التعليم الافتراضي مشاكل من نوع أخر
ليمار الآغا ليمار الآغا

التعليم الافتراضي مشاكل من نوع أخر

تعتبر سياسات ونظم التعليم ذات أهمية خاصة بالنسبة للدول والحكومات، وقد تم إدخال العديد من النظم الحديثة على العملية التعليمية، ومنها: التعليم الافتراضي، الذي يعتبر من النظم المساعدة للطلاب في التعلم واستكماله.

وقد كانت سورية من الدول السباقة في تبني نظام التعليم الافتراضي في المرحلة الجامعية، فهل كان هذا النظام مساعداً للطلاب في التعلم؟!

خيارات بديلة- مُكلفة

أصبح التعليم الجامعي بشكلٍ عام من الأمنيات الصعبة التي يسعى الطلاب وذويهم لتحقيقها، وذلك بسبب جملة من الصعوبات التي تعترضهم وتواجههم والمفروضة بعضها عليهم، والتي تشكل بمجملها عائقاً كبيراً لتحقيق الأمنيات بالحصول على مقعد في إحدى الجامعات الحكومية في (التعليم النظامي)، وبالاختصاص المرغوب فيه.
أمام ذلك، وفي ظل توفر بعض البدائل في أنظمة التعليم الحكومي أو الخاص، فقد بات الباب مفتوحاً نوعاً ما أمام البعض ممن لم تسعفه علاماته للالتحاق بالتعليم النظامي، باللجوء إلى النظم الحكومية الأخرى (موازٍ- مفتوح- افتراضي) لاستكمال تعليمهم، وفقاً لما يتناسب مع درجاتهم، ولما هو أنسب أو أفضل لهم من تلك الخيارات بحسب الاختصاص المرغوب، حتى وإن كانت التكلفة المالية في هذه الخيارات أكبر، أما بالنسبة للمقتدرين مادياً فإن التعليم الجامعي الخاص متاح، مع تكاليفه المرتفعة طبعاً!
وقد أصبح نظام التعليم الافتراضي الجامعي مستقطباً أكثر مما سبق بشكل كبير، وخاصة خلال السنوات الماضية، على الرغم من تكاليفه التي تعتبر مرتفعة، أولاً: بسبب زيادة فروعه وأقسامه واختصاصاته، وثانياً: بسبب سهولة عملية التعلم من المنزل مع إمكانية التحكم بعامل الزمن بهذا الصدد، أي إمكانية العمل مع الدراسة، وثالثاً: للتخلص من أزمات المواصلات التي باتت من مسببات الإعاقة لمتابعة العملية التعليمية.
ومع ذلك فإن لهذا النظام التعليمي مشاكله وصعوباته الكثيرة، كما غيره من أنظمة التعليم المتوفرة!

مشاكل افتراضية- مرهقة- شاملة

لسوء حظ الطلاب، لم يكن التعليم الافتراضي أفضل حالاً من التعليم الحكومي بأنظمته الأخرى، لأن الدراسة الافتراضية- ومع صعوباتها وتكلفتها الكبيرة- تعد من أصعب الدراسات في سورية، وذلك لعوامل عدة، بحسب بعض الطلاب، منها:
بالرغم من بدء التعليم الافتراضي الجامعي منذ حوالي 17 عاماً، فإلى الآن لا يوجد لطلاب هذه الجامعة بناء وبنية تحتية خاصة بجامعتهم، وبما يكفي لتقديم الخدمات التعليمية للأعداد المتزايدة من الطلاب التي تدخل به كل عام، فإلى يومنا هذا مثلاً، فإن الطلاب يقومون بتقديم الامتحانات بأبنية محدودة ومتفرقة كمراكز معتمدة في بعض الكليات، أي «شنططة وتكلفة وتعب».
سوء التغذية الإلكترونية، وبحسب إحدى الطالبات (نملك أقوى إنترنت «بالبطء» في العالم)، عدا عن مشاكل الشبكة التقنية الأخرى، فلا شبكة ولا سرعة نت كافية توازي احتياجات نظام التعليم الافتراضي.
فوق ذلك، هناك المشاكل الخاصة بنظام وتطبيقات الجامعة الافتراضية نفسها، والتي لا تعمل إلا على أنظمة حديثة تتطلب أجهزة حاسوب متطورة، هذا يعني أننا نتكلم عن الملايين بأسعار الحواسيب المحمولة- المطلوبة.
صعوبات حصول طلاب السنة الأولى على بطاقة جامعية تمكنهم من الدخول لمباني الكليات عند تقديمهم للامتحان، والمشاجرات التي تحصل بينهم وبين «أمن الجامعة» تصل إلى طرق مسدودة في بعض الأحيان، وإن طالت فقد يخسر الطالب الامتحان، لأنه وببساطة يمنع دخول أي طالب يتأخر عن الامتحان لمدة عشرة دقائق.
إضافة لذلك، موضوع الإنترنت وحجم باقاته المفروضة بالاستهلاك وفق معادلة ربحية بحتة لصالح المستفيدين «باقة صغيرة + سرعة أبطأ من السلحفاة شخصياً = مبلغ مادي كبير بالنسبة لرداءة جودتها».
علاوة على ذلك، بما أن المحاضرات «أونلاين» تعتبر مكالمات فيديو، فسيتم بالإجبار استهلاك الباقة كاملةً قبل انتهاء الشهر، وربما بأقل من عشرة أيام من الشهر، وبالتالي فالجميع سيلجؤون لتجديد الباقة، وبالتالي ستكون عائقاً مالياً إضافياً على عاتق الطلاب.

