حراك.. «عَ الماشي»!

لم يعد الشأن السياسي بعيداً عن «عاديّات» الحياة اليومية للناس في دمشق، فالحديث الذي يبدأ عند البقال لا ينتهي بعبارة «خليها علينا» التي قد يقولها الحلاق بصدق هذه الأيام، وكل ذلك لأن الحراك يملأ الهواء بزخمه المتصاعد في معظم أحياء العاصمة، بما فيها تلك التي لم تشهد بعد بعينها معنى الحراك.

الأحاديث عادةً تبدأ بعد إبداء الدهشة حيال انقطاع نوع من أنواع الدخّان المهرب، أو بالإشارة إلى شكوى يعبر عنها موظف جراء ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية، أو حتى بشكوى منقولة عن أحد الأقارب في محافظة أخرى حول صعوبة الحصول على قدر كاف من المازوت لتسيير شؤون النقل، وأياً كانت شعلة الحديث لابد أنه سيفضي إلى تفاصيل تتعلق بالحراك الشعبي، ثم إلى نوايا الإصلاح ومدى جدية السير فيه، مروراً بالمحسوبيات وغياب العدالة اللتين أدتا دورهما في تأجيج الاحتجاجات إلى جانب أسباب أخرى.. وربما يطال الحديث «العواينية» أو «العراعرة» تبعاً لزاوية النظر بطبيعة الحال.

في النهاية، إنه الحراك الذي يعزّز الإحساس بالانتماء الوطني والتآخي وحتى المحبة- إن رغب بعضنا بتوصيف المشاعر-، فسواء أكان الشخص من الموالاة أم من المعارضة لابد وأن له رأياً يقوله.. فيا مرحباً بالنقاش طالما أن الجميع مدرك لأهمية ما يحمله الحراك في مضامينه من رغبات لرمي الواقع المشوب بالفساد والنهب إلى»مزبلة التاريخ«، وبناء واقع أكثر ملاقاة لتطلعات الناس وهمومهم، ولاسيما أن الناس باتوا ينظرون إلى حراكهم»  النقاشي السريع« في الدكاكين على أنه حصتهم من الشأن السياسي الذي أصبح جزءاً هاماً من قوتهم اليومي، يعبُرون به ويعبُر بهم «عَ الماشي».. بعد جوع دام قرابة خمسة عقود!.

حقّاً يصحّ القول»: شدّي حيلك يا بلد، الحرية بتتولد«!.