هل هنالك حكومة جديدة؟ وماذا يراد منها؟

 كثرت في الآونة الأخيرة التعليقات الإعلامية على أداء الحكومة الحالية، وكذلك التنبؤات عن احتمال أو قرب تشكيل حكومة جديدة..الخ.

وفي لقاء سريع مع بعض الزملاء في أحد المقاهي الشعبية في مدينة حلب سئلت السؤال التالي: ماذا تريد من الحكومة الجديدة؟ 

فأجبت السائل: إن هذا سؤال كبير يصعب الإجابة عليه كلاميا، فكيف تنفيذيا.

ولكني كشخصية اجتماعية أريد الكثير والكثير من أية حكومة يوكل إليها تسيير الأمور في القطر، ولكن ما أريده ليس لي شخصيا، وإنما للمجتمع بشخصيته الاعتبارية ككل، إلا أن المهم ليس ما أريد، إنما الأهم هو: ماذا بمقدور الوزارة الجديدة أن تفعله؟ 

فإذا كان الأمر على التمني، أو الرغبة بضربة حظ ، أو يانصيب، أوفانوس علاء الدين، أو خاتم سليمان.. الخ، فأنا أتمنى الكثير الكثير: بداية بتحرير فلسطين والعراق، وثانيا بتوحيد الأمة العربية من الخليجين للمحيطين، وثالثا بنشر الحرية والديمقراطية والعدالة الضريبية وحقوق الانسان، ورابعا بالقضاء على الأمية الأبجدية والعلمية والتقنية، وخامسا بتأمين الخدمات الاجتماعية بشكل أفضل مما هو كائن… الخ الخ.. 

وطالما لا أملك ولا تملك الوزارة القديمة ولا الجديدة الإمكانيات السحرية ولا غير السحرية التي تلبي التمنيات أعلاه ، ولذلك أتمنى على الوزارة (أية وزارة)، الحالية أم المحتملة: العمل لما يخدم المجتمع كل المجتمع، وترك بصمات إيجابية تذكِّر المستفيدين (كل أفراد المجتمع) بطيب ذكر إسم كل من عمل صالحا للمجتمع فيها، بعكس من عمل سيئا أو عمل قليلا أو لم يعمل شيئاً.

ولذلك سأقتصر على طلب الحد الأدنى مما يمكن لأية وزارة أن تنفذه من الأمنية الخامسة فقط، التي تتعلق بتأمين بعض الخدمات الاجتماعية بشكل أفضل مما هو كائن، و إمكانية تلبية ذلك خلال اسبوع واحد فقط، وبأقل التكاليف وأيسر السبل وأقصر الوقت (إذا هي أرادت)، والتي منها على سبيل المثال لاالحصر، التالي:

1. من وزارة التعليم العالي:

1. إصدار قانون تنظيم الجامعات الجديد وبأقصى سرعة ممكنة وقبل مطلع العام الدراسي القادم الذي يبدأ في منتصف شهر أيلول القادم 15/9/2003 

 2. وأن يرفع فيه سقف تقاعد الأستاذ الجامعي إلى سن الـ80 أو حتى يطلب تقاعده خطيا بنفسه كما في مصر روسيا.. الخ.. 

-إلغاء الأفضلية التمييزية لأبناء أساتذة الجامعات في دخول أبنائهم الجامعة، وضرورة النظر بعين العدالة وتكافؤ الفرص إلى العلامات فقط (ويمكن قراءة مقالتي المنشورة بعنوان: الإنتلجنسيا العربية، ودورها الأبارتيدي).. الخ.. 

2. من وزارة السياحة:

القيام بـ: 

1. وضع خارطة سياحية آثارية وترفيهية. 

2. وضع خارطة مواصلاتية. 

3. ووضع الشاخصات اللازمة (ولو حجرية أو إسمنتية) عند كل مفارق الطرق حتى لايتوه المسافرون وخاصة السائحون منهم عن مقاصدهم.

4. تحسين وضع الشاطئ السوري القصير تنظيفا وترميلا ، وجعل الوصول إلى البحر (كملكية عامة وإنسانية) ممكن لأي مواطن وفي أية منطقة منه ،وأن تفتح منافذ على طول شاطئ البحر وتقيم أدواشاً عند كل مكان يمكن السباحة فيه ولو بشكل مأجور.

5. وأن يتم وضع التفسير اللازم لكل لوحة أو أثر وباللغات اللازمة في كل متحف أو مكان أثري (من أجل التفصيل: إنظر مقالتي في فضائية أخبار الشرق حول: معاناة السائح في سورية بين الطرق المبهمة والآثار البكماء والشاطئ المسيّج بالأسلاك الشائكة). 

3. من وزارة البيئة:

-إجراء دورة تدريبية وحضارية للزبالين الذين لايمرون بشكل نظامي لجمع أكياس الزبالة في حينها رغم الدفع لهم، ومعاقبة المقصرين منهم، وخاصة من تترامى أكياس الزبالة من عرباتهم في كل مكان وفي أوساط الشوارع وتبقى حيث وقعت حتى تذرو الرياح محتوياتها في أنوف المارة.

