ذراع التدخل الإيجابي يرفع الأسعار بنسبة 4-47% «بشفافية»!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

ذراع التدخل الإيجابي يرفع الأسعار بنسبة 4-47% «بشفافية»!

عدلت السورية للتجارة أسعار بعض المواد الأساسية التي تتعامل بها المؤسسة وذلك بموجب تعميم موجه إلى كافة فروعها بتاريخ 24/8/2023.

وقد شملت قائمة التعديل أسعار (السكر والرز والعدس والتونا والسمن والزيت النباتي)، والتي من المفترض أن تباع على البطاقة الإلكترونية بشكل مباشر دون رسائل، ولكميات مسقوفة لكل بطاقة (كماً وفترات توزيع) لكل مادة من المواد أعلاه!
كما تضمن التعميم طلب جرد المستودعات والصالات وموافاة مديرية الحسابات بالأرصدة الموجودة وفق الأسعار الجديدة!

بكل وضوح وشفافية!

قائمة المواد التي تم تعديل أسعارها تضمنت السعر القديم والجديد، لتظهر المقارنة السعرية واضحة ومباشرة وبدون رتوش!
فقد ارتفع سعر السكر من 12500/ليرة كغ، الى 13000/ليرة كغ، وبنسبة زيادة 4%.
وارتفع سعر الرز من 13500/ليرة كغ الى 17000/ليرة كغ، بنسبة زيادة 25%.
والعدس المجروش ارتفع من 15000/ليرة كغ الى 16000/ليرة كغ، بنسبة زيادة 6%.
وارتفع سعر علبة التونا من 11000 ليرة الى 14000 ليرة، بنسبة زيادة 27%.
والسمن سعة 1 كغ ارتفع سعرها من 25000 ليرة إلى 28000 ليرة، بنسبة زيادة 12%. أما السمن سعة 2 كغ فقد ارتفع سعرها من 50000 إلى 56000 ليرة، بنسبة زيادة 12%.
فيما ارتفع سعر ليتر الزيت النباتي من 20000 ليرة إلى 25000 ليرة، بنسبة زيادة 25%. أما العبوة سعة 1,8 ليتر فقد ارتفع سعرها من 33500 ليرة إلى 45000 ليرة، بنسبة زيادة 34%. وعبوة الزيت النباتي سعة ليترين فقد ارتفع سعرها من 34000 ليرة إلى 50000 ليرة، وبنسبة زيادة بلغت 47%!

وسطي الزيادة الرسمية 21% وفي الأسواق تجاوزت 50%!

يتبين من الأسعار ونسب الزيادة عليها أعلاه أن وسطي نسبة الزيادة الرسمية على بعض المواد الأساسية في السورية للتجارة تتجاوز 21%!
ولعل هذا الرفع السعري الرسمي، ووفقاً لنسب الزيادة الموضحة أعلاه، يعطينا فكرة عن واقع ومآل الزيادات السعرية في الأسواق، وبنفس الوقت يمكن اعتباره مهمازاً رسمياً للتفلت السعري الجاري والمستمر فيها، كما جرت العادة مع كل زيادة سعرية رسمية لأي مادة أو سلعة، فوسطي نسب الزيادات السعرية في الأسواق على المواد والسلع تجاوزت 50%!

المواطن محكوم بعوامل استغلال السوق!

إن صدور النشرة السعرية لا يعني بالضرورة توفر المواد الواردة بمتنها في الصالات ومنافذ البيع التابعة للمؤسسة لبيعها للمواطنين عبر البطاقة الإلكترونية!
فالنشرة السعرية خلبية بنتائجها بالنسبة للمواطنين على مستوى إمكانية الحصول على مخصصاتهم المسقوفة بموجبها، تماماً كحال مخصصاتهم من المواد المدعومة التي يتم تخفيض الدعم عليها تباعاً، كماً وسعراً وبتباعد فترات التوزيع، وبالتالي فإنهم محكومون بتأمين احتياجاتهم من السوق، وبأسعاره الاستغلالية المرتفعة وغير المسقوفة!

تهاوي التعهدات.. والذراع المتطاول لمصلحة أصحاب الأرباح!

