وزارة حماية المستهلك... لم تنس جزءاً من مواطنيها من هدية العيد
نادين عيد نادين عيد

وزارة حماية المستهلك... لم تنس جزءاً من مواطنيها من هدية العيد

تستمر المفاجآت الحكومية بما يخص رغيف الخبز المدعوم على قدم وساق، ليصل الضرر إلى شرائح جديدة وقطاعات حكومية بعينها أيضاً، والحجة هي القضاء على كل من الفساد وهدر المال العام!

فقد عملت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك خلال أولى أيام العيد على إصدار تعليمات مفادها حرمان كل من لا يملك «بطافة ذكية أو بطاقة فعالية» من رغيفها المدعوم، وسرت هذه التعليمات على كل من طلاب الجامعات، والمشافي الحكومية التابعة لوزارة الصحة والهيئات الطبية المرتبطة برئاسة مجلس الوزراء في مدينة حلب والجمعيات الخيرية، بما فيها دور الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة في المدينة، لتباع ربطة الخبز لكل هؤلاء بسعرها الحر 1250 ليرة بدلاً من 200 ليرة!
ورغم نفي الوزارة صحة الخبر، فقد أكدت مصادر تابعة للهيئات والجهات سابقة الذكر عبر وسائل إعلام محلية صحته، حيث تفاجأوا في أولى أيام العيد باحتساب ربطة الخبز بسعرها الحر بدلاً من المدعوم، معبرين عن سخطهم، ودهشتهم لسرعة التنفيذ دون إنذار مسبق، ودون كتاب موجه من الوزارات أو المديريات التي يتبعون إليها في محافظة حلب...

الخبر كاذب... ولا دعم بلا بطاقة

نفت وزارة التجارة الداخلية صحة الخبر حول رفع الدعم عن الجمعيات الخيرية ودور الأيتام وغيرها، وبينت أنه يتوجب على كل جمعيّة أو فعاليّة لديها موافقة من الوزارة التي تتبع لها، مثل وزارة الشؤون الاجتماعيّة والعمل أو وزارة الأوقاف أو البطريركيّات والكنائس، وحتى الجهات الرسميّة الأخرى، بمراجعة الشركة المصدرة للبطاقة والحصول على بطاقات تسمى «بطاقة فعالية» لها، ومن لم يراجعِ الشركة عليه أن يفعل ذلك.
وأضافت الوزارة أن شراء الخبز دون بطاقة في المحافظات التي تم تطبيق البطاقة فيها يهدر عشرات المليارات، ويحوّل خسائر الميزانيّة إلى جيوب لصوص وتجار الخبز والدقيق.
كما أعلنت يوم 12 من الشهر الجاري عن إطلاق تطبيق خلال الأسبوع القادم يتيح الفرصة أمام الطلاب والعازبين لإدخال معلوماتهم كي يتم إصدار بطاقة فردية لهم، تمكنهم من الحصول على الخبز بالسعر المدعوم...

بعض التفاصيل والاستشهادات..

تتمثل آلية حصول المشافي على الخبز المدعوم من خلال مخاطبتها لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظة المعنية عن حاجتها من الخبز لنزلائها من المرضى، والتي تقوم بدورها بمخاطبة مديرية المخابز بالأمر، أما الهيئات الطبية المرتبطة برئاسة مجلس الوزراء فتوجّه كتاباً بذلك إلى وزارة الصحة، مع تجديد الطلب عند تغيير مدير المخابز في محافظتها.
كما تتقدم الجمعيات الخيرية بطلب إلى مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بخصوص حاجتها الفعلية من الخبز، والتي بدورها تحول الطلب إلى المحافظة، حيث يجري الكشف من قبل اللجان المشكلة قبل اعتماد الكمية وفق أسس موضوعية من قبل المحافظة، التي تحيل الموافقة إلى الجهة صاحبة الطلب لصرف مستحقاتها من الخبز المدعوم.
وأكدت مصادر تابعة لكل من المشافي الحكومية والجمعيات الخيرية عبر بعض وسائل الإعلام بعدم تنويه أو تبليغ إداراتها بضرورة امتلاك بطاقة فعالية التي عليهم الحصول عليها أو إعادة تفعيلها لدى الشركة المصدرة للبطاقة الذكيّة للحصول على الخبز المدعوم، مؤكدين أنهم لم يسمعوا بها من قبل!

المتضرر واحد

بداية لا بد من الإشارة إلى أنه إن كان لا بدّ من إصدار مثل هذا التعميم وتنفيذه على الشرائح سابقة الذكر، والتي تمثل طيفاً واسعاً من المواطنين، فإنه لا بد من التأكيد على أهمية ترك هامش زمني بين إصدار التعميم وتنفيذه، بحيث يتم منح مدة زمنية كافية لإنجاز معاملات إصدار البطاقات المطلوبة من قبل الشرائح المذكورة، كون الهدف «مكافحة الفساد وهدر المال العام» كما أعلنت وزارة التجارة الداخلية، وليس إلحاق الضرر بمصلحة هذه الشرائح عبر تنفيذ تعسفي لتعميم دون سابق إنذار!
فمثل هذه الخطوة غير المدروسة بنتائجها تعبر عن خلل في ميزان «مستحقي الدعم» الذي ثقبت الحكومة آذاننا به، وهي ربما شكل جديد من التخبط والتسرع بتنفيذ منهجية الحكومة بتخفيض الدعم، والسير نحو إنهائه، والمتضرر هو المواطن بالنتيجة!

الفساد يتسع

اللافت أن كافة المحاولات السابقة وحتى يومنا هذا، بدءاً من إصدار البطاقة الذكية وما سبقها وتلاها من إجراءات تخفيض الدعم كمّاً أو عبر رفع الأسعار، وليس آخراً بعمليات توطين الخبز التي لم تثبت نجاحها، بذريعة ما أسمته الحكومة بـ«توجيه الدعم لمستحقيه»، إنّ كل ذلك لم يمنع أساليب الفساد والنهب التي ما زالت قائمة ومستمرة. فجميع تلك الإجراءات طالت قوت المواطن اليومي فقط، ولم تطَل أو تستهدف مراكز الفساد الأكبر، وشبكات النهب والاستغلال التي تعمل وتعتاش على الأزمات، التي توفر لها الحكومة كل أسباب بقائها واستمرارها بدلاً من حلها!
فالحكومة قد تصدر بعض الأرقام عمّا وفرته إجراءاتها جرّاء عمليات قضم الدعم الذكية المستمرة على رغيف الخبز على حساب معيشة المواطنين وحقوقهم، وتتباهى في ذلك، لكنها حتى الآن مثلاً لم تصدر معلومة واحدة عما وفرته إجراءاتها، الذكية أو غير الذكية، جراء عمليات الرقابة والمتابعة لمجمل عملية إنتاج وتصنيع رغيف الخبز قبل وصوله إلى المواطنين «مستحقي الدعم»، اعتباراً من حبة القمح وليس انتهاءً بدقيق الأفران، بالرغم من الحديث عن مساعي إدخال الذكاء على هذه العملية أكثر من مرة، لكن دون جدوى على ما يبدو، ليس لضعف إمكانات الذكاء لا شك، لكن باعتباره متحكماً به، وموجهاً إلى الحلقة الأضعف المتمثلة بـ«حقوق المواطنين» فقط لا غير، في عملية إعادة تدوير واقتسام للنهب القائم لإعادته نحو جيوب مشرعنيه، بطرق ملتوية وتسميات حكومية مختلفة، وبذرائع ما أنزل الله بها من سلطان...!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1079