«تعا.. في أرباح ونهب»!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

«تعا.. في أرباح ونهب»!

مرحلة التعافي، التي ما فتئ مسؤولونا يروجون حضورهم وخطاباتهم بها، لم يلمسها المواطن لا على مستوى معيشته ولا على مستوى خدماته، كما تاه مع بداياتها وما زال يشك بخواتيمها.

ففي شهر آذار 2016، وتحت قبة البرلمان، قال رئيس الحكومة «الحلقي» في حينها: «إن مرحلة التعافي وبداية الإعمار انطلقت في أبعادها كلها».
وفي تاريخ 27/4/2017 في الاجتماع التحضيري لمعرض دمشق الدولي قال رئيس الحكومة: «المعرض رسالة للعالم أجمع أن سورية دخلت مرحلة التعافي الاقتصادي ومصممة على استعادة الألق قطاعاتها كلها وخاصة الاقتصادية».
كما صرح وزير الاقتصاد خلال زيارته لمعرض دمشق الدولي بتاريخ 23/8/2017 قائلاً: «إن المعرض وجه رسالةً، أن الاقتصاد السوري دخل في مرحلة التعافي».
وأخيراً، قال رئيس الحكومة في اجتماعه مع اتحاد الصيادلة العرب بتاريخ 16/10/2017: «سورية بدأت مرحلة التعافي في مختلف المجالات الاقتصادية».
العبارات السابقة هي غيض من فيض التصريحات الرسمية التي ترامت على أسماع السوريين خلال السنين الماضية، مروجة للبشائر نظرياً في مقابل الإحباط المتتالي عملياً.

مقاسات الكبار ومصالحهم
اللافت على المستوى الاقتصادي، أن المقصود من التعافي غالباً هو: ما يجري على مستوى عمليات التصدير، بغض النظر عن مدى كفاية السوق المحلي، أو انعكاسات ذلك على المنتجين، اعتباراً من أغنام العواس، مروراً ببعض المنتجات الزراعية، وليس انتهاءً بالأدوية.
بالإضافة لما يتم إصداره من قوانين وتعليمات وقرارات، فيها الكثير من الإعفاءات الإضافية لكبار المستثمرين المحليين والأجانب، والمزيد من فرص تكديس الأرباح في حساباتهم، على حساب المواطن بحاضره ومستقبله، كما على حساب الاقتصاد الوطني والوطن في نهاية المطاف.
ولعل قانون التشاركية سيئ الصيت، أحد أبرز معالم هذا النوع من الاستقطاب المضاف على قوانين الاستثمار، التي يتم العمل على تعديلها بما يناسب مقاسات كبار المستثمرين، وذلك بما يتوافق مع مشاريعهم القادمة عبر بوابات إعادة الإعمار المقبلة، ويرعى مصالحهم.

لا تعافيَ حقيقياً في الرسائل
أما التعافي الحقيقي، هو المتمثل بدعم الإنتاج والعملية الإنتاجية وتأمين مستلزماتها، أو بتحسين المستوى المعيشي والأجور، أو بتحسين الواقع الخدمي والصحي والتعليمي، أو غيرها من القضايا التي تمس حياة المواطن بشكل يومي ومباشر، فهي غائبة عن مجالات التخطيط والأداء الحكومي الجدي، مع استمرار حضورها في لغة الخطابة الرنانة على ألسنتهم بشكل دائم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر: غالباً ما تم تأجيل وتسويف تحسين المستوى المعيشي، بذريعة التنمية المرتبطة بالإنتاج، وغيرها من الذرائع الأخرى، وبشكل رسمي.
لكن كيف سيتم ذلك في ظل الاستمرار بإضعاف الإنتاج وتقويضه، لا أحد يعلم ذلك؟!.
والنتيجة، أن رسائل التعافي أعلاه لم تكن موجهة للمواطن المسحوق بمعيشته وخدماته، بل موجهة لكبار أصحاب الثروات، داخلاً وخارجاً، من أجل المزيد من الاستنزاف والنهب المشرعن، والمزيد من جني الأرباح في جيوب هؤلاء على حساب المواطن والوطن.
وصدق من قال: إن مفردة «تعافي» المروجة على ألسنة مسؤولينا منذ سنين، لها تفسير آخر بالمعنى الاقتصادي الليبرالي السائد، تماماً كعبارة «دعه يعمل دعه يمر»، وترجمتها العملية هي: «تعا.. في أرباح ونهب»!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
833