أزمات الشتاء المتصلة المنفصلة.. مع تراجع المازوت.. البنزين «بطل الموسم»

أزمات الشتاء المتصلة المنفصلة.. مع تراجع المازوت.. البنزين «بطل الموسم»

رغم قلة الاعتماد عليه في التدفئة وضعف تأثيره على مستويات الأسعار بشكل عام، إلا أن احتدام الوضع مع تزايد انقطاعات التيار الكهربائي وعشوائيتها، وانخفاض درجات الحرارة الكبير، أعادت الحاجة للاعتماد على "المولدات" التي يعتمد جزء كبير منها على مادة البنزين، وبشكل مواز، دفعت أزمة النقل والمواصلات في دمشق مع الازدحام الشديد على الطرقات إلى نشاط نسبي لسيارات التاكسي مع رغبة المواطن باختصار الوقت الطويل الذي بات التنقل يتطلبه، وذلك رغم ارتفاع الأجرة.

كما أن ارتفاع عدد سكان دمشق ومحيطها عموماً بعد توافد الكثيرين من محافظات ومناطق أخرى بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، كل هذه الأسباب مجتمعة شكلت بمجملها تغيراً في مستوى الطلب على مادة البنزين في دمشق، وتؤدي، بظهور أي خلل في طرق نقل المادة من مصدرها إلى المدينة، إلى اختناقات ونقص يودي لأزمة..

المازوت الذي كان في مقدمة أزمات السوريين نتيجة اتساع الطلب عليه واعتباره وقود التدفئة الرئيسي، انتقل إلى مصاف "الترف" وخرج من دائرة استهلاك أغلب السوريين.. ليخلي "الراجلون" الباحثون عن التدفئة الطوابير، لأصحاب السيارات والمولدات الذين نالوا حصتهم من "طوابير الأزمة"..

محروقات دمشق.. (طوابير) مع المخزون وثبات التوريد

دون أدنى شك بتكرار أزمات الشتاء الماضي، أثبتت المحروقات من جديد أنها عصية على كل إجراء ووعد حكومي بالسيطرة على وضعها وتوفيرها، فما إن بدأت المعارك على الطريق الدولي بين حمص ودمشق حتى أرخت الأزمة بظلالها معلنة تحديها لصبر المواطن السوري وقدرته على التحمل...

محطات الوقود في مدينة دمشق مشهد مكرر وطوابير الانتظار للسيارات والبيدونات لساعات طوال، على أمل الحصول هذه المرة على مادة البنزين فقط، التي غدت تنافس المازوت في شدة الطلب عليها وما تفرزه من مشاهد مؤسفة تدفع المواطن السوري إلى اكتناف الطرقات والأرصفة بانتظار الدور.

بانياس-حمص-دمشق 

تعتمد مدينة دمشق في تغذيتها بمادة المحروقات عموماً على قوافل تسير من حمص وبانياس، إلا أن اضطراب الوضع الأمني للطريق الدولي حمص- دمشق يؤثر بشكل سلبي على تواتر ورود هذه القوافل، وتزيد طبيعة المادة القابلة للاشتعال من حساسية الوضع وصعوبته، مع الخوف من تعرضها لأي إصابة بعيار ناري قد يؤدي لانفجارها أواندلاعها.

وبالمقابل، تشهد مدينة عدرا العمالية أعمالاً عسكرية بعد توافد أعداد من المسحلين إليها، وتعد هذه المنطقة مقراً لتجمع كم كبير من المشتقات النفطية التي تغذي دمشق والمنطقة الجنوبية سواء من الغاز أو البنزين، فضلاً عن تعرض أحد خزانات البنزين الضخمة مؤخراً لقذيفة هاون ما أدى لاشتعاله وخروجه من الخدمة. ولكن مع ذلك تؤكد الجهات الرسمية أن الطريق ليس السبب..

المادة لم تنقطع !!

كانت "وزارة النفط" بينت بداية الشهر الحالي، أن مادتي المازوت والبنزين لم تنقطعا عن مدينة دمشق منذ إغلاق الطريق، حيث يتم توزيع بشكل ثابت نحو 600 ألف ليتر بنزين، و800 ألف ليتر مازوت يومياً موزعة على جميع محطات دمشق، علماً بأن المخزون الاحتياطي المتوافر في محافظة دمشق من مادة البنزين هو 808.100 ليتر في المحطات الخاصة والحكومية، و583400 ليتر مازوت في المحطات الخاصة والحكومية، و1.500.000 ليتر مازوت في الخزانات الاحتياطية في بوابة الميدان، و160.000 ليتر تترك في مراكز التوزيع الثلاثة "الميدان وبرزة ودمر"، أي إن مجموع الاحتياطي من مادة المازوت يبلغ 2260000 ليتر ..