صعوبات ومشاكل فردية

ما سبق من مشاكل وصعوبات، بحسب بعض الطلاب، ما هي إلا «نقطة ببحر»!
فقد تواجه الطلاب مشاكل استثنائية فردية وخاصة كثيرة، ومنها:
عند تسجيل الطالب لمفاضلة الجامعة الافتراضية، وبعد قبوله، يمكن بكل بساطة أن يحذف اسمه وكل معلوماته، هكذا.. مع تحميل الطالب مسؤولية ذلك، ولتذهب آماله وطموحاته المشروعة أدراج الرياح، وبحسب بعض الطلاب فإن ذلك- وإن كان استثناءً ومحدوداً- فيكون عادة لمصلحة أحدهم، من ذوي الواسطة والنفوذ بالحصول على المقعد الدراسي!
مشاكل الكهرباء الغائبة لشحن أجهزة الحواسيب الخاصة بـ«دكاترة الجامعة وليس الطلاب فقط»، فمن الطبيعي أن يكون الطالب جالساً بعدما قام بشحن بطارية حاسوبه الخاص «بطلوع الروح» أن تُغلق أمامه شاشة المحاضرة، والسبب أن شحن «لابتوب» الدكتور قد نفذ من الشحن!!!
والأنكى من هذا، انتظار الطلاب وهم مستعدون لأية لحظة يقوم بها دكتور المادة بالرجوع لمحاضرته، دون التفكير بالعناء الطويل والصعب والحلول المُكلفة التي كلفت الطلاب لشحن «بطاريات لابتوباتهم»!
الـ «إيميلات» هي الوسيلة الوحيدة والمفروضة لتواصل الطلاب مع المعنيين في الجامعة، والطامة عندما يتم التأخر بالرد على بعض إيميلات الطلاب الهامة، أو عدم الرد النهائي عليهم، وما يمكن أن يترتب على ذلك من مشاكل، بما في ذلك النتيجة الامتحانية لمادة ما مثلاً!

التعليم الافتراضي ما زال يحبو

يعد التعليم الإلكتروني مؤشراً عن التطور في ظل أنماط التطور التكنولوجي عموماً، فهو بالإضافة لكونه أقل تكلفة وعبئاً، يعتبر قفزة نوعية غيرت من شكل ومضمون التعليم وآلياته ووسائله، بحيث أصبح التعلم أكثر يسراً وسهولة لشرائح اجتماعية مختلفة ومتباينة عمرياً.
ولكن في سورية، لم يكن التعليم الإلكتروني بشكل عام، والافتراضي بشكل خاص، بمعزل عن نتائج موبقات السياسات التعليمية المتبعة، كبوابة إضافية للاستغلال والنهب والتضييق على الطلاب وذويهم.
فبعد 17 عاماً من تأسيس الجامعة الافتراضية السورية، ومع التقدير للكفاءات المخضرمة العاملة فيها، إلا أن عامل الزمن الطويل هذا هو نفسه المقياس التقييمي الذي يبين ما وصل إليه هذا النظام التعليمي من نتائج!
فالقضية لا تقتصر على ما ورد من مشاكل وصعوبات أعلاه، مع غيرها الكثير مما لم يذكر باعتباره مشتركاً مع المشاكل الطلابية العامة، بقدر ما ترتبط بغايات وأهداف هذا النظام التعليمي، وهل تطور خلال هذه السنوات أم ما زال يحبو وكأنه مستجد في عالم تتسارع فيه الخطى نحو امتلاك المعرفة والعلم والتعلم عبر التقانات الحديثة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1079