إنما الأعمال بالنيات الحكومية لا بالتصريحات الرسمية!
عبير حداد عبير حداد

إنما الأعمال بالنيات الحكومية لا بالتصريحات الرسمية!

لا نية لرفع سعري... ليس هناك معلومات عن نية لرفع سعري جديد...غير صحيح حول ما يشاع عن تخفيض الكميات...؟!

عبارات قد تبدو للوهلة الأولى مطمئنة لأي مواطن بشكل عام، في حال استُخدمت ضمن تصريحات مسؤولي حكوماتهم، ولكن في الحالة السورية يبدو الوضع خاصاً جداً!
فمثل هذه التصريحات، تعد نذير شؤم للمواطن، بل وتأكيد له أن الرفع السعري أو التخفيض على الدعم قادم لا محالة...

قانون ثابت

أفرزت الحالة السورية، المتمثلة ببعض التصريحات الحكومية الرسمية، قانوناً جديداً قد أثبتت التجارب، المكررة على مستوى المقدمات والنتائج ذاتها، صحته، حتى أصبح قانوناً ثابتاً لدى المواطنين!
فما أن يسمعوا بتصريحات المسؤولين التي تنفي أية نية أو فعل ما من شأنه أن يضر بالمصلحة العامة، أو بوضع المواطن المعيشي السيِّئ أصلاً، إلّا وتصبح لديهم معرفة مسبقة بأن النية المبيّتة لدى الحكومة عكس ذلك، وأن الأسوأ قادم في القريب العاجل جداً... وأصبح لديهم قواميس من الاستشهادات العملية والتنفيذية على ذلك!!

المحروقات مثالنا الراهن

عادت أزمة المحروقات من جديد إلى الواجهة، علماً أنها قديمة ومستمرة، لتعصف معها مرحلة جديدة، وأعتى من الأزمات المتلاحقة لبعض القطاعات المرتبطة بها عضوياً، بدءاً من قطاع النقل والقطاع الإنتاجي والخدمي، وليس انتهاءً بقطاع الكهرباء.
هذه الأزمة أدت إلى زيادة مدة استلام رسائل البنزين، سواء للسيارات الخاصة أو العامة، والتي أدت إلى شل حركة البلاد والعباد، وخاصة يومي الجمعة والسبت بعد حرمان «السرافيس» من مخصصاتهم من مادة المازوت خلال هذين اليومين.
ومن الواضح، أن وصول ناقلات النفط لم يف بغرض الانفراج في الأزمة الخانقة، بل بقيت مستمرة دونما تغير يذكر!
فبحسب تصريح عضو مكتب التنفيذي لقطاع المحروقات في محافظة ريف دمشق يوم 7 تموز الجاري، الذي قال فيه: «نطمئن الأخوة المواطنين أنه بسبب وصول التوريدات لمصفاة بانياس تمت زيادة طلبات المازوت من 21 طلب إلى 23 طلب، أما البنزين كانت نسبة الارتباط 80% لكل محطة، وأصبحت اليوم 95% مع تخفيض أيام وصول الرسائل».
لكن بقي أمل المواطنين معلقاً في الهواء، فلا تغير يذكر على أرض الواقع ينبئ بانفراج حقيقي قريب...
تصريحات عضو المكتب التنفيذي بما يخص مادة المازوت أحد تلك الأمثلة الكثيرة، بل إن كلامه أدخل المواطن بمتاهة تكهنات رفع الأسعار المبهمة!
فقد جاء في تصريحه أيضاً: «يبقى سعر المازوت على حاله، وليست هناك تكهنات بالزيادة ولكن زيادة أسعار النفط عالمياً تقتضي زيادته، ولكن ليس هناك أية معلومات حول إذا كانت هناك نية لرفع الأسعار»..

تفاصيل خفية

إن التصريح أعلاه يحمل معانٍ عدة تحتاج للإيضاح، فربما عضو المكتب التنفيذي يجيب بشكل منطقي، فلا إجابة نهائية قدمها لنا سوى أن السعر الحالي كما هو، وليس لديه معلومات واضحة ونهائية، ويبرر إن حدث ذلك فهو بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً، وإن ذلك يعني بما لا شك فيه أن الجهات الحكومية القائمة على اتخاذ القرار لا تملك القرار النهائي، بغض النظر إن كانت هناك لجان تعمل على دراسة الجدوى من ذلك، بين إمكانية رفع الأسعار وواقع المواطنين المعيشي!
وبكلمة أخرى، فقد باتت الجهات المعنية باتخاذ القرار وكأنها مجرد جهة مشرعنة لقانون الغاب، وتوصيات القلة الناهبة المتحكمة والمسيطرة على اقتصاد البلاد والعباد، وبما يتماشى مع مصلحتها في زيادة أرباحها من جيوب المواطنين، ومن الخزينة العامة، وعلى حساب الاقتصاد الوطني، وبحجج وذرائع كانت تدرج تحت مسميات عدة كالعقوبات والحصار الاقتصادي والتضخم، وارتفاع أجور الشحن والنقل، وفي ظل الأزمة الأوكرانية، باتت الآن تلصق تلك الحجج بزيادة أسعار النفط عالمياً، والأزمة الأوكرانية وتداعياتها... والمأساة مستمرة...

الحل الحكومي المرتقب!

بغض النظر عن حجم التوريدات النفطية التي وصلت للبلاد، وعن إمكانية تغطيتها للحاجة الفعلية لأشهر مقبلة، فإن التوريدات قد وصلت فعلاً، والمفارقة أن الوعود الحكومية بالانفراج قد ذهبت أدراج الرياح، فلا انفراج يذكر على واقع مدة استلام الرسائل، ولا على نطاق الشلل الذي أصاب البلاد!
فأين مكامن المشكلة إذاً، وكيف يمكن حلها حسب الوصفة الحكومية؟!
ربما لا نبالغ إن جزمنا، أن السيناريو الحكومي في الحل بات معروفاً لدى عموم المواطنين، والذي يبدأ بأزمة محروقات تشل البلاد والعباد، وتالياً تتأخر التوريدات النفطية، ثم وصولها، ومن ثم لا انفراج يذكر على أرض الواقع بعد وصول الناقلات، يتبعه إعلان ألّا نية مبيتة لرفعٍ سعري جديد، ثم أيام معدودات ليتبع ذلك إعلان رسمي عن رفع أسعار المحروقات كنتيجة!!
إن تلك الخطوات، المدروسة والمكررة والمتكررة كقانون ثابت، أصبحت ممجوجة ومملة إلى تلك الدرجة التي تجعل المواطن يقرف من وضعه الخانق!
وقد بات المضطرون، وخاصة القطاعات المذكورة أعلاه، بانتظار قرار الرفع السعري المرتقب حكومياً، على الرغم من نفيه الحالي، فهو أفضل من واقع الشلل الراهن، ومن الاضطرار إلى اللجوء للسوق السوداء بأسعارها الكاوية، مع العلم أنهم يعلمون علم اليقين أن رفع الأسعار الرسمية ما هو إلّا مهماز لرفع الأسعار في السوق السوداء، كحلقة مضافة بشكل دائم إلى مسلسل رفع الأسعار الحكومي، في تناغمٍ منقطع النظير فيما بينها!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1078
آخر تعديل على الإثنين, 11 تموز/يوليو 2022 14:10