نقص الأدوية المحلية وتصديرها!؟
دارين السكري دارين السكري

نقص الأدوية المحلية وتصديرها!؟

باعتبار أن الأزمات المُفتعلة والمقصودة تتوالى مع بعضها في سورية، لتنهك ما بقيَ من قدرة المواطنين على التحمل، فلم يعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وملاحقة لقمة عيش المواطن هي المأساة الوحيدة!

فإن أزمة الأدوية أخذت منعطفاً بالصراع منذ منتصف العام الماضي، ولم تُحل حتى الآن، بل أخذت بالتفاقم الزائد بذرائع مدروسة ومحكمة تماماً.

تناقضات

بالتزامن مع شح الأدوية من الأسواق السورية، فقد أعلنت وزارة الصحة اللبنانية بتاريخ 6 أب الجاري تلقيها رسالة من وزارة الصحة السورية تتضمن «جهوزية سورية لمد لبنان باحتياجاته من الأصناف الدوائية، حيث أن الدواء السوري يتمتع بميزة نسبية على مستوى الجودة والسعر».
وفي الوقت ذاته، أكد رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية بتاريخ 8 أب، أن «قرار إمداد لبنان باحتياجاته من الأصناف الدوائية والمستلزمات الطبية لن يؤثر على أسعار المبيع محلياً، لوجود فائض بالإنتاج والقدرة على تغطية السوقين السورية واللبنانية» حسب كلامه.
لكن رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية صرح في شهر تموز الماضي بما يلي «هناك صعوبات كثيرة تعترض قطاع الصناعات الدوائية في سورية، تتمثل بالعقوبات المفروضة وأهمها: قانون قيصر»..
يجب التنويه للمرة الألف، أن قانون قيصر لا يشمل الأدوية ولا حتى الغذاء، فلذا باتت لدى الجميع معرفة بأن هذه الحجة غير مقبولة دون شك.
حقيقةً، فقد تأثرت أسعار الأدوية في الأسواق المحلية بشكل كبير بعد التصريح أعلاه، من ارتفاع بالأسعار لـ 11 ألف صنف بحدود الـ 30% رسمياً، أما الواقع داخل الصيدليات فقد لامست الارتفاعات حدود الـ 100%، عملياً، فقد خلقت الصيدليات سوقاً سوداء خاصةً بها على حساب ألم ومرض المواطنين المسحوقين، وبالطبع فإن تلك الارتفاعات كانت دون رقيب أو حسيب، بالإضافة إلى أن ذاك الارتفاع قد سبب حالة هلع لدى البعض، خاصةً من يضطرون لتناول الأدوية بشكل يومي ودائم.
إضافةً لذلك، فقد شهدت الأسواق السورية فقدان كثير من بعض الأصناف الدوائية، فقد قُدر النقص الأدوية بنحو الـ 10%، مع مواجهة صعوبات في استيراد الأدوية الأجنبية كما زُعم كنتيجة، علماً أن الأدوية الأجنبية موجودة في الصيدليات بشكل كبير، لا بل إن الصيادلة كانوا وما زالوا ينصحون بالأدوية الأجنبية لجودتها ومفعولها القوي مقارنةً مع الأدوية محلية الصنع.

أسئلة مشروعة

الأسئلة التي تخطر ببال أي مواطن:
ما حقيقة وضع الأدوية المحلية؟
هل لدينا شح في الأدوية؟
هل قانون قيصر له تأثير سلبي على الأدوية، وما حجم هذا التأثير فعلاً؟
هل لدينا فائض دوائي؟
هل ستتأثر الأسعار كالعادة بعد هذا القرار؟
هل سنشهد فقداناً لبعض الأصناف الدوائية كما هو الحال في السابق؟

الأزمة المفتعلة

على الرغم من كل التصريحات والتبريرات وكلام المسؤولين في القطاع الصحي، إلا أن الواقع الدوائي يشهد أزمة حقيقية تجلت بالاحتكار للأدوية من قبل معامل الأدوية، من أجل الضغط على وزارة الصحة لرفع الأسعار، وقد حصل ذلك فعلاً، أو من قبل المستوردين لبعض الأصناف الدوائية، أو المتحكمين ببعضها، والمفقود من السوق المحلية من المهربين، وكالعادة الضحية الأولى والوحيدة كانت المواطن الذي يدفع دائماً وأبداً ثمن طمع وجشع المستغلين والمستفيدين في جميع القطاعات، حتى على حساب مرضه وتعبه.
فلم تعد الأزمات المتفاقمة من المعاناة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين هي الخانقة، بقدر أن كل تلك المعاناة لم تصل بهم إلى العجز الحقيقي كما هو الحال في تأمين دوائهم لبقائهم على قيد الحياة!
أما جعل موضوع التصدير إلى لبنان ذريعة من أجل رفع أسعار بعض الأصناف الدوائية، أو فقدانها، فإن ذلك مردود عليه، فقطاع الإنتاج الدوائي من القطاعات التصديرية، والسوق اللبنانية إحدى أسواق التصدير المعروفة سلفاً، لكن هناك من يرغب بتضخيم الموضوع من أجل رفع الأسعار أولاً، وتبريراً لنقص بعض الأصناف من أجل التحكم بسعرها كذلك الأمر، وربما التغطية على عمليات تهريب الدواء التي تسير على قدم وساق سلفاً!
فما الذي سنشهده بعد عملية التصدير المعلن عنها غير ما سبق أعلاه، ننتظر لنرى؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1032
آخر تعديل على الإثنين, 23 آب/أغسطس 2021 23:22