي.
فحاجات استهلاك النخبة من الشريحة المخملية هامة جداً، بل أهم من الضرورات الاقتصادية التي تتحدث عن حسن استخدام القطع وتوجيهه إلى استيراد بعض الضرورات الغذائية للغالبية المفقرة، أو لتأمين مستلزمات الإنتاج!
فكيف للأثرياء المساكين أن يستكملوا حياتهم دون (السوشي) المستورد مثلاً؟!

تفاصيل الضرورة التفريطية بالقطع!

أصدر مصرف سورية المركزي القرار رقم 223 لعام 2024، المتضمن السماح لمنشآت الإطعام السياحية باستخدام جزء من وارداتها بالقطع الأجنبي لتمويل مستورداتها من الأطعمة غير المتوفرة بالسوق المحلية، والمدرجة على قوائم الوجبات المتعارف عليها عالمياً لمنشآت الإطعام من الدرجة الرابعة والخامسة، حيث تكمن الغاية من هذا الإجراء في رفع سوية الخدمات السياحية وجذب السياح من خارج سورية، مع المحافظة على ألّا تتجاوز قيم هذه المستوردات نسبةً محدودة من عائدات المنشآت السياحية بالقطع الأجنبي. وذلك بهدف تنشيط قطاع السياحة الخارجية وزيادات واردات القطع الأجنبي، واستناداً إلى توصية اللجنة الاقتصادية التي وافقت عليها الحكومة!
ربما يقول قائل وما شأننا طالما الحديث يدور عن جزء من واردات القطع الأجنبي في هذه المنشآت السياحية، المخصصة أصلاً لنخبة النخبة من الأثرياء؟!
والرد البسيط على ذلك ليس بعامل الضغط الذي مارسه مستثمرو المنشآت السياحية للوصول إلى إصدار القرار أعلاه، ولا إلى تضخيم الحديث عن السياح وجذبهم كذريعة، بل هو في دور الحكومة المفترض في حسن توجيه استثمار الواردات من القطع الأجنبي لغايات اقتصادية أهم من السلع الترفية الاستهلاكية الباذخة، في هذا الوقت العصيب الذي تعاني فيه الحكومة من قلة الواردات بالقطع لتأمين الكثير من الضروريات!

مزيد من هدر القطع والمنافسة في سوق العمل!

ورد على الموقع الرسمي لمجلس الشعب ما يأتي: عقدت لجنة الشؤون الاجتماعية في مجلس الشعب اجتماعاً بتاريخ 21/2/2024 برئاسة السيدة سلام سنقر وحضور غالبية السادة أعضاء اللجنة وبمشاركة عدد من السادة المعنيين من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. باشرت اللجنة أعمالها بدراسة مشروع قانون تعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم /٦٥/ لعام ٢٠١٣ وتعديلاته، الناظم لأحكام استقدام وتشغيل العاملات في المنازل من غير السوريات.
مجدداً نرى أولوية مصالح النخبة من الأثرياء والمستثمرين على حساب الاقتصاد الوطني بالنسبة للرسميين!
فعلى الرغم من أن القانون المزمع تعديل بعض مواده ليس جديداً، لكن استقدام العاملات غير السوريات عبر مكاتب الوساطة ومستثمريها المحظيين لا يعني فقط هدراً مجانياً للقطع الأجنبي لقاء الاستقدام والأجور والتأمينات والضمانات فقط، بل يعني أيضاً تنافس المستقدمات كعمالة أجنبية مع العمالة المحلية في سوق العمل!
ولا ندري ما هي الضرورات التي فرضت تعديل بعض مواد القانون الآن، وتفرغ من أجلها أعضاء الحكومة ومجلس الشعب عبر جلسات متتالية؟!
ومجدداً نقول كيف للأثرياء المساكين من النخبة أن يستكملوا حياتهم من دون عاملات أجنبيات يتباهون مبارزة، بهنّ وفيما بينهم، في جلساتهم العامرة وجولاتهم في الأسواق والمولات، وأماكن الترف واللهو المخصصة لهم؟!
ما سبق أعلاه جزء يسير من مفارقات كثيرة تفقأ العين، توضح وتعري الانحياز الطبقي الرسمي الفج لمصلحة القلة الناهبة، على حساب الغالبية المنهوبة والاقتصاد الوطني!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1165