تقليص المسافة بين الصيدليات.. هل يحل مشكلة خريجي الصيدلة؟!

تقليص المسافة بين الصيدليات.. هل يحل مشكلة خريجي الصيدلة؟!

تتزايد أعداد خريجي الصيدلة عاماً بعد آخر من الجامعات الحكومية والخاصة، مع تقلص ومحدودية فرص العمل المتاحة أمام هؤلاء، وتزايد حدة المنافسة على الموجود منها!

وفي استجابة لمطالب الخريجين الجدد، أصدرت وزارة الصحة قراراً تنظيمياً بتاريخ 11/7/2023 خفضت بموجبه المسافة بين الصيدليات في كل من محافظتي دمشق وحلب، بحيث تصبح 50 متراً من كل الجهات!
ويشار بهذا الصدد، أن المسافة المفترضة بين الصيدليات كانت محددة بـ 75 متراً، وقبلها كانت محددة بـ 100 متراً، في مسيرة تخفيض مستمرة لهذه المسافة بين الحين والآخر، ولنفس السبب (استجابة لمطالب الخريجين الجدد)!
القرار ربما يحل مشاكل بعض الخريجين «الجدد والقدامى»، وليس جميعهم من كل بد، فالقادرون على افتتاح صيدلية من الخريجين الجدد عددهم محدود، ارتباطاً بالملاءة المالية غير المتوفرة إلّا للقلة منهم، فتكاليف افتتاح صيدلية في دمشق وحلب تحتاج إلى رأسمال يقدر بعشرات الملايين من الليرات السورية، ومع ذلك، فإن المنافسة قائمة أيضاً بين الصيدليات الموجودة والمفتتحة أصلاً، مع بعض الصعوبات الأخرى، التي منها: الاشتراطات الخاصة بالمكان والمسافة الفاصلة بين صيدلية وأخرى، التي تم حلها افتراضاً بموجب القرار الأخير، ما يعني تزايد أعداد الصيدليات خلال الفترة القادمة في كل من محافظتي دمشق وحلب، وبالتالي، تزايد حدة المنافسة فيما بينها، وصولاً ربما لخسارة بعضها والاضطرار لإغلاقها، وهو ما يسجل بين الحين والآخر!
فالمشكلة الرئيسية بالنسبة لهؤلاء الخريجين، هي بقلة فرص العمل المتاحة أمامهم، مع تزايد حدة المنافسة على المتوفر منها، مع الكثير من عوامل الاستغلال التي يتعرضون لها في الفرص المحدودة المتاحة، والتي أصبحت بغالبيتها عبارة عن توزيع للأدوية، لمصلحة المعامل والمستودعات تحت مسمى مندوب علمي أو تجاري، بينما يصبح العاملون بهذا المجال بواقع الحال مُسوّقين ومُروجين لإنتاج هذه المعامل والمستودعات ليس إلا، بل وعتالين يحملون يومياً حقيبة ممتلئة بالأدوية، ليجولوا بها على الصيدليات والأطباء في رقعة جغرافية معينة كقطاع من المفترض أن يغطي طلباته هذا المندوب!
أما القلة القليلة، فهي من يمكن أن تحظى بفرصة عمل داخل معامل الأدوية وباختصاصها الفعلي، فيما يضطر بعض الخريجين لتأجير شهادتهم كي يتم استثمارها من قبل البعض الممول القادر على افتتاح صيدلية لمصلحته، وباسم الصيدلاني الخريج، مقابل بدل استثمار محدود جداً، ومع تحميل هذا الخريج وزر أي مخالفة في الصيدلية على يد مستثمرها!
فالبؤس الذي يعيشه الخريجون الجدد لا يحل مشكلته قرار تخفيض المسافة بين الصيدليات، والذي سيصبح غالباً فرصة جديدة للاستثمار من قبل المتمولين على حساب الخريجين واستغلالاً لهم ليس إلا!
فالاستجابة للخريجين الجدد، ومع تزايد أعدادهم عاماً بعد آخر، تعتبر من المسؤوليات الرسمية، باعتبار أن الحكومة هي المسؤولة عن القبول الجامعي أصلاً، وهي بآن تكثر الحديث عن تأمين متطلبات سوق العمل من خلاله، حيث تفرض هذه المسؤولية إيجاد جبهات عمل دائمة لهم وباختصاصهم العلمي، داخل معامل الأدوية، وفي مستودعاتها، وداخل المشافي والمستوصفات والمراكز الصحية، وغيرها من الجهات التي تعمل في القطاع الصحي (العام والخاص)، وربما مع التفاؤل في مراكز الأبحاث التخصصية التي نفتقدها بكل أسف، وليس عبر زيادة أعداد الصيدليات في البلد من خلال تقليص المسافة بين الصيدلية والأخرى وصولاً إلى درجة الالتصاق!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1139