حول معاناة مزارعي التبغ

حول معاناة مزارعي التبغ

لا تختلف كثيراً معاناة الفلاحين الذين يزرعون التبغ عن غيرهم من الفلاحين الذين يزرعون زراعات أخرى، من حيث ارتفاع كلف الإنتاج من جهة أو من حيث تسويق المنتج وقبض ثمنه من جهة أخرى.

 

إلا أن منتجي التبغ لهم بعض أوجه المعاناة الخاصة بهم، وذلك أن منتجهم من التبغ لا يتم تسلمه من مكاتب مؤسسة التبغ إلّا عبر دور تحدده لجان خاصة تشكل من المؤسسة، كما أن هذه اللجان هي من يحدد سعر التبغ أثناء التسليم، وهنا تبدأ عمليات الابتزاز للفلاحين، من حيث تحديد موعد الاستلام، ومن ثم تحديد السعر حسب الصنف والمواصفة.
بعض أوجه المعاناة
ما جرى في هذا العام لا يختلف عما جرى في الأعوام السابقة، حيث:
1_ جرى تأخر كبير في استلام المحصول.
2_ حتى الآن هناك فلاحون لم يستلموا قيمة منتوجهم، علماً بأن الفلاحين بدأوا بتحضير الأرض للموسم التالي.
3_ بالرغم من السعر المعلن للكغ 1800 ل.س، إلا أن الفلاح حتى يقبض سعراً قريباً من هذا الرقم، عليه أن يدفع «المعلوم» وهنا يبدأ البازار، حيث حسب «المعلوم» يحدد السعر.
4_ إن زراعة التبغ مكلفة جداً، وتحتاج إلى يد عاملة كثيرة، وهو موسم واحد في العام، حيث تبدأ زراعته في شهر نيسان ويجنى في شهر تشرين.
5_ إن متوسط إنتاج الدونم 300 كغ، وبالرغم من أن المؤسسة تقدم القروض والأسمدة والشتول، إلا أن المردودية محدودة جداً بسبب ارتفاع كلف مستلزمات الإنتاج الأخرى من جهة، وعمليات النهب التي يتعرض لها الفلاحون من جهة أخرى.
قرار حكومي
يشار إلى أن مجلس الوزراء كان قد ناقش واقع استلام محصول التبغ «الذي فاق الخطة المتوقعة»، وذلك بجلسته بتاريخ 28/1/2018، وقرر «تأمين السيولة المالية اللازمة لدفع كل المستحقات للمزارعين، بالتنسيق مع المؤسسة العامة للتبغ، إضافة إلى الاستمرار باستلام المحصول كاملاً حتى موعد أقصاه 15-2-2018».
وأشار وزير الصناعة في تصريح عقب الجلسة، إلى أن «الكميات المنتجة من محصول التبغ هذا العام فاقت الخطة المتوقعة، وتم التنسيق مع المؤسسة العامة للتبغ لتوفير الدفعات النقدية والسيولة اللازمة لدفع المستحقات للمزارعين».
وقد أتى القرار الحكومي أعلاه اعترافاً موارباً وغير مباشر بأحقية وصحة شكاوى الفلاحين في حينها، حول التأخر باستلام المحصول، كما التأخر بصرف قيمته.
أما حديث وزير الصناعة بأن «الكميات المنتجة من محصول التبغ فاقت الخطة المتوقعة»، فلعله يأتي ضمن سياق التبرير «غير المبرر» لهذا التأخر ليس إلا.
أرقام مثبتة
بحسب إحدى الصحف المحلية، مطلع نيسان الحالي، فإن «كمية التبوغ المسلمة للمؤسسة العامة للتبغ للموسم الحالي (2017/2018) وصلت إلى نحو 10,45 ملايين كيلو غرام، بقيمة إجمالية تزيد 17,6 مليار ليرة سورية، وتم تسديد مبلغ يزيد على 14,1 مليار ليرة من تاريخ 15/10/2017 ولغاية 28/3/2018، وبلغت قيمة التبوغ المستحقة للدفع ما يزيد على 2,63 مليار ليرة».
أي: أن هناك ما يزيد عن 2,5 مليار ليرة هي حق للمزارعين، بذمة المؤسسة العامة للتبغ لم تصرف حتى تاريخه.
أخيراً، يمكننا القول: إن المطلوب لدعم قطاع الزراعة، أولاً وأهمّ، هو: تخفيض كلف مستلزمات الإنتاج على الفلاحين بشكل فعلي، ووضح حل جذري لعمليات النهب التي يتعرض لها هؤلاء، فساداً واستغلالاً.