هل التل مدينة بالاسم فقط؟

هل التل مدينة بالاسم فقط؟

من يدخل إلى مدينة التل يعتقد نفسه وكأنه دخل قرية نائية في صحراء بعيدة مهمشة، فرغم الاكتظاظ السكاني فيها، إلا أن خدماتها وبنيتها التحتية لا تشي بأنها مدينة.

فلم تمر على مدينة التل أيام كالتي تمر بها اليوم على مستوى الخدمات، حتى خلال أشد أيام الحرب والأزمة قسوة، ولم تشهد ترهلاً على هذا المستوى كالذي تشهده الآن.

مشكلة الكهرباء

المدينة، ومنذ قدوم فصل الخريف عاد إليها التقنين بشكل كثيف، فقد كان التقنين في فصل الخريف 3 ساعات قطع مقابل 3 ساعات وصل، ووصلت في هذه الأيام إلى خمس ساعات قطع متواصل، مقابل ساعة وصل واحدة فقط، وخلال هذه الساعة تنقطع الكهرباء مرتين أو ثلاثة مرات بسبب الأعطال، والمدينة تغرق في ظلام دامس في الليل، مع العلم أن أغلب مدن ريف دمشق بقيت معدلات التقنين فيها 3 بـ3 تقريباً، وهي قيد التحسن، وكذلك هي حال دمشق.
اتجه بعض السكان لتركيب ألواح الطاقة الشمسية، والتخلي نهائياً عن كهرباء الشبكة النظامية لعدم جدواها، ولتسببها بتخريب أدواتهم المنزلية بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، ورغم أهمية مثل هذه الحلول إلا أنها تبقى جزئية ومحدودة ولن تكون متاحة إلا للقلة فقط بسبب تكاليفها المرتفعة.
فماذا عن الغالبية المفقرة، التي ما زالت تلجأ للبدائل التي يوفرها التجار، بطاريات وليدات وغيرها، مع الكثير من أوجه الاستغلال، وإلى متى ستبقى مشكلة التزود بالطاقة الكهربائية قائمة بالنسبة إليهم؟.

مشكلة المياه الكبيرة

يترافق انقطاع المياه مع انقطاع الكهرباء طبعاً، فمن دون الكهرباء لا يمكن أن تصل المياه إلى منازل المواطنين، وخاصة أنَّ ضخ المياه يأتي ضعيفاً جداً.
لجأ بعض السكان إلى بلدية التل للاستعانة بها من أجل تعبئة خزانات مياه منازلهم، كحلٍ مؤقتٍ لمشكلة نقص التزود بالمياه عبر الشبكة النظامية بسبب الكهرباء، ولكن كان الرد أنّ هناك قراراً صدر بمنع تعبئة المياه للمنازل بصهاريج البلدية، وأن البلدية تعبّئ فقط للمؤسسات الحكومية داخل المدينة، وذلك بحسب بعض الأهالي.
ورغم مطالبة الأهالي بضخ المياه بشكل أقوى إلى منازلهم، عبر مئات من الشكاوى، إلّا أن مديرية المياه في المدينة لم نستجبْ لأيةِ شكوى، وما زالت المياه تشكل مشكلة حياتية يومية لهؤلاء.

طرقات محفرة

قامت كل من مديريات البريد والهاتف والكهرباء خلال فصل الخريف بالعديد من الحفريات في أغلب شوارع المدينة من أجل إعادة تأهيل وإصلاح بعض الأعطال بهذه الشبكات، ورغم انتهاء تلك التعهدات واستكمال أعمالها الفنية، ما زالت الطرق محفرة إلى الآن، ولم تتم إعادة تمهيدها وتزفيتها بحسب ما تقتضيه أصول الأعمال والتعهدات افتراضاً. والنتيجة أنها أصبحت مغمورة بالمياه والأوساخ، وهو ما حوّلها إلى بركٍ طينية في الشتاء، وحفر تعرقل وصول السيارات إلى بعض الأحياء، ناهيك عما تسببه من أذى على حركة المارة، وخاصة طلاب المدارس الأطفال.

الغاز متوفر في السوق السوداء فقط !

