أطفال سوريون يعملون 12 ساعة مقابل 300 ليرة يومياً

أطفال سوريون يعملون 12 ساعة مقابل 300 ليرة يومياً

بات أطفال سورية وجبة دسمة لمعظم أصحاب الفعاليات الاقتصادية وخاصة من يعملون في الظل، من ورشات تصليح السيارات والمطاعم والمتاجر، الذين استغلوا واقعهم الرديء، وتراجع التعليم لمعظمهم، محملين إياهم أعباء العمل الشاق بأجور متدنية.

مهن شاقة بساعات عمل طويلة
وفي جولة لـ"الاقتصادي" بمنطقة كراج الست، لوحظ أنّ معظم عمال ورشات السيارات، دون سن 15، ويقومون بأعمال شاقة بدوام طويل لا يتناسب مع عمرهم، حيث يحملون قطع السيارات ثقيلة الوزن، وغيرها من الأعمال التي يتطلبها تصليح السيارات.
وقال فادي 12 سنة، أحد العاملين بهذه الورشات: "لم أجد عملاً آخراً يحقق لي جانباً من الراحة، فأضطر للعمل مع أخي فارس لإعالة عائلتي المكونة من 6 أشخاص"، مبيناً إنه يعمل من السابعة صباحاً حتى الخامسة مساءً.

أجور بخسة
ورغم مشقة الأعمال، لا يجد الأطفال مردوداً مادياً يتوازن مع الإرهاق الذي يتعرضون له، وساعات العمل الطويلة التي يعملونها.
وبيّن الطفل عمار 14 سنة، الذي يعمل في أحد مطاعم المزة، أنه لا يتقاضى أي راتب مقابل عمله، فمدير المطعم أخبره بأنّ ما يتقاضاه من "بخشيش" من الزبائن هو راتبه، موضحاً أنّ مجمل ما يحصل عليه يومياً لا يتجاوز 250 ليرة.
وتبين ممن التقاهم "الاقتصادي"، أن معظم الأجور تتراوح بين 300، 350، 400 ليرة سورية، بوقت تصل فيه ساعات العمل يومياً إلى 12 ساعة في بعض الأحيان.
وحول ذلك، أفادت الناشطة المستقلة في مجال إغاثة الأطفال، بيان الحسين لـ"الاقتصادي"، "أنّ الأطفال لا يحصلون إلا على جزء بسيط من مستحقاتهم، و90% من الأحداث (الأطفال) الذين يعملون في أسواق دمشق، هم من نازحي الريف الدمشقي، الذين لجؤوا إلى العاصمة، ما دفع ذويهم للزج بهم في خندق العمل المبكر بهدف الإعالة".

عبودية ومعاملة سيئة
ويتعرض الأطفال لمعاملة مهينة من قبل أرباب العمل، وتصل في بعض الأحيان إلى الضرب المبرح، ناهيك عن الكلمات البذيئة والإهانات.
وبينت مديرة السياسات والاستراتيجيات في "الهيئة السورية لشؤون الأسرة"، ضحى خدام لـ"الاقتصادي"، أن معظم المنظمات المعنية بحقوق الطفل تركز على هذا الجانب أكثر من غيره، موضحةً أنّ الهيئة اقترحت عقوبات صارمة على أي جهة تسبب الإحباط لنفسية الأطفال.

جهود مبذولة
ولفتت خدام إلى أن الهيئة شاركت بإصدار القانون رقم 11 لعام 2013، الذي يمنع استخدام الأحداث في أي أعمال قتالية أو مهنية، مشيرةً إلى أنّ العمل جاري للتوعية بحجم خطورة عمالة الأطفال، وذلك بالتعاون مع "منظمة اليونيسيف" والوزارات ذات العلاقة والجمعيات الأهلية، مبينة وجود عدة دورات هدفها الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الموجودين بمراكز الإيواء، لافتةً إلى تزويد الأسر النازحة بالسلل الغذائية وكل المتطلبات، لمنعهم من إرسال أطفالهم إلى العمل.

قوانين رادعة
ولفت مصدر رفض ذكر اسمه، في "وزارة الشؤون الاجتماعية"، لـ"الاقتصادي"، إلى أنّ الوزارة تمنع المساعدات الإنسانية عن الأسر التي تمتنع من إرسال أطفالها إلى المدارس، من خلال الكشف على دفتر العائلة، والتأكد من عدد الأطفال وإرسالهم إلى المدارس.
وبدورها قالت مديرة العمل في "وزارة العمل" رشا حرفوش لـ"الاقتصادي": "إنّ قانون العمل رقم 17 للعام 2010، منع تشغيل الأحداث قبل إتمامهم 15 عاماً، وحظر تشغيل الحدث أكثر من ست ساعات يومياً، على أن يتخللها فترات راحة، لكن هذا القانون لم يلق أي استجابة من أرباب العمل الذين لازالوا يلقون بثقل أعمالهم الشاقة على الأطفال".
وعن دور الوزارة في الواقع العملي لأسواق العمل، بينت حرفوش إنّ الوزارة تقوم بدوريات تفتيش مستمرة في معظم الأسواق، للتأكد من مدى التزام أصحاب العمل بتطبيق القوانين بحق الأطفال العاملين لديهم، موضحة أنه تم ضبط عدد من المخالفات خلال الشهر الماضي وطبقت الوزارة القوانين اللازمة بحق المخالفين، حيث ينص القانون رقم 17 لعام 2010 على أن يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 25 – 50 ألف ليرة سورية، كل من يخالف أحكام القانون.

جيل كامل من أطفال سورية قد يعاني الأمية
ودفعت الأحداث الجارية في عدد من المناطق، إلى توقف العملية التعليمية، ما ساهم بتوجه الأطفال للعمل في عمر التعلم.
وحول الموضوع، أفادت مديرة السياسات والاستراتيجيات في "الهيئة السورية لشؤون الأسرة"، إنّ الهيئة تقوم بالتعاون مع "وزارة التربية" لتأمين ظروف التدريس للأطفال، فالمدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء، تم تقسيمها بين المراكز والطلاب، بدوامين صباحي ومسائي لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب.
وفيما يخص أثر عمالة الأطفال على المستوى التعليمي للجيل، قالت رئيسة بعثة التعليم بـ"منظمة اليونيسيف" نتالي حمودي: "أنّ هناك جيلاً كاملاً من الأطفال السوريين، قد يعاني من الأمية حالياً، فهناك أطفال لا يذهبون إلى المدارس منذ ثلاثة سنوات، وثمة جيل كامل من الأطفال قد لا يلتحق بمرحلة التعليم الابتدائي"، استناداً لما نشر في صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية.
وأشارت حمودي، إلى أنّ معدل الالتحاق بالمدارس في سورية انخفض من 97% إلى 15% فقط، وبلغ عدد الأطفال الذين هم خارج العملية التعليمية ثلاثة ملايين طفل.
لكن وزير التربية هزوان الوز أكد في وقت سابق أن عدد الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس هو 4 ملايين طفل حالياً.