مشفى التل: قصة مأساة وحق مهدور

مشفى التل: قصة مأساة وحق مهدور

تفتقر منطقة الريف الشمالي لدمشق، وجود أي مشفى حكومي فيها، والسبب الأساس يعود إلى أعوام عدة من الترهل واللامبالاة والتقصير وانعدام المحاسبة، كانت ضحيتها مشفى التل، وبالتالي المرضى من أبناء هذا الريف الكبير.

مدينة التل، هي مركز منطقة ويتبع لها: (منين ومعربا والدريج وبدّا وتلفيتا وحلبون ومعرونة وصيدنايا ومعرة صيدنايا ورنكوس وعكوبر وحوش عرب والتواني وحلا وعسال الورد)، وفي كل هذه المنطقة لا يوجد أي مشفى حكومي، بمقابل وجود بعض المشافي الخاصة المنتشرة فيها، بالإضافة إلى بعض المراكز الصحية، التي لا تغني عن المشفى الحكومي بأية حال، وبالتالي: إن أبناء المنطقة من فقراء الحال والمعدمين ومحدودي الأجر لا حول لهم ولا قوة عند الاضطرار لدخول المشافي.
القصة المأساة
قصة مشفى التل مأساوية، فقد تم إنشاؤها كبناء على الهيكل بأموال العمل الشعبي لأبناء المنطقة وذلك بعام 2004 تقريباً، وتم نقل ملكيتها إلى وزارة الصحة، وسلمت لها من أجل استكمالها ووضعها بالخدمة.
في عام 2005 تفقد وزير الصحة عمليات الترميم في مشفى التل، واطلع على نسب التنفيذ في أقسامه، كما زار العيادات التخصصية في المشفى واستمع من المعنيين إلى شرح عن الخدمات التي تقدم للمواطنين، وقد وجه بضرورة الإسراع بتنفيذ أعمال الترميم في الوقت المحدد كي يوضع المشفى في الخدمة، ويقدم خدماته الطبية لأهالي منطقة التل والمناطق المحيطة بها. ‏
في عام 2007، وتحت قبة مجلس الشعب تساءل أحد الأعضاء بقوله: «ما مصير مشفى التل الذي لا يزال متوقفاً منذ سنوات عدة رغم أن هذا المشفى نقلت ملكيته إلى وزارة الصحة منذ أكثر من ثلاث سنوات، مع العلم أنه بني بأموال العمل الشعبي على الهيكل وسلم للوزارة».‏
وقد أجابه وزير الصحة حينها: «فيما يتعلق بمشفى التل فإننا واعتباراً من 15/1/2008 سنبدأ العمل فيه وقد تم توقيع العقد بشكل نهائي مع الإنشاءات العسكرية».
في نهاية عام 2009 أوضح الجهاز المشرف في المشفى: «أن تأخر التأهيل يعود إلى خلل في الدراسة الكهربائية المنفذة من قبل الوزارة» وقد أكد وزير الصحة حينها: «أنه سيتم محاسبة المقصرين وتلافي التقصير فوراً».
وفي عام 2011 قال الدكتور وائل الحلقي، وزير الصحة حينها: «إن مشفى التل سيوضع في خطة استثمار الوزارة خلال السنتين القادمتين، مبيناً أن الوزارة تسعى وضمن إمكاناتها المتاحة، وبرنامج الإنفاق الحكومي لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين».
من جانبه قال المهندس مدير مشروع مشفى التل من مؤسسة الإنشاءات العسكرية: «إن المشروع قائم بالتعاون بين مؤسسة الإنشاءات ووزارة الصحة وشركة الدراسات العامة موضحاً: أنه من المتوقع أن ينتهي خلال السنتين القادمتين، ولكن لا يمكن وضعه في الاستثمار إلا حين الانتهاء من الموقع العام التابع له».
وبعد ذلك أتت سنو الحرب والأزمة، وأهمل المشفى كما تم نسيان الوعود والعهود الرسمية كافةً بشأنه، طيلة السنوات التي ما قبلها، كما ضاعت المحاسبة على التقصير والترهل والفساد، وعادت المشفى على الهيكل من جديد نتيجة عمليات السرقة، التي لم تكن سنو الحرب والأزمة سببها، بل ما قبلها من أعوام كثيرة، وما زال أهالي مدينة التل والمنطقة عموماً في الانتظار حتى الآن!.
حق ومطلب شعبي
أهالي مدينة التل والبلدات المحيطة بها يطالبون بإعادة تأهيل المشفى وتأمين مستلزماته كافة ، من أعمال الصيانة اللازمة على مستوى البنى التحتية فيه مروراً بالتجهيزات الطبية، وليس انتهاءً بالكادرات الطبية والتمريضية، وذلك من أجل افتتاحه لتقديم الخدمات الطبية اللازمة لأبناء المنطقة، وهو مطلب محق من كل بد، ليس لكون الهيكل الإنشائي والأرض المشاد عليها هي نتاج تضافر العمل الشعبي والأهالي فقط، بل والأهم: لحاجة المنطقة التي تعتبر كبيرة ومتسعة، لمشفى حكومي يقدم الرعاية الطبية اللازمة لأبنائها كما غيرها من المناطق.
فإلى متى سيبقى أهالي المنطقة، الذين يتجاوز تعدادهم المليون نسمة بكثير، دون مشفى حكومي؟
وهل ستلحظ وزارة الصحة والحكومة هذا المطلب والحق الشعبي ضمن خططها ومشاريعها، أم أن أعواماً قادمة أخرى ستمر تقصيراً وإهمالاً كما غيرها دون تحقيق ذلك؟.