كغيرها من المدن والمناطق تعاني مدينة التل من مشكلة نقص مادة الغاز بشكل كبير، والتي تفاقمت بعدما توقفت لجان الأحياء عن توزيع الغاز فجأة دونما سبب، وما زالت مناظر المواطنين وهم يحملون جرارهم ويجولون فيها في المدينة بحثاً عن سيارة غاز تقوم بالتوزيع في أحد الأحياء، عسى يؤمنون حاجتهم، لكن دون جدوى!.
وقد وصل سعر جرة الغاز إلى عشرة آلاف ليرة سورية في السوق السوداء، وهي متوافرة لمن أراد الشراء بهذا السعر، مع سؤال كبير على ألسنة الأهالي: كيف تتوفر هذه المادة في السوق السوداء ولا تتوفر بالطرق النظامية؟

المحروقات وأزمة المواصلات

نسي أهالي المدينة المحروقات كوسيلة للتدفئة بسبب عدم قدرة الكثيرين على شرائها طبعاً، ولكن المشكلة التي زادت من معاناة أهالي المدينة هي انقطاع مادة المازوت عن المدينة بشكل شبه كامل، مما أثر على جميع نواحي الحياة، وخاصة المواصلات عصب الحياة.
فقد توقفت الكثير من السرافيس العاملة على خطوط النقل عن العمل بذريعة شح المحروقات، مما زاد من معاناة المواطنين بسبب اضطرارهم للاعتماد على سيارات الأجرة التي تتقاضى 400 ليرة على كل راكب، حيث باتت تكلفة المواصلات لكل شخص بحدود ألف ليرة يومياً للوصول إلى المدينة، وهي تكلفة أكثر من مرهقة للمواطنين، وكذلك تعطلت حركة الشاحنات الكبيرة والصغيرة، وارتفعت بسبب ذلك أسعار مختلف المواد والسلع من خضروات وفواكه وخبز و..و..
لا أحد يعلم سبب هذا الشح بالمحروقات، ولكن طوابير السرافيس والشاحنات على الكازيات تصل إلى أكثر من كيلو متر يومياً، حيث تقف الشاحنات والسيارات في رتل طويل من العاشرة ليلاً وحتى الصباح، وبعض من يستطيع أن يحصل على المحروقات يقوم ببيعه في السوق السوداء بسعر أعلى ويعود إلى منزله دون أن يعمل، وبحسب زعم أحد سائقي السرافيس فإنه يشتري ليتر المازوت بـ300 ليرة وعمله بات خسارة في خسارة، حتى أنه قال: لو أصبحت الأجرة 500 ليرة لكل راكب فهذه خسارة بالنسبة لنا!.

شرطة المرور والحواجز

بالمقابل، يشاهد المواطنون دوريات المرور المنتشرة على مداخل المدينة وبداخلها، لكن دون أن يلمسوا نتائج عملها المفيدة بالنسبة إليهم على مستوى المواصلات وحركة السرافيس وضبطها، فيما يشتكي سائقو السيارات الخاصة والشاحنات الصغيرة من الممارسات السلبية والتصيدية لبعض عناصر المرور.
وبرغم كثرة الحديث عن إزالة الحواجز تباعاً من داخل العاصمة ومن مداخلها، كما غيرها من المدن الأخرى، إلا أن الحواجز على طريق التل ما زالت موجودة كما هي، مع الازدحام الدائم عليها، والذي يصل الانتظار في بعض الأحيان إلى أكثر من نصف ساعة على كل منها.
فمن مدينة التل إلى حي برزة توجد ثلاثة حواجز، كل منها دائم الازدحام ويستهلك الوقت والجهد، مع العلم أن الأسباب التي دعت إلى تخفيض أعداد الحواجز وصولاً إلى إزالتها في دمشق ومداخلها وبعض مدن الريف لا يمكن أن تعتبر مدينة التل استثناء منها.

ظواهر سلبية تتفشى

ظاهرة سلبية جديدة ناشئة لم يعتد عليها أهالي المدينة، وهي زيادة حالات السرقة والسطو، فلا يمر يوم دون سماع قصة جديدة عن سرقة منزل أو محل في المدينة، أو حتى سرقة السيارات، كظاهرة بدأت تنتشر في المدينة بشكل مخيف، عدا عن انتشار بعض الظواهر السلبية الأخرى، مثل: تعاطي المخدرات والحشيش في أوساط الشباب.
وبحسب بعض الأهالي، فإن انتشار السلاح بأيدي البعض بعيداً عن عين الرقابة والمتابعة، مع زيادة معدلات الفقر والبطالة وتردي الوضع المعيشي، تعتبر مقدمات لتفشي كل الظواهر السلبية في المجتمع

معلومات إضافية

العدد رقم:
904
آخر تعديل على الإثنين, 11 آذار/مارس 2019 12:53