الليشمانيا تدخل من بوابات الترهل الخدمي!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

الليشمانيا تدخل من بوابات الترهل الخدمي!

معاناة جديدة بدأت بالظهور بنتيجة تراجع الخدمات العامة، تمثلت بانتشار مرض الليشمانيا، أو ما يعرف محلياً باسم «حبة حلب»، حيث تم تسجيل العديد من الإصابات في بعض المدن والقرى والأرياف خلال الفترة الماضية.

السبب الرئيس لانتشار هذه الآفة يرتبط بالنظافة العامة، اعتباراً من تراكم النفايات على أطراف الشوارع والأحياء، مروراً بعدم رش المبيدات الحشرية بمواعيد منتظمة، أو بمواسم معينة، وخاصة في فصل الصيف، وليس انتهاءً بقلة الوعي الصحي، أو عدم توفر العلاجات المناسبة بالوقت المناسب.

لا تهويل ولا تبسيط
لا نريد التهويل من أمر الإصابة بهذه الآفة، لكننا بالمقابل يجب ألا نقلل من خطرها، وإمكانية تحولها إلى جائحة، باعتبارها من الأمراض الوبائية المعدية بحال لم يتم التصدي لها، ومعالجة مسبباتها ونتائجها بالسرعة اللازمة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها من الممكن أن تترك تشوهاً دائماً، خاصة وقد تم تسجيل أكثر من 4000 إصابة بهذا المرض منذ مطلع العام وحتى الآن، في ريف حماة لوحده فقط، وذلك حسب تصريح رئيس مركز الليشمانيا في ح ماه لوسائل الاعلام، كما تم تسجيل العديد من الإصابات في ريف دمشق، وكذلك في العديد من المدن والمحافظات الأخرى، الأمر الذي يفرض تضافر الجهود من أجل الحد من إمكانية استمرار انتشار هذه الآفة، وصولاً للقضاء عليها.

التشخيص والعلاج
الليشمانيا عبارة عن حبة تظهر على الجلد على إثر لسعة من ذبابة تدعى «ذبابة الرمل»، وهي حشرة صغيرة تكاد لا ترى بالعين المجردة، حيث تنقل هذه الحشرة العامل الممرض «وهو وحيد خلية طفيلي» يعيش داخل هذه الحشرة التي تقوم بنقله من إنسان لإنسان أو من حيوان لإنسان وبالعكس.
وهذه الحبة لا تظهر إلا بعد مرور شهر تقريباً على تلك اللسعة، كما لا يمكن كشفها إلا عبر التحاليل لتأكيد الإصابة بالمرض، لكن الخطير بموضوع اللسعة والإصابة أنها تنتقل عن طريق الدم، بحيث يتوسع مكان اللسعة آخذاً شكل البقعة، التي تؤدي إلى تشوه واضح بحال عدم علاجها، ناهيك عن الآلام المصاحبة لها.
أما العلاج فيتمثل بعدد من الحقن العضلية، كل 15- 20 يوماً حسب درجة الإصابة، بالإضافة للآزوت السائل كعلاج موضعي، مع دوام عملية التعقيم والتنظيف، والتأكيد على الابتعاد عن ملامسة الماء لمكان الإصابة، وهي علاجات مجانية توفرها وزارة الصحة عبر مراكزها ومستوصفاتها.

مهام وواجبات الوحدات البلدية والصحة
الأهم من التشخيص والعلاج هو الوقاية المسبقة، بمعالجة الأسباب التي تؤدي للمزيد من انتشار هذه الآفة الممرضة والمشوهة، ولعل ذلك يبدأ بالجدية بموضوع النظافة العامة من ترحيل القمامة بشكل دائم دون تأخير، خاصة وأن القمامة تعتبر مرتعاً للقوارض، وهي تعتبر ناقلة للمرض، باعتبارها من الحيوانات الحاضنة للطفيلي الممرض، مع تركيز الجهود على مكافحتها بشكل دائم.
والجدية بموضوع رش المبيدات الحشرية، في الشوارع وحارات الأحياء، وحتى داخل البيوت إن لزم الأمر، بالإضافة للمتابعة الدائمة لواقع شبكات الصرف الصحي وصيانتها وإصلاحها، وخاصة خلال فصل الصيف وما يصاحبه من ارتفاعات بدرجات الحرارة، مع ما تعنيه الحرارة المرتفعة وبرك المياه الآسنة من بيئة ملائمة لتكاثر الحشرات على أنواعها، وهي من مهام المحافظات والوحدات المحلية والبلديات، وواجباتها، والتي ظهر بها الكثير من التردي والترهل، مع الكثير من اللامبالاة وانعدام المسؤولية أحياناً، حيث بات من اللافت تراكم النفايات والقاذورات في المدن والأرياف، ناهيك عن مشاكل المكبات العامة وشبكات الصرف الصحي، وهو ما أدى عملياً إلى زيادة أعداد المصابين المسجلين بهذه الآفة مؤخراً.
كما لا بد من الإشارة إلى أهمية دور وزارة الصحة، ومديرياتها، والمراكز المتخصصة بالليشمانيا المنتشرة بالمحافظات، وضرورة توفير مستلزمات العلاج الكافية لهذه الآفة بهذه المراكز والمستوصفات، من حقن عضلية وآزوت سائل ومعقمات وغيرها، مع توفر الكادر الطبي المؤهل، ومتابعة الحالات المرضية المسجلة حتى درجة الاستشفاء التام.
وأخيراً يجب ألا نُغيّب أهمية دور الإعلام على مستوى التوعية العامة بالمرض، تعريفاً وتشخيصاً وعلاجاً، مع التأكيد على أهمية وسائل الوقاية الخاصة المتمثلة بالنظافة العامة، ومراجعة المراكز الصحية عند الشك بوجود الآفة قبل استفحالها، وربما لا يمنع من التأكيد على أهمية استعمال «الناموسيات» وخاصة للأطفال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
821