دمج شركتين للقطاع العام: مشروع جديد لقتل المشاريع  السابقة

هل ما يجري هو دمج شركتين، أم تهيئة  الشركة المحدثة لتكون  مرتعاً جديداً لنهب جديد، يشمل  الشركة وممتلكاتها وحقوق العاملين فيها؟

صدر المرسوم 169 لعام 2003 والقاضي بإحداث  الشركة العامة للبناء والتعمير.

ومن ثم دمجت الشركة العامة للبناء مع شركة الساحل للتعمير بكامل موجوداتها، وبدأ التحضير لإنجاز الدمج وبناء الشركة المحدثة، ومنذ الأيام الأولى لعمل الشركة الجديدة بدأت الإدارة تنحو منحاً معاكساً لتطلعات العمال، فتعاملت مثلاً مع قرار رئيس مجلس الوزراء بإشراك جميع العمال بالتأمينات الاجتماعية بمماطلة وتأخير، وأصرت على تسديد 19% من رواتب العمال لقاء إشراكهم بالتأمينات الاجتماعية (العجز  والشيخوخة) عن الفترة  ما قبل عام 1985، علماً أن نظام التأمينات الاجتماعية ينص على أن يدفع العامل 7% فقط من هذه التأمينات، وتدفع الشركة 14%، إلا أن إدارة الشركة كلفت العامل بدفع كامل التأمينات، مخالفة بذلك الأنظمة والقوانين، على الرغم من التدخلات المستمرة لاتحادات نقابات العمال، وصدور قرارات عن الشركات الإنشائية المماثلة قبل الدمج، ومنها شركة الساحل، تنص هذه القرارات على إشراك جميع العمال فيها قبل عام 1985 بالتأمينات الاجتماعية بنسب حصص نظامية.

وحتى تستطيع الإدارة (سرقة) كامل الاعتماد من العامل، فسرت القرار على أنه اشتراك (رفع نسبة معاش الشيخوخة) وهذا النص يلزم العامل بتسديد كامل الاشتراك، علماً أن المطلوب هو تعديل تاريخ اشتراك العاملين (الاستمارة رقم 1) لتصبح بدءاً من تاريخ مباشرة العامل الفعلية لعمله (العقد الأول) والتسديد يتم حسب الحصص المقرر.

بعد عدة كتب أرسلت إلى اتحاد نقابات عمال المحافظة، والاتحاد المهني لعمال البناء،  والاتحاد العام لنقابات العمال،  وإلى إدارة الشركة، مازالت الأخيرة مصرة على موقفها بكتابها الذي وجهته مؤخراً للنقابات، مما يستدعي تدخل المعنيين،  ومما سيضطر جميع العاملين ممثلين بمكتب نقابتهم لتحصيل حقوقهم عن طريق القضاء، آو عبر الجهود التي يرونها مناسبة لإيقاف النهب الحاصل على رواتبهم  الضعيفة أصلاً باعتراف الجميع.

لا حوافز:

عند تأسيس الشركات الإنشائية كانت الحوافز الإنتاجية توزع على العمال منسجمة مع معدل الإنتاج وجودته، إلا أن الشركة العامة للبناء لم تكتف برفض منح (الحوافز) الإنتاجية أسوة ببقية الشركات ـ عمال شركة الساحل مثلاً ـ مع العلم أن عمالها وعمال شركة البناء شركاء في الدمج الأخير، وعمال شركة الساحل كانوا يتقاضون حوافز بمعدل وسطي قدره ثلاثة آلاف ليرة سورية شهرياً، إضافة إلى طبيعة الورشة التي توزع على عمالها مقابل عملهم في الورشات.

إذاً، فإدارة الشركة لم تكتف بحرمان العاملين من الحوافز، بل اعتمدت نظام (نورمات) كأساس لمنح تعويض الورشة، مخالفة بذلك كل تفسيرات ومعنى تعويض الورشة، مما أدى إلى الحد من قدرة العمال على زيادة الإنتاجية، وفي أغلب الأحيان، لم يستطيعوا الوصول إلى حد الأداء (النورم). فلم يتمكن العامل من الحصول على كامل تعويض طبيعة الورشة القانوني، لتأخر الإدارة في تأمين جبهات العمل بموعدها اللازم، ولعدم قدرتها على تأمين المواد الأولية، ولأسباب أخرى لا دخل للعامل في حيثياتها. وقد ورثت خطوة الدمج الأخيرة هذا القرار الجائر، ويخشى أن يرثه عمال شركة الساحل السابقة المدمجة مع الشركة العامة للبناء.

أهداف غير نبيلة:

بعد صدور مرسوم الدمج بحثت إدارة الشركة اليد العاملة الفائضة في فرع حمص للنقل دون الرجوع لإدارة الفرع، وحددت عدد العمال الفائضين في فرع حمص بـ /268/ عاملاً، وكل العمال الفائضين هم عمال مهن يعملون في الإنتاج المباشر بكافة الاختصاصات المهنية وكانت قد بدأت الاتصالات مع وزارة العدل

 لنقل هؤلاء العمال إليها على أن 

يقوم العمال بمراجعة الوزارة في موعد أقصاه 31/8/2003.

أدى هذا القرار إلى احتجاج إدارة فرع الشركة بحمص ونقابة عمال البناء والأخشاب وإلى رفض العاملين تنفيذ القرار، هذا ما دفع إدارة الشركة إلى  الاحتجاج وإعادة النظر بحجم العمالة الفائضة وتخفيضها إلى حوالي الأربعين عاملاً، والسؤال المطروح:

لماذا تعتبر الشركة عمال الجبالات وغيرهم من المهنيين عمالة فائضة؟

هل هي محاولة من الشركة لاستخدام متعهدين ثانويين في التنفيذ أو إيقاف عمل الفرع بكامله. العودة الجزئية عن القرار تؤكد بأن القرار غير مبني على دراسة علمية، وأن أهدافه غير نبيلة، مما يشكك بأهلية الإدارة نفسها في إدارة  الشركة، ويشكك في إمكانية إئتمانها على أموال الدولة والعمال علماً أن حجم المشاريع في حمص تكفي لتشغيل أكثر من عدد العمال الموجود. وهي أي المشاريع في زيادة مستمرة.

سيارات للرفاهية:

صدر قرار عن رئاسة مجلس الوزراء، نهاية العام الماضي، يسمح لإدارة شركات القطاع العام الإنشائي بيع آلياته القديمة بالمزاد العلني، وشراء آليات بدلاً عنها، آليات جديدة بهدف تطوير الإنتاجية وتحسينها، والتخفيض من تكاليف الصيانة والهدر في الوقت. وتنفيذاً لهذا القرار، وبسرعة ملفتة، سارعت إدارة الشركة العامة للبناء إلى بيع عدد من الآليات الإنتاجية بما قيمته أكثر من  تسعين مليون ليرة سورية، واشترت بأموال الآليات المباعة سيارات خدمة حديثة (لاند كروزر) ووزعتها على الإدارة وبعض (المقربين) ولم تعوض حتى الآن بآلات إنتاجية جديدة للفروع، وعندما علمت الوزارة بذلك طالبت بشراء الآليات اللازمة وعدت الشركة بأنها ستقوم بتأمين البديل، وهكذا استبدلت الآليات الإنتاجية بسيارات للرفاهية…

 

إن حل فرع النقل، هو واحد من القرارات «الجريئة» التي ستساهم في الإسراع بموت الشركة..