المواطن الحلبي من تحت الدلف لتحت المزراب

المواطن الحلبي من تحت الدلف لتحت المزراب

لا تزال مشكلة الأمبيرات موجودة وإحدى العقبات التي لا يزال يعاني منها معظم سكان حلب، بالرغم من مرور ما يقارب العامين والنيف على تحريرها، إذ من المفترض أن يتحرر المواطن من هكذا مشكلة كما تحرر من أسبابها، والتي كانت كما كان يتم الزعم نتيجة انقطاع التيار الكهربائي المستمر بسبب الأعمال التخريبية التي كان يقوم بها المسلحون.

زالت تلك الشمّاعة الآن، ولكن عواقبها لا تزال ترافق المواطن، وأما أسبابها فالحكومة كفيلة بالعمل على استمراريتها من خلال القيام بحلول ترقيعية، وإصلاحات مؤقتة، تؤدي إلى الانقطاعات العامة المستمرة، مما جعل المواطن الحلبي، الذي حاول إلغاء الاشتراك بالأمبيرات ظناً منه بأن عودة التيار الكهربائي كفيلة بتسيير أموره، أن يعود للاشتراك بها بعد أن نفدَ صبره من ساعات التقنين الطويلة والمترافقة مع الأعطال المستمرة.
تحكم ومزيد من الاستغلال
أمام هذه الحال، ما كان من أصحاب الأمبيرات إلا أن يستغلوا عودة المواطن إليهم ليعتصرو دمه قبل جيبه، كما أخبرنا بعض المواطنين بعد عدة شكاوى وصلت لقاسيون حول اشتراكات بعضهم بالأمبير، وكيفية التعامل معهم، الذي أصبح أسوأ من ذي قبل.
فالعم أبو خالد، أحد سكان منطقة الرازي، يخبرنا أنه بعد اشتراكه بالأمبير الذي من المفترض أن يستفيد منه بما لا يقل عن 10 ساعات فعلياً، لا يستفيد إلّا ما يقارب الـ 5 للـ 6 ساعات فقط، إذا لم تتصادف مع وجود الكهرباء، مقابل 1400 ليرة على خط الأمبير الواحد، دون التفكير بأي حساب لساعات تقنين الأمبير أيضاً، ودون أدنى تعويض عن الساعات المرافقة لوجود الكهرباء. ويضيف العم أبو خالد قائلاً: هناك صاحب مولدة «أرحم»، فساعات الأمبير لديه أكثر وبنفس السعر، لكن حتى لا أستطيع التفكير بأن أحول الخط إليه، فهناك اتفاق بين أصحاب الأمبيرات، إن قمت بسحب الخط من عند الأول (أبو..) فلا يسمح لي الثاني بأن أشترك لديه، وإن عدت إلى الأول (أبو..) فسيقوم برفع سعر الأمبير، إن سمح لي بأن أعيد الخط أساساً..!!
أما أم أحمد، وهي من السكان العائدين إلى المناطق الشرقية والتي لاتزال ترى عودة التيار الكهربائي بعيدة المنال عنها، محكومة بالاشتراك بأمبير بسعر الـ 1500 لمدة 5 ساعات فقط في اليوم، بالعلم من تفاوت أسعار الأمبير في تلك المناطق بين 1300 والـ 1700 ولكن عدد الساعات محدود.
لم تكن تلك الأسعار حِكراً على المناطق الشرقية، بل كان للمناطق الأخرى في المدينة نصيب منها، فأبو عامر أحد سكان منطقة الأشرفية يخبرنا بأنه يدفع أسبوعياً 2000 ليرة مقابل ما يقارب الـ 10 ساعات عن الأمبير الواحد.
وتتساءل أم رامي، من سكان صلاح الدين: ألا يحق لنا أن نعوض بساعات الأمبير التي تتعطل بها المولدة، أو أن ندفع سعراً أقل نظراً لكثرة أعطال المولدة، والتي تستمر في بعض الأحيان إلى يومين أو أكثرـ دون أن نستطيع الكلام أو مُساءلة التجار أو حتى التوقف عن الدفع أو تأخيره، فكل تلك الخيارات بعيدة المنال؟!
حيث إنّ هناك قاعدة عامة عند جميع تجار الأمبيرات، يصعب نسيانها، فأي تأخر عن دفع سعر الأمبير، مهما كان، يؤدي إلى تنزيل القاطع أو قطع خط الأمبير لمن يتأخر..!
العقوبات لا تمنع البرامج والرقابة
لاشك أن الحصار الخانق على سورية أدى إلى صعوبة إمكانية وصول المشتقات النفطية إليها من أجل تشغيل محطات توليد الطاقة، إلّا أنه بالمقابل لا شك أيضاً أن الحكومة ووزارة الكهرباء والجهات المختصة الأخرى قادرة على تحديد ساعات تقنين الكهرباء والالتزام بها على الأقل، وردع تجار الأمبيرات عن الاستمرار بامتصاص دم المواطن، ومراقبتهم وإجبارهم على توحيد الأسعار شرط أن تكون مدروسة، وتخصيص كميات من المحروقات اللازمة للتشغيل مع مراقباتها، حتى ينتهي المواطن من حجج شراء المحروقات من السوق السوداء بأسعار عالية، لتعوض مع هوامش أرباحها المرتفعة من جيوب المواطنين .
يتساءل المواطن: ما هي شمّاعة الحكومة اليوم وما الحل... وإلى متى ستستمر معاناتنا؟! فهو بحاجة إلى حلول جذرية لمشاكله، فقد اكتفى من الحلول الترقيعية وما آلت إليه أحواله منها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
903