وفي ظل هذه الأرقام الموثقة حكومياً يجوز التساؤل بقوة.. من أين تولد الطوابير، ولماذا تقف السيارات بانتظار البنزين لمدة تتراوح في دمشق بين ساعتين إلى 6 ساعات، وفي محافظة السويداء تقف السيارات في طوابير البنزين لمدة 24 ساعة في بعض الأحيان.. رأي الحكومة غريب في هذه المسألة فهي تلوم "روع المواطنين" وحرصهم الزائد.!!

خوف الناس فاقم الوضع "الممتاز"!!

ومن جانبه صرح مدير محروقات دمشق سهيل نخلة إن " إجمالي الكميات التي استهلكتها دمشق من مادتي البنزين والمازوت بشكل يومي 1.4 مليون ليتر".

وأضاف إن "الازدحام الموجود على محطات البنزين، لايعود بشكل رئيسي لنقص المادة، فكميات البنزين التي تصل دمشق شبه ثابتة مع صعوبات النقل والاحوال الجوية التي كانت سائدة، ولكن تخوف المواطنين من انقطاع المادة والضغط الشديد من قبل معظم السائقين لتعبئة أي نقص موجود في السيارة، يؤدي لازدحامات كبيرة والمطلوب تفهم الوضع الموجود والتعامل معه بعقلانية، ولدينا دائما عدة بدائل لتأمين المادة".

وبين نخلة إنه "بنظرة على نسب تنفيذ طلبات البنزين والمازوت في الاشهر الماضية مع العام الماضي، نجد ارتفاعا في شهر أيلول بنسبة 46% والمازوت 92% ، وفي شهر تشرين أول الماضي بلغت الزيادة 33% لمادة المازوت و22% لمادة البنزين".  حيث يبلغ استهلاك سورية من البنزين يومياً نحو 7 ملايين ليتر، أي نحو 2.5 مليار ليتر سنوياً، و توفر الحكومة عند رفع سعر اللتر الواحد 5 ليرات نحو 12.5 مليار ل.س.

نشاط السوق السوداء..

لا بد أن الحلقة المفرغة التي أصبح كل السوريين على دراية بها، هي "السوق السوداء" فإذا ما كانت الظروف الأمنية المتوترة لا تسبب بحسب الحكومة إعاقة جدية في إيصال المحروقات إلى دمشق ومنها المنطقة الجنوبية ككل، والمادة متوفرة مع مخزونها، وبالتأكيد فإن "رؤية" الحكومة في مسألة تشكل الطوابير غير موضوعية فخوف المواطنين من نقص مادة البنزين لا يسبب أزمة تستمر لمدة تفوق الشهرين، بل ردة فعل أغلب المواطنين هو بإيقاف سياراتهم وانتظار حل الأزمة..لذلك فإن الطوابير تتشكل نتيجة تسريب المادة إلى السوق السوداء كالعادة، فالظاهرة المرافقة لكل أزمة محروقات، هي فرط نشاط (السوق السوداء) لمادتي البنزين والمازوت، التي تزيد استياء المواطنين جراء توفر المواد فيها وفقدانها في المحطات العامة والخاصة، إذ يبدأ تجار (السوداء) باستغلال حاجة الناس للتزود بالوقود ويعرضونه بأسعار مضاعفة، وبالطبع تبرير الحكومة للأزمة بلوم المواطنين هو تغافل مقصود عن هؤلاء..

ويصل سعر ليتر المازوت المباع في (السوق السوداء) إلى 150 ل.س، فيما لا يتجاوز سعره الرسمي 61 ل.س، أما تنكة النبزين فوصل سعرها إلى 4 آلاف ليرة سورية بدلاً من ألفي ليرة وذلك بعد الارتفاع الأخير والثالث خلال عام 2013 في سعر المادة، حيث تم رفع سعر ليتر البنزين بداية من 55 إلى 65 ليرة، ثم إلى 80 ليرة، وبعدها إلى 100 ليرة سورية.

آخر تعديل على الثلاثاء, 31 كانون1/ديسمبر 2013 21:04