قبل صدور النشرة السعرية الجديدة أعلاه كان قد صرح مدير عام السورية للتجارة بتاريخ 22/8/2023 بما يلي: «المؤسسة بصدد طرح مادة الزيت النباتي على البطاقة الإلكترونية على السعر القديم 20 ألف ليرة وذلك ضمن الكميات المتوفرة حالياً لدى المؤسسة وبمقدار ليتر لكل بطاقة- المؤسسة لم ترفع سعر أي مادة كانت موجودة لديها في الصالات قبل الارتفاع الأخير على السلع- العمل بشكل مستمر لتوفير المواد والسلع الغذائية وكذلك الخضار والفواكه واللحوم بأسعار أقل من السوق بنسب جيدة، ولكن لضمان توفير المواد ضمن الصالات عند شراء مواد جديدة تضطر المؤسسة لرفع السعر نتيجة ارتفاع سعرها لدى المورد»!
حديث المدير العام وتعهداته أعلاه سقطت وتهاوت بعد يومين فقط!
فالزيت النباتي ارتفع سعره، وبالتالي سقط التعهد بتوزيعه بالسعر القديم، والكميات المتوفرة من السلع الأساسية تم طلب جردها لتباع وفق السعر الجديد، وكذلك سقط التعهد بالبيع بالسعر القديم لما هو متوفر في المؤسسة من مواد وسلع أخرى!
وبنفس الوقت فقد بدا واضحاً من حديث المدير العام أن المؤسسة لا حول لها ولا قوة بما يخص الأسعار بكل وضوح!
فالموردون هم المتحكمون بأسعار السلع في المؤسسة، بل وبما يتوفر في صالاتها ومنافذها من تشكيلة سلعية، نوعاً وكماً!
ليتبين بالنتيجة أن الذراع الإيجابي لمصلحة المواطنين افتراضاً هو بالواقع العملي ذراع متطاول وممتد لأصحاب الأرباح ولمصلحتهم!
ومن الواضح أن خط السير وفقاً لمسيرة عمل السورية للتجارة ووزارة حماية المستهلك والحكومة من خلفها على مستوى الأسعار الرسمية هو تكريس تحرير أسعار السلع والمواد والخدمات في الأسواق، توافقاً مع السياسات الليبرالية، وبما يضمن استمرار مصالح أصحاب الأرباح فقط لا غير!

مخالفة رسمية وطلب المعاملة بالمثل!

بعض بائعي المفرق في الأسواق، وبعد اطلاعهم على تعميم السورية للتجارة المتضمن رفع أسعار بعض المواد والسلع، توقفوا عند قضية هامة وردت في متنه حول طلبها جرد الأرصدة وفق الأسعار الجديدة!
فبحسب القانون تعتبر هذه العملية مخالفة، ويتم محاسبة بائعي المفرق بحال قاموا بتعديل أسعار سلعهم الموجودة في محالهم وفقاً لأسعار الموردين المتبدلة، وذلك بتنظيم ضبط مخالفة بحقهم!
وطلب هؤلاء أن تتم معاملتهم كما تتعامل المؤسسة بتعديل أسعار سلعها وموادها الموجودة لديها وفقاً لتبدلاتها السوقية دون اعتبار ذلك مخالفة تستوجب تنظيم ضبط فيها!
فمعاناة هؤلاء الأساسية مع دوريات حماية المستهلك هي مع متغيرات الأسعار اليومية، بل واللحظية في بعض الأحيان، من قبل الموردين، والتي تعتبر مخالفة قانونية يتم التمسك بها وتنظيم الضبوط بحقهم!
فكما يتم غض الطرف عن السورية للتجارة بهذا الشأن يطالب هؤلاء أن يعاملوا بالمثل!

الوزارة المنفصلة عن الواقع!

ورد على الصفحة الرسمية لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتاريخ 23/8/2023 ما يلي: «نتيجة الإجراءات الحكومية لضبط سعر الصرف، شهدت الأسواق انخفاضاً في أسعار المواد الأساسية خاصة الرز والسكر والزيت النباتي والسمون والبيض واللحوم، حيث تم رصد الأسواق من قبل مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات التي أكدت أن حركة الأسواق تسير بشكل طبيعي مع توفر في المواد والسلع الأساسية، ولوحظ خلال الجولات انخفاض في الأسعار بنسبة تتراوح بين ٥-٩% في الأسعار، فمثلاً انخفض سعر كيلو السكر والزيت النباتي بمعدل ٢٠٠٠ ل.س للكيلو الواحد»!
في البداية ما ورد أعلاه يتناقض تماماً مع النشرة السعرية الجديدة الصادرة عن السورية للتجارة التابعة للوزارة بعد يوم واحد فقط، والتي رفعت الأسعار بموجبها لبعض السلع الأساسية بنسبة وسطية 21%، وحتى السكر الذي استشهدت به الوزارة تم رفع سعره رسمياً من قبل المؤسسة بنسبة 4%!
أما رصد الأسواق الفعلي فيوضح أن الزيادات السعرية فيه لم تقل عن 50%، مع تباين بالفروقات السعرية بين سوق وآخر، ومع زيادة في عوامل الاستغلال!
فالوزارة ليست منفصلة عن واقع الأسواق فقط، بل منفصلة عن عمل ذراعها الإيجابي أيضاً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1137