-وكذلك رصد السيارات التي تنشر الدخان الأسود المكثف ومعه السرطان والسل والسعال.. إلخ إلى صدور كل المواطنين.

- وكذلك محاربة التلوث الضجيجي مهما كان نوعه فوق 30 ديسيبل واعتباره بالشكل المزعج الذي يتم فيه، نوعاً من أنواع أسلحة التدمير الشامل، (إنظر مقالتي: طاعون التلوث الضجيجي في مدن البلدان المتخلفة ، المنشورة في مجلة الخفجي السعودية). 

4. من وزارة الإعلام:

1. محاكاة الموقع «الفضائي» الرائع لجريدة «قاسيون». 

2. وتحسين وضع المواقع الفضائية للصحف السورية المركزية والإقليمية على الإنترنيت، لتسهيل الوصول إليها أو التراسل معها بسهولة، و تسهيل البحث فيها عن أي موضوع وبأي عدد وبأي تاريخ..الخ..

-وإلغاء الحَجْب عن صحيفة أخبار الشرق الفضائية.

-وكذلك إلغاء الرقابة عما يكتب في الصحف العامة من مقالات تصويبية وناقدة للخطأ بقصد البناء عملا بقول الرئيس الخالد الراحل حافظ الأسد: (لاأريد من أحدكم أن يسكت عن الخطأ أو يتستر على العيوب والنواقص.. الخ) 

-وكذلك إلغاء البرنامج الإذاعي الذي يجري مساء السبت بعنوان: «أبناؤنا في الخارج»، لأن وسائل الاتصال الفردية بأنواعها الكثيرة أوفر للوطن وللمواطن بملايين المرات من تسخير إذاعة بكاملها بكل إمكانياتها لدلق عواطف فردية ساخنة على الهواء (وعلى آذان الملايين ممن لا يهمهم الأمر، من مستمعي الإذاعة ) لقريب مغترب قد لايكون أصلا في الاستماع لكل البرنامج.. الخ وبشكل محرج ومخجل.. الخ..

5-من وزارة الثقافة:

- أن تضع فاكساً، وبريدا أليكترونياً، و موقعا فضائيا لمجلة «المعرفة» الصادرة عنها، وذلك كما تفعل جريدة «قاسيون» على الأقل أو بقية المطبوعات التي تحترم قراءها ومراسليها.

6-من وزارة الداخلية:

 جعل عمليات تجديد شهادات السوق أكثر سهولة.. 

7-من وزارات الكهرباء والاتصالات والري.. الخ:

أن تجعل مكاتب الجباية التابعة لها أكثر حضارية وإنسانية، رحمة بالموظفين العاملين فيها في الحر والقر صيفا وشتاء، وكذلك رحمة بالمواطنين الذين يقفون ساعات طويلة بالدور وبظروف أشبه بظروف العراق المحتل، وذلك بتأمين التكييف والمقاعد الخشبية فيها لإراحة العجائز منهم على الأقل.. الخ.. (إنظر مقالتي المنشورة بعنوان «اقتصاديات الوقت»). 

8- من المؤسسة العامة للاتصالات:

-ضرورة تطوير إنتاجية العمل لدى بعض موظفيها إلى مستوى إنتاجية الكمبيوتر، وليس العكس، وبالتالي ضرورة تأمين كشف الهاتف التفصيلي لطالبه أصولا عند الدفع بتاريخ بداية استحقاق الدورة، وليس بعد 15 يوم (من الدفع في موعده) كما هو قائم.. الخ.. 

9- من وزارة التربية:

- إمكانية إدخال مواد جديدة في المنهاج بعنوان : «المواطنية الصالحة» و «حقوق الإنسان» و«التربية البيئية» و«الإعلام ودوره في التربية والتعليم» و «العولمة:إيجابياتها وسلبياتها».. الخ.. وذلك على حساب مواد تجاوزها الزمن..

10. -من وزارة الدفاع:

- إمكانية تفعيل مقدرات الجيش الإنشائية الكبيرة ذات الاتجاه الواحد في إنجاز المشروعات التنموية أيضا، بحيث يصبح جيش الشعب للدفاع وللإعمار «شق الطرق _ التشجير_..الخ».. (إقرأ تجربة الجيش الجزائري).. 

11. -من وزارة العدل:

- ضرورة دراسة دساتير وقوانين الدول المتطورة والاستفادة منها، و تفعيل روح مواد الدستور والقانون وحقوق الإنسان، وجعل أحكامها العادلة فوق الجميع بدون استثناء. 

12. - من وزارة النقل:

-جعل تسجيل السيارات المشتراة أو المباعة أوتجديد أوراقها أقل بيروقراطية وروتينية وإرهاقا للمواطن، والعمل على فتح باب الكوة الواحدة ماأمكن وليس تعجيزا للمواطن وتكريهه بالسيارة.

- العمل على مد خط حديدي مواز للخط القائم، وزيادة الاعتماد على القطارات في النقل الاجتماعي والاقتصادي لما فيها من أمان وتوفير اقتصادي ونظام وحضارة وراحة.. الخ 

13. من وزارة الصحة:

- سحب شهادة الصيدلة من كل صيدلي يؤجر شهادته للمتاجرة بها (أنظر مقالتي المنشورة: لماذا كلية الصيدلة لمن يؤجرون شهاداتهم ؟).

14- من وزارة الري:

-توقيف هدر المياه الطبيعية الذي يتم بما يقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا عبر نهري: الحسين، وبانياس الساحليين، وقسم كبير من مياه نبع السن، وذلك بضرورة إقامة السدود اللازمة بأقصى سرعة ممكنة للحيلولة دون وصول قطرة عذبة منها إلى البحر قبل الاستفادة منها كما ينبغي. 

15- من وزارة الاقتصاد:

- دراسة وتفعيل و استغلال القوانين الاقتصادية العلمية المفتاحية استغلالا أمثل ولصالح الوطن والمواطن، مثل القوانين الاقتصادية العامة (قانون وفر العمل الكبير، قانون زيادة الإنتاجية بزيادة تقسيم العمل الاجتماعي، والدولي، قانون التراكم الرأسمالى..الخ) وكذلك القوانين الاقتصادية الكثيرة الأخرى سواء منها الرأسمالية مثل (قانون العرض والطلب، قانون تناقص الريعية) أو الاشتراكية مثل (قانون: من كلٍّ حسب قدرته ولكلٍّ حسب عمله) و(ضرورة التطابق بين تطور القوى المنتجة وبين العلاقات الانتاجية الاشتراكية… الخ).. 

- استغلال الموارد الطبيعية التي تتميز بها سورية بميزات مطلقة أو نسبية استغلالا أمثل: كالقطن، والزيتون، والحمضيات، والتبغ، والبقوليات، والحبوب… الخ.. بتصنيعها محليا وإضافة عليها القيمة المضافة اللازمة التي ترفع من سعرها وقيمتها أضعافاً مضاعفة من تصديرها بشكلها الخام… الخ.. 

16-من رئاسة الوزراء:

-استصدار قانون باسم محاربة الفساد ، بقضي بمحاسبة كل من خرج من السلطة بثروة أكبر مما دخل فيها (مع أخذ النمو الطبيعي بعين الاعتبار).

- محاربة الفساد بكل أنواعه وأشكاله، والطلب إلى كل مسؤول منذ الآن (وبمفعول رجعي منذ 1963 وحتى الآن) أن يملأ استمارة يبين فيها حجم ثروته المنقولة وغير المنقولة عند دخوله الوظيفة، وحجمها عند خروجه من الوظيفة أو من (المهمة/ المسؤولية التي أوكلت إليه)، ومصادرة كل مكتسب غير طبيعي. 

-مساءلة المسؤولين في «أفتوماشين» في الثمانينات والتسعينات: لماذا جمعوا أموال المنتجين المسجلين على سيارات «بيك أب» ولم يؤت لهم بها (في حين أتوا بالسيارات السياحية قبل ذلك وبأرخص الأسعار )، وأعادوا تلك الأموال للمسجلين بـما يساوي 10% ققط من قيمتها الشرائية التي دفعت بها، ثم ترك الموضوع للقطاع الخاص ليجني أرباحا طائلة كان القطاع العام والمواطنون المسجلون أولى بها. 

-وتعويض المتضررين من ذلك بدفع استحقاقاتهم العادلة. 

-إلغاء رسوم اٌلإنترنيت، وكذلك الخليوي أسوة بالدول المجاورة. 

-معالجة وضع البطالة الشبابية المتفاقمة بإقامة المعسكرات الإنتاجية المأجورة لشق الطرق والتشجير… الخ.. 

-محاربة الهدر وترشيد الاستهلاك: بإلغاء السيارات الحكومية بدون استحقاق فعلي لها، وكذلك بونات البنزين المجانية ، وإعطاء بدل نقدي لكل مستحق لواسطة نقل، وعليه تدبر أمرنقله بنفسه…

17-ويقينا منا بأنه يمكن للحكومة القائمة حاليا أن تنجز البعض الكثير مما طلب أعلاه، وأن تبدأ بإنجاز البعض الآخر بوضع حجر الأساس لها على الأقل في عهدها، ليكتمل الإنجاز في عهد الحكومة القادمة… الخ الخ الخ..

وبانتهاء أحد المستمعين من شرب قهوته بهدوء، وتدخين سيجارته الثالثة،انتهت الإجابة على السؤال المطروح أعلاه في بداية الكلام…. 

■  أ. د. اسماعيل شعبان 

